Wednesday 21st April,200411528العددالاربعاء 2 ,ربيع الاول 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

بسلاح أمريكي بسلاح أمريكي
د.إبراهيم بن صالح العمر

اغتيل الدكتور عبدالعزيز الرنتيسي ومن قبله الشيخ أحمد ياسين رحمهما الله ومن قبلهما شعب بأكمله بصواريخ وطائرات الأباتشي الأمريكية على مرأى ومسمع من ضمير عالمٍ يعيش حالة غفوة وغفلة تجاه قضايانا العادلة.
هذه الغفوة بل هذه الغفلة ليست غريبة على من فهم كنه الصراعات الدولية ذات المنشأ العقدي كالصراع على أرض فلسطين الذي لم يكن مرده ضعفاً في عدالة القضية أو قوة في الآلة الإعلامية الغربية أو نفوذاً للدوائر الغربية المعنية بقدر ماهو الصوت الضعيف للغتنا وخطابنا السياسي والإعلامي.
هل يمكن تصور أن تمر جريمة أو إرهاب في العالم الآخر كمثل ما يحدث من عمليات إرهابية إسرائيلية دون تتبع للسلسلة التنفيذية لتلك العمليات دون محاسبة بل مناقشة وطرح إعلامي؟
هل يمكن تصور أن تمر جريمة قتل الزعماء السياسيين كالرنتيسي والشيخ ياسين دون البحث والتقصي عن المشاركين والمشتركين في هذه الجرائم؟
قتلوا جميعاً بدم بارد بطائرات وصواريخ أمريكية المنشأ والصنع والتوجيه، ويقيناً بعلم مسبق من الإدارة الأمريكية تؤيده التبريرات الرسمية لجريمة اغتيال الشيخ ياسين التي أدينت من الجميع سوى الإدارتين الصهيونية والمتصهينة ويؤكده الفيتو الأمريكي المعترض حتى على إدانتها التي إدانتها محل إجماع الجميع.
هذه الحقيقة التي ترد على استحياء في ثنايا خطابنا الإعلامي دون السياسي هي التي يجب أن تنبني عليها استراتيجيتنا الإعلامية مستقبلاً لنمنح لرد الفعل زخمه المؤثر في قضايانا الدولية، خاصة قضية فلسطين.
إن مجرد توجيه الإدانة والهجوم لشارون وزمرته لن يؤثر البتة على مسار القضية إذ إن تاريخ الإرهابي الدولي شارون وقادته ومرؤوسيه مليء بما هو أشد من مقتل الشيخ المقعد ياسين المؤسس لحماس وخلفه الرنتيسي القائد السياسي لها.
كما أن آخر ما تفكر فيه قيادة الكيان الصهيوني بشارون أو بغيره النظر الى الاعتبارات والقوانين الدولية من احترام لحقوق المدنيين أو انصياع وإذعان للاتفاقيات الأممية.
من هنا فإن فاعلية خطابنا الداخلي والدولي ستبقى محدودة إذا اقتصر توجيه الإدانة للإرهابي شارون وزمرته بدلاً من أن يتجه لحبل المدد والتأييد والدعم غير المحدود لجرائم الكيان الصهيوني من قبل قادة ومؤسسات الولايات المتحدة الأمريكية الحكومي منه وغير الحكومي.
بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر وجهت تلك المؤسسات حملتها الشرسة والمركزة على المملكة العربية السعودية حكومة وشعباً وعلى كل شيء يمكن أن يشتم منه إمكانية استفادة الموسومين بالارهاب منه بغض النظر عن التحقق في مصداقية الرابط من عدمه استتبع بإغلاق أو تحجيم عدد غير قليل من هيئات ومنظمات الدعوة والإغاثة العالمية داخل الولايات المتحدة الأمريكية وخارجها خاصة السعودي منها، كما تم تعقب كل المؤسسات الخيرية الإسلامية في جميع أنحاء العالم والتفتيش والتنقيب في حساباتها علََ سنتات منها ذهبت الى غير الوجهة التي تريد المؤسسة لتكون مبرراً للإغلاق ثم التحقيق والإدانة في سابقة تاريخية لم تكن معهودة من قبل، كما زج بالمئات في السجون ليواجهوا رحمة الجلاد بعرضهم على محاكم خاصة دون المستوى المقبول دولياً من الأدلة لمثل هذه التهم ناهيك عما يحدث داخل هذه السجون.
