*حلقات أعدها: على العمري - أحمد العمري 4/3
تأسرك لمجرد السماع عنها أُطلق عليها لقب الساحرة جمعت الخضرة والماء في أروع اللوحات الجمالية تصدرت القائمة كأجمل منطقة سياحية وأثرية فريدة في البناء والانتاج الزراعي المتنوع ووفرة المياه من عيونها المتدفقة طوال العام ولكل منطقة من مناطق الاصطياف خاصيتها المميزة لجذب المصطافين والسياح إليها ابتداء من التميّز الطبيعي في المناخ والطقس المعتدل وانتهاء بتوفير الخدمات الرئيسة وقرية ذي عين التي تم اختيارها بعد رؤية وجولة قام بها الأمين العام للهيئة العليا للسياحة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان حيث أُقرت هذه القرية الأثرية كأول وافضل قرية سياحية بالمملكة وقد امتازت ذي عين بموقعها الفريد بين تهامة والسراة إلى اسفل الطريق المؤدي من الباحة إلى المخواة ويستمتع بمشاهدتها عن بعد مما يجبرك على زيارتها، يسكن هذه القرية قديما إحدى القبائل التابعة لقبيلة بني عمر الأشاعيب ومن خلال الشرح القادم نستعرض هذه القرية وقبيلة بني عمر الاشاعيب.
شلالات العين ومزارع الموز تجذبان السياح من خارج المنطقة
الموقع
جاءت الطريق المؤدية من الباحة إلى محافظة المخواة والمسماة بعقبة الباحة لتمر من أمام هذه القرية مما زاد هذه الطريق جمالا فهي تقع جنوب غربي الباحة على بعد (24) كم عبر عقبة الباحة على يمين الطريق المتجه إلى المخواة التي تبعد عنها حوالي (20) كم وكذلك فهي تقع إلى الشرق من وادي راش شمال المخواة بمسيرة خمس ساعات للماشي وهي في ربوة مرتفعة وبنيت على هذا الارتفاع الحصون من الحجر التي صممت على الطراز القديم وقام ببنائها القدماء وتأتي عين الماء التي تموّن هذه القرية من الخلف لتأتي الزراعة أمام هذه الحصون ويمكن للمشاهد من بُعد أن يتخيل كل ذلك كما أن سهولة الوصول إلى قرية ذي عين زاد من الإقبال عليها حيث إنها تبعد عن الطريق الرئيسي بين الباحة والمخواة مسافة قصيرة جدا يمكن قطعها سيرا بالاقدام في زمن يقل عن ربع الساعة وكذلك عدم وعورة الطريق وسفلتتها ومدخل القرية جميعها أشياء تميز موقعها.
المناخ
يختلف الوضع تماماً داخل قرية ذي عين عن غيرها من القرى المجاورة فخصوبة الأرض والتربة وتدفق المياه على مدار الساعة والأشجار الكبيرة والمنتشرة على محيط القرية جعلها تتميز بمناخها فعندما تكون في داخل القرية حتى وإن كان في اشتداد الحرارة صيفاً فإن النسمات العليلة مع أصوات المياه وأصوات الاشجار التي تحركها الرياح تغير هذه الأجواء الحارة، شديدة الحرارة صيفا إلى دافىء وممطر شتاء حيث تبعد ذي عين عن نقطة تهامة قرابة (20) كم لذلك فهي تختلف نوعا ما وليس بالفرق الملحوظ وكما ذكرنا سابقا فإن هذه القرية تختلف أجواؤها الداخلية عن الخارجية وظلال أشجارها لها دور كذلك.
