منازل مهدّمة، سيارات معطّلة، محلات تجارية مقفلة، معاناة جيزانية لا تنقطع مع السيول سنوياً، هدم وغرق، خوف وقلق، أُسر بكاملها تصبح بلا بيوت، رجال ونساء، يذهبون ضحايا السيول الجارفة، أطفال جائعون، نساء يتعرضن لمخاطر التنقل في هذه الحالة لحماية أطفالهن والبحث عن غذائهم.
حالة نقلتها الصحف المحلية مدعومة بالصورة، مناشدة من بعض الصحفيين للمساعدة، وإنقاذ المتضررين.
كل ذلك يحدث في جازان، وكثير من الناس لم يكد يشعر به.
تؤكد التحقيقات الصحفية عن الحالة أن جهوداً قد بُذلت من بعض الجهات الحكومية ولكن الجهد المبذول لا يغطي الحاجة الملحّة.
أين نحن من دراسة دقيقة لهذه الحالة المتكررة كل عام؟ وأين اللجان المخصّصة لهذا الغرض من الجهات الحكومية المعنية؟ وأين دور رجال الأعمال، وأصحاب الأموال من هذه الأحوال؟
مواسم الأمطار مواسم خير وبركة نحمد الله ونشكره عليها ونسأله المزيد من فضله، فإن تلك الإيقاعات التي نسمعها حينما تنهمر الأمطار وتعانق قطراتها الثرى هي أجمل إيقاعات تسمعها الأذن، وإن تلك الرائحة الزكيّة التي يفوح شذاها حينما يتم العناق بين الغيث والتراب هي أجمل عطر يشمه الإنسان، ولكن هذا الجمال الأخّاذ يظل بعيداً عن إحساس تلك الأُسر التي لا تجد ما يحميها من السيول الجارفة، ولا تفرح بما يفرح به الناس من نزول الغيث.
إنّ وصف حالة آثار السيول في جازان يُوحي بأنَّ هنالك تقصيراً في المتابعة والمواكبة، وعدم إحساس من كثير من الناس بصعوبة الحالة التي نقلتها التحقيقات الصحفية نقلاً واضحاً جعلنا نتذكر آثار الفيضانات في بنجلادش وغيرها من الدول التي تتعرض للفيضانات والسيول الجارفة.
يصف بعض الصحفيين حالة نساء خرجن من غير حجابهن لأن جوع أطفالهن قد أخرجهن عن الطوق فأصبحن يبحثن عن الطعام لأولئك الصّغار الذين يتضوّرون جوعاً وخوفاً من السيول وهَلَعاً.
كما يصفون حالة الصراع والحرب بين أهالي القرى المنكوبة من أجل الحصول على الإغاثة الغذائية التي لم تكن كافية لتغطية الحاجة.
ونحن لا نشك في حرص الجميع على المساعدة، ونؤمن أن هنالك جهوداً رسمية وغير رسمية بُذلت وتُبذل، ولكن الواقع يؤكد أن ذلك كله لا يفي بالحاجة، وأن انعدام التخطيط والدراسة جعل الحالة المأساوية أكبر من الجهود المبذولة.
حينما استصرخني عدد ممن اتصل بي لإيصال آرائهم إلى القارئ الكريم، وإلى أصحاب المسؤولية ورجال الأعمال كانوا يؤكدون أن المسألة بحاجة إلى تشكيل لجان من الوزارات المعنية بهذه الأمور للدراسة والتخطيط السليم لمواجهة آثار السيول التي تحدث كل عام، وها أنذا أوجّه هذا النداء وأنا على يقين من الاستجابة في بلد الخير والتكاتف.
إشارة:
ما رأيكم يا رجال الأعمال وأصحاب الأموال في هذا؟
|