ليس هذا فحسب بل طالت الحملة المسماة بالحملة على الإرهاب أساليب حياتنا اليومية وعلاقاتنا الأسرية والاجتماعية ومناهجنا الدراسية، ناهيك عن مؤسساتنا وسياساتنا الوطنية ذات الشأن الداخلي البحت بحجة إزالة الأسباب الدافعة والداعمة لاستهداف الولايات المتحدة الأمريكية بالحرب والعداء.
أليس حرياً بنا استغلال امكاناتنا الكبيرة في سلوك النهج نفسه للدفاع عن قضايانا وأمتنا، وهل يوجد إرهاب أكبر من القتل اليومي للمدنيين وهدم منازلهم وتجريف أراضيهم والاستيلاء عليها بقوة السلاح.
وهل يوجد دعم للإرهاب أكبر من تقديم المساعدات والسلاح من قبل الإدارة الأمريكية لتستخدم في الإرهاب وقتل المدنيين بصورة مباشرة أم هل تقديم المال والمساعدة للأرامل والأيتام والمشردين والمعوزين ودعم جهود الدعوة في العالم أشد جرماً في قانون اليوم مما تفعله إسرائيل؟
ما الذي يدعو لأن يكون العمل الإغاثي غير التنصيري دعماً للإرهاب بينما قتل المسنين والأطفال في مصلياتهم ومشافيهم ومنازلهم دفاع عن النفس؟
أليس حرياً بالسياسي والإعلامي أياً كان أن يوجه سهامه صوب قاعدة الدعم لإرهاب الدولة المتمثل بالدعم غير المحدود للولايات المتحدة الأمريكية لدولة إسرائيل؟
إن من الواجب على الكتاب والساسة والإعلاميين بدلاً من إضاعة الوقت في نقد إسرائيل والهجوم عليها وهي الدولة التي منحها مؤسسها بن غوريون الحِلََ من أي قيود أو التزامات دولية أن تتوجه جهودهم نحو رأس الأفعى الراعي الرسمي والشعبي للإرهاب الإسرائيلي.
إنه بحق لا توجد دولة في العالم المعاصر تدعم الإرهاب كما تفعله الولايات المتحدة الأمريكية بدعمها غير المحدود لإسرائيل تقديماً للأسلحة المستخدمة في قتل المدنيين أو دفاعاً عنها في المحافل الدولية.
حيث إن الولايات المتحدة الأمريكية ليست كدولة إسرائيل (مع استثناء الخلفية التاريخية لنشأتها) لا تسعى لاستعداء العالم بقدر سعيها لبسط نفوذها مما يجعلها ذات مصالح طويلة الأجل في مناطق العالم الإسلامي فإن مثل هذه الحملة ستكون مفيدة على المدى المنظور كمرآة ينظر بها الأمريكي لصورته كما هي، مع أنها ستحول الأنظار إلى كنه الصراع مع الغرب وستعين على تفهم الأمريكيين العاديين لأسباب الغضب لدى الجماهير الإسلامية لكل ما هو أمريكي.
هذه المهمة تمثل تحدياً إعلامياً يستوجب المبادرة والتعجيل لفك الخناق والخروج عن دائرة الإعلام الدفاعي إلى عالم الإبداع الإعلامي مستثمرين إمكانيات آفاق العولمة الإعلامية وحق الصوت في نقل صوت الحق لمريديه أينما كانوا في أرجاء البسيطة خصوصاً لممتلكي القرار الانتخابي لراعية الإرهاب الإسرائيلي علنا نكون في مستوى الحدث أو على الأقل في مستوى الظاهرة الصوتية التي تقهقرنا عن ركوب مجدها أمام الآلة الإعلامية والسياسية الغربية رغم التطورات الكبيرة في إعلامنا والإمكانات الهائلة غير المستثمرة المدعومة بعدالة القضية ونبل المقصد وسمو الهدف.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved