قال الرسول صلى الله عليه وسلم:(تزوجوا الولود الودود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة)، وقال الله تعالى في الذكر الحكيم {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ}.
فهذه دلالة صريحة وواضحة لا تدع مجالاً للشك او حتى للتأويل الاولاد تعهد الله برزقهم، وتكاثر النسل مدعاة لفخر الرسول عليه الصلاة والسلام بأمته يوم الحاقة، فماذا حدث لنا؟ ولماذا يأتي منا من يقول :إننا نحتكم الى نظريات واجتهادات فقهية لا تقيم للواقع، وما زلنا نتشبث بحرفية بعض النصوص غير عابئين بمدى ملائمتها لاوضاعنا القائمة كما ورد في يوم الاحد 14-2 للاخ محمد آل شيخ - هداه الله.
فأقول بعد الاستعانة بالله: انك يا أخ محمد تكتب عبر جريدة لها وزنها ومنتشرة بشكل كبير ويقرؤها الكثير من الناس على مختلف مستوياتهم وثقافاتهم ،لعلك تراجع بعض ما تكتب وتتقي الله في أمانة القلم الذي استؤمنت عليه.
لقد ورد في مقالك(وجدت اننا في مواجهة هذه المعضلة التي تحث ركابها مسرعة الينا نحتكم الى نظريات واجتهادات فقهية لا تقيم للواقع، ناهيك عن مصلحة البلاد والعباد وما زلنا نتشبث بحرفية بعض النصوص غير عابئين بمدى ملائمتها لاوضاعنا القائمة)
مثل هذا الرأي قد يفهم منه انك ترفض النصوص الشرعية والاجتهادات الفقهية - لا سمح الله - لعدم ملائمتها لاوضاعنا، رغم أن احدى مزايا الثقافة الإسلامية شموليتها وصلاحها لكل زمان ومكان، ثم لماذا هذا الحماس لعمل المرأة.
أما تنظيم النسل - ارشدك الله- فأنت لم تأت بجديد، فقد سبقك اليه الإسلام، منذ نزول القرآن وردت آية صريحة تشير الى التنظيم وذلك لحرص الإسلام على صحة المرأة ومولودها، وأهمية حاجته الى الرعاية النفسية والجسمية والصحية، ولكن اذا كنت تدعو الى التنظيم بتحديد النسل بحجة عمل المرأة، فقد خالفت الشرع من جهة مباهاة الرسول بالتكاثر بأمته، وعدم قتل الاولاد خشية الاملاق، والله أعلم
أما قولك:ان نتعامل مع هذه القضية بطريقة غير مباشرة اذا تعذر علينا مواجهتها بطريقة مباشرة مثل الآخرين، لعلك تقصد بعض الدول التي حددت النسل كالصين مثلاً، فهي تدفع الآن الاثار السلبية لهذا النظام، من الانغلاق على الذات والشعور بالوحدة القاتلة في الاسرة الواحدة، والانقراض جزئياً بما يسمى الاخوال والاعمام، وهم الآن يدرسون التراجع عن هذا القرار؟!!
أما قولك: اننا في النهاية نستطيع التوفيق بين عمل المرأة وبين الشروط الدينية فقد جانبت الصواب اذا خرجت المرأة للعمل للضرورة او لحاجة مجتمعية لا ينفع فيها إلا المرأة، او حتى لحاجة نفسية معنوية لذات المرأة فمرحبا وسهلا.
ولكن اذا انتفت المحاذير الدينية، فالمجتمع في غنى عن عملها والمصلحة العامة تقتضي المصلحة الخاصة، وإذا كنا نشكو ارتفاع معدلات البطالة، فعمل المرأة يسهم في زيادتها بطريقة غير مباشرة لان هنالك وظائف تشغلها المرأة الرجل أحق بها منها لكونه المسؤول عن المهر والنفقة كقاعدة عامة بصرف النظر عن الاستثناءات، ولان المرأة لا تعاني بطالة مطلقاً اذا لم يتوافر لها العمل فهي كربة منزل لا يقل من شأنها وشخصيتها بل هو مدعاة للفخر والعزة وشرف عظيم لها تقصر دونه الكثير من همم الرجال، لما تقتضيه التربية والتنشئة من وعي وحلم وجهاد فبقاء الشاب بدون عمل يعد نقصاً وعيباً في رجولته ومكانته، والتجربة اثبتت ان الرجال برعوا حتى في تخصصات نسائية كالطبخ والخياطة، فكيف الحال بمجالات صناعية وتقنية؟!
كان الاولى بالاخ محمد - بارك الله فيه - ان يطرح حلولا تخفف من أعباء المرأة العاملة ما بعد الولادة الى اجازة طويلة تتعدى السنتين بدون مرتب لتتفرغ لرعاية وليدها لما للسنوات الاولى من أهمية في تنشئة شخصية الطفل بدلا من تركه لعاملة
ولتحل محلها أخرى تستفيد من الناحية المالية هذه المدة وبذلك نكون قد أصبنا عصفورين بحجر واحد، وخاصة أن الكثيرات يتمنين مثل تلك المرونة في القرارات .. اليس كذلك أخي محمد؟
وفي الختام أحب ان اوضح نقطة مهمة هي ان دولاً كثيرة عدد سكانها أضعاف أضعاف سكان المملكة وعمل المرأة فيها محدود ومع ذلك تعد من الدول المنتجة صناعياً، كاليابان والصين.
ولكن هكذا نحن دائماً نلتفت الى القشور التي بدأت ترفضها مجتمعاتهم كنتيجة حتمية لتأثرهم من وخزها على حياتهم ونحاول الرجوع الى ما نرفضه اليوم.
سارة السلطان |