قبل أن يَسْتكمِل مراسم الاستقبال الرسمي لسموه الكريم بعد عودته إلى أرض الوطن من مهمات وطنية رسمية متعددة لبعض الدول الشقيقة والصديقة وبتوجيهات من خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز - حفظه الله - توجه صاحب السمو الملكي ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء، ورئيس الحرس الوطني، الأمير عبدالله بن عبدالعزيز على الفور إلى المستشفيات الصحية لزيارة الأبطال الذين يتلقون علاجهم في مدينة الملك عبدالعزيز الطبية بالحرس الوطني وتقديم العزاء لأسرة شهيد الواجب الوطني الجندي الشجاع بالدوريات الأمنية (غدير القحطاني) في عملية (الفيحاء) الإجرامية الآثمة من الفئة الضالة في مجتمعنا الآمن وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض في مركز القيادات الأمنية والتحكم يتابع بكل عناية واهتمام الجهود التي تبذل والقوات التي تُنشر والمعلومات التي تُجمع لمتابعة ومطاردة عصابات الإجرام والضلال في جحورهم المظلمة وخرائب مواقعهم المعتمة وفي الأودية والشعاب ومن على قمم الجبال الشاهقة ومغاراتها الموحشة (وعلى الطرف الآخر من هذا المسلسل الإجرامي الرهيب وعلى وجه السرعة استقل صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف نائب وزير الداخلية للشؤون الأمنية الطائرة إلى القصيم لمشاركة صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز أمير منطقة القصيم وأعيان وأهالي المنطقة في الصلاة وتشييع جنائز شهداء الواجب الوطني الأربعة في مركز (أم سدره) وهم: النقيب طلال بن عبدالرحمن المانع، ووكيل الرقيب جار الله بن علي الجار الله، ووكيل الرقيب تركي بن محمد العتبي، والعريف سالم بن رشيد الموسى، وتقديم العزاء لأسرهم وذويهم، والرفع من معنوياتهم، وتقديم العون والمساعدة لهم للخروج من مأساتهم ومصابهم الجلل، وهذا شيء تعارف عليه الجميع، وهو التزام أدبي، وأخلاقي، وإنساني رفيع اعتدنا عليه من مختلف القيادات العليا في الدولة، وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك فهد أيده الله بنصره
والمَشَاهِد التي تابعها الموطنون في جميع أنحاء المملكة، من خلال القنوات الفضائية، والصور التي بثها التلفزيون السعودي، وسمو الأمير عبدالله يتجول في غرف المرضى ويسلم على المصابين، ويصافحهم، ويقبلهم فرداً فرداً، ويسأل عن صحتهم، ويوصي برعايتهم، والعناية بهم، ويشكرهم على بطولاتهم وشجاعتهم في الدفاع عن الدين والوطن والأمة
وهناك في القصيم صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بمشاركة مؤثرة من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف نائب وزير الداخلية للشؤون الأمنية، يتنقل من منزل إلى منزل، ومن عائلة إلى أخرى، يواسي ويعزي، يقبل الكبير، ويحتضن الصغير، يُؤكد لهؤلاء وأولئك أنهم يُحسون بنفس الأحاسيس ويتألمون بنفس الألم غير أن قضاء الله لا مفر منه، وأن أبناءهم - إن شاء الله - شهداء عند ربهم يرزقون، وشرف عظيم لهم ولأسرهم، هذا الاستشهاد، وتلك الشجاعة والبطولات، التي سجلها لهم التاريخ، على صفحات من نور، ويوصي بتحقيق كل ما من شأنه التخفيف عن هؤلاء المكلومين، وقضاء حاجاتهم
وفي المقابل يتسابق المواطنون، وأولياء الأمور إلى التعبير عن فخرهم واعتزازهم باستشهاد أبنائهم، وفلذات أكبادهم، في خدمة الدين والدولة والوطن، ويقدمون الخلف من الأبناء عن السلف من الآباء الشهداء، وكلهم صدق وإخلاص وولاء، لإيمانهم العميق بواجبات الدفاع عن الأمة، وعن العقيدة، وعن الوطن وعن قناعة تامة بأن هؤلاء القتلة المجرمين سيجدون العقاب الشديد في الدنيا والآخرة وأن عيون الأمن الساهرة ستطولهم في جحورهم إن طال الزمن أو قصر
إن تلك المشاهد والصور التي رأيناها وعشنا معها ساعات ثقيلة محزنة في ألم وحزن شديد إلا أنها في الحقيقة والواقع، وبعيداً عن العواطف والمشاعر مُعبِّرا أصدق تعبير عن تلاحم الأمة وتماسك أفرادها حكاما ومحكومين مسؤولين رسميين، ومواطنين عاديين رجالا ونساءً كباراً وصغاراً تحت قيادتهم الرشيدة للدفاع عن العقيدة التي كرمنا الله بها، وعن الإسلام الذي شرفنا به وكلفنا بنشره وعن المبادئ والقيم والأخلاق العربية الأصيلة التي توارثناها جيلا بعد جيل وعلى مدى أربعة عشر قرناً من الزمان وستظل هذه الأمة بقيادتها الراشدة على أرض المقدسات، ومهبط الوحي، ومنبع الرسالات مجاهدة صامدة صابرة كما صبر أولو العزم من الرسل من أولهم حتى آخرهم محمد بن عبدالله عليه أفضل الصلوات وأتم التسليم
وكما قلت في أكثر من طرح : إن ما يحدث من تلك الفئة الضالة شيء لا يصدقه العقل ولا يستوعبه الفكر وإنني والله لأخشى أن يكون وراء الأكمة ما وراءها وأن هذا المجتمع التقي النقي قد تم اختراقه من قبل أعداء الإسلام والمسلمين وأعداء هذه الأمة بالتحديد لأن ما يحدث من أعمال وأفعال إجرامية لا يمثل الانحرافات الفكرية فقط بل يمثل هجمة شرسة شريرة يقصد بها تمزيق هذه الأمة وانشغالها عن تأدية رسالتها السامية لأنها تمثل الإسلام الحق وتمثل الحضارة الإسلامية الخالدة وتمثل القلعة الحصينة وتمثل الدفاع القوي عن العرب والمسلمين
في شتى بقاع الأرض فعلينا الحذر وعلينا الانتباه وعلينا مراقبة ومتابعة أبنائنا وتوجيه النصح والمشورة إليهم وتكثيف الندوات، والحوارات عن حقيقة الإسلام وسماحته وتفسير النصوص التي يجهل الشباب مضامينها وأهدافها الحقيقية والصحيحة مما يؤخذ منها بالظواهر التي تقود إلى اعتناق المفاهيم الخاطئة والسلوكيات الشاذة التي نعاني اليوم من آثارها وهذا نصحي، وتلك رؤيتي، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب، وحسبنا الله ونعم الوكيل
|