السكان
لأنها أثرية فحتى أهلها وسكانها لا يقبلون إزالة هذه الاثار واستبدالها بمنشآت عمرانية أو مساكن لهم في موقع مساكنهم القديمة فالجميع اتفق على الحفاظ عليها كما هي ومن الطبيعي ان يتركوا هذه المساكن والحصون ليسكنوا غيرها مع الاحتفاظ بملكيتها بينما يزاولون الزراعة في مزارعهم فأصبحت هذه القرية مهجورة من السكان وتم الاكتفاء بالزوار والسياح ليستمتعوا بأخذ جولة كاملة داخل القرية وحصونها وفي الجهة المقابلة لقرية ذي عين من طريق عقبة الباحة اتخذ السكان مقراً جديداً لهم حيث نقلوا مساكنهم إلى هذا الموقع مستطيعين من خلاله مواكبة التطور العمراني بإنشاء مساكن تتماشى مع الحضارة التي تشهدها المنطقة وليس هناك عدد محدد لابناء هذه القرية وذلك بسبب انتشارهم في مدن المملكة هم وأبناؤهم سعيا وراء طلب المعيشة والتجارة والوظائف أو اكمال دراستهم في الكليات والجامعات وهذا شأن القرى والهجر جميعها وأهالي قرية ذي عين هم من قبائل بني عمر الأشاعيب ويطلق
عليهم لقب العُمري بضم العين.
تاريخ ذي عين
يعود تاريخ هذه القرية وسبب التسمية إلى مئات السنين حيث يقدر عمر هذه القرية بمايزيد عن أربعمائة سنة وقد سكن هذه القرية عدة أجيال خلال هذه السنين واشتهرت منذ القدم بزراعتها وحصونها والتناسق الطبيعي وجمال الخضرة والحصون المبنية أعلى منها وأما عن هذه العين والقصص التي يتداولها الناس فهي كثيرة واشبه بالاساطير.
الزراعة
رغم أن الزراعة في تهامة الباحة تراجعت كثيرا لعدة اسباب أهمها قلة المياه ويليها التحاق اهلها بالوظائف والتعليم وغيرها إلا ان قرية ذي عين مازالت متمسكة بالزراعة ويقوم على زراعتها أهل القرية أنفسهم بل بالعكس فالزراعة تطورت الى الافضل وذلك في ظل وجود المياه المتدفقة باستمرار حيث يملك هذه المزارع بتتابع الأجيال عدد كبير من الملاك إلا أنها مقسمة بينهم بمساحات صغيرة وهناك نظام مميز لري هذه المزارع بالتساوي فالماء يروي هذه المزارع لمدة أربع وعشرين ساعة وقد قسم الماء بينهم بحيث يروي كل منهم مزرعته مرتين بالاسبوع حتى يكتفي ولمدة محددة ثم يقوم بتحويل الماء الى جاره وهكذا حتى ينتهي الأخير ويبدأ التوزيع من جديد أما عن المحاصيل الزراعية فهذه القرية مختلفة تماما وذلك لوفرة الماء وزيادة خصوبة التربة فعلى العكس مع بقية المنطقة فهم يزرعون الفواكه المختلفة وخصوصا الموز الذي يزرع فيها بكثرة كذلك الكادي والريحان واشتهرت القرية بزراعة نوع فريد من الموز حيث يباع امام القرية وبلغ سعر الكيلو من الموز عشرة ريالات وهناك إقبال كبير عليه من السياح وأهل المنطقة.
الحصون مبانٍ أثرية
اشتهرت كذلك ذي عين بحصونها العالية والأثرية التي بنيت على قمة الجبل وتتألف من طابقين الى سبعة طوابق وتم استخدام الحجارة في بنائها وهي مسقوفة بأشجار العرعر التي نقلت إليها من الغابات المجاورة وزينت شرفاتها بأحجار المرو (الكوارتز) على شكل مثلثات متراصة، كما يوجد بها بعض الحصون الدفاعية القديمة لحمايتها من الغارات أو لأغراض المراقبة قديما وقد ظهرت هذه المنازل والحصون المبنية بالاحجار في طرازها التقليدي القديم بشكل يجذب المتعة عند تأمل الشكل الخارجي الأمر الذي يدفع المشاهد المتأمل من متذوقي ذلك الطراز المعماري القديم إلى الولوج إلى داخل هذه الحصون المهجورة التي يندرج تاريخها إلى مئات السنين ولكنها أصبحت خطرا كونها مفتوحة الأبواب فقد أصبحت مأوى للحشرات والدواب والهوام الخطيرة وذلك على مرتاديها بوضعها الراهن غير أن هناك بعض الصيانة التي تجرى لها دون المساس بتغيير شكلها التاريخي ولأنها سقفت من الأشجار فقد أنهارت بعض أسقفها ولانها لها قيمتها السياحية كونها أهم المعالم الأثرية فينبغي الحفاظ عليها بصورة أفضل بحيث لا تسبب الخطر على الزوار.
السياحة والزوار
تمتلك منطقة الباحة بصفة عامة مقومات طبيعية تؤهلها لأن تصبح واحدة من أفضل مناطق الجذب السياحي بالمملكة ولكل منطقة من مناطق الاصطياف خاصيتها المميزة لجذب السياح ابتداء من المناخ إلى توفر الخدمات وقرية ذي عين التي توفرت فيها كل الشروط والمقومات أصبحت كأفضل قرية سياحية في المملكة وتحظى قرية ذي عين بالنصيب الأكبر من الزوار حيث تشهد القرية تدفقا كبيرا على مدار الساعة وشوهد العديد من المصطافين يلتقطون الصور التذكارية بجوار مباني القرية ومزارع الموز وقد التقينا بعض الزوار هناك من مناطق المملكة المختلفة وكذلك من سكان الباحة والسراة وتهامة فيقول محمد سعيد حامد من سكان تهامة: أعتقد ان الحديث حول منطقة الباحة كاملة أو بالاخص قرية ذي عين فيما يخص السياحة لا يكفي فمهما حاولنا الشرح والتصوير للقارىء فلا نستطيع إيصال الصورة كاملة فلابد من المشاهدة الطبيعية فقرية ذي عين تجذبك بمجرد مشاهدتها عن بعد حتى ولو لم تسمع عنها وعن زيارته قال: عندما تتجول داخل المزارع وتشاهد الاشجار التي تغطي كامل المساحة يشدك أصوات الطيور وخرير الماء الأمر الذي يجبرك على تتبع جريان وتدفق المياه هذا خلاف الاستمتاع بمشاهدة التراث والحصون والمباني الأثرية أما أحمد خيران فيقول الأجمل هنا في قرية ذي عين ان الطبيعة تلعب دوراً أولياً فعند مشاهدة العين التي تضخ الماء إلى المزارع تشعر بالاستمتاع وانت ترى سريان هذه المياه بدون انقطاع وبما اني أحب هذه المنطقة فكثيرا ما آتي إلى هنا أنا وأسرتي حيث إنه توجد المواقع الكثيرة هنا التي تحافظ على خصوصية العائلة وكذلك لا ننسى الاحترام لجميع السياح والزوار من قبل أهالي وسكان المنطقة وأما العم خاتم سعيد وهو أحد المولعين بهذه القرية فيقول: كانت هذه القرية منذ القدم أحد معالم المنطقة والتي يضرب بها المثل في الجمال والروعة والآن أصبحت رمزاً يشار اليه ولا نستطيع ان نصف الطبيعة التي بداخلها وقد اعتدنا زيارتها بين فترة وأخرى ونستمتع كثيرا بالمنتجات الزراعية الموجودة بها حيث انها تشتهر بزراعة الموز الذي ليس له مثيل في الشكل والطعم ونقوم بشرائه رغم أن سعر الكيلو عشرة ريالات ولكننا عندما نأتي إلى هنا لا نفكر في ارتفاع السعر مع الراحة النفسية التي نشعر بها.. ويضيف الشيخ محمد ملان قائلاً: لقد خص الله سبحانه وتعالى هذه المنطقة عن غيرها من المناطق بجمال طبيعي ولو ان هناك مختصين عملوا على تصميم مثل هذه القرية لا اعتقد أنهم يستطيعون فعل مثلها أياً كانت الإمكانيات وقد لعب المناخ هنا دورا هاما لاستقطاب الزوار وعند التجول في داخل القرية تعطي رائحة الاشجار انطباعا آخر لا سيما ان من اهم الزراعات زراعة الريحان والكادي وغيرها من الاشجار العطرة.
|