* صنعاء - عوض خليفة - أ.ش.أ:
يبحث خبراء ومسئولون من ثلاث وعشرين دولة إلى جانب وفود عدد من المنظمات الدولية اليوم الأربعاء خلال المؤتمر الإقليمي للطاقة المتجددة لدول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا السبل الكفيلة بالنهوض بمصادر الطاقة المتجددة في أعقاب التوقعات الخاصة بنضوب احتياطي العالم من البترول والغاز خلال الخمسين عاماً القادمة إذا استمرت معدلات الاستهلاك بمستوياتها الحالية ومن أجل الحصول على بديل نظيف للطاقة لا يضر بالبيئة.
ويأتي انعقاد المؤتمر الإقليمي للطاقة المتجددة لدول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على مدى يومين في العاصمة اليمنية صنعاء بالتعاون مع الحكومة الألمانية في إطار الاستعدادات لعقد المؤتمر الدولي للطاقة المتجددة في مدينة بون مطلع يونيو القادم.
ويأمل المشاركون أن يعزز المؤتمر التعاون بين الدول العربية في مجال السياسات والتمويل ونقل التكنولوجيا في مجالي الطاقة والبيئة وتهيئة الفرص للاتفاق حول قضايا البيئية ودعم مشروعات الطاقة المتجددة وإصدار قرارات حاسمة تتعلق باستخدام تكنولوجيا الطاقة المتجددة.
ويناقش المؤتمر وسائل تنمية مصادر الطاقة واستعراض التجارب الوطنية في مصر واليمن والجزائر وغيرها من دول المنطقة وبحث موضوع التعاون عبر البحر الأبيض المتوسط في مجال الطاقة المتجددة ومبادرة سوق الطاقة الشمسية وإمكانية إنشاء إدارة لقاعدة المعلومات الإقليمية وتطورات استخدام الطاقة المتجددة عام 2004م.
وأشارت دراسة طرحت على مؤتمر وزراء الطاقة العرب السابع بالقاهرة في مايو 2002 إلى أن الدول العربية التي تمتلك 61 %من احتياطي البترول العالمي و25 % من احتياطي الغاز تحتاج إلى 84 مليار دولار لتمويل مشروعات الغاز والبترول بها حتى عام 2006 موعد انعقاد المؤتمر الثامن لوزراء الطاقة العرب.
وأضافت الدراسة أن العالم العربي يحتاج أيضا إلى نحو 21 مليار دولار لزيادة قدرة إنتاج البترول العربي و7 مليارات دولار لتكريره و36 مليار دولار لإنتاج الغاز و20 مليار دولار للمشروعات البتروكيماوية يحدث ذلك في ظل عجز البنوك العربية عن المشاركة في تمويل مشروعات الطاقة الباهظة التكاليف.
وينصح الباحثون بضرورة عدم اقتصار العرب على الاعتماد على الثروات المحققة من الغاز والبترول واللجوء إلى إجراء الإصلاحات السياسية والإدارية والاقتصادية اللازمة لجذب التمويل الخاص لتنويع مصادر الدخل وتحرير وإعادة هيكلة قطاع توليد الطاقة لحفز القطاع الخاص على تمويل محطات جديدة لمواجهة الطلب المتزايد على الطاقة بسبب عمليات التصنيع والنمو السكاني السريع.
ويستند الخبراء في توقعاتهم الخاصة باحتمالات نضوب احتياطي البترول والغاز في العالم إلى لجوء الدول النامية إلى زيادة استهلاكها منهما خاصة في آسيا والشرق الأقصى وأمريكا اللاتينية في إطار سعيها لتحقيق مستويات معيشية عالية لسكانها حيث تشير التوقعات إلى أن الطلب على الطاقة في الهند والصين سوف يتضاعف أربع مرات خلال السنوات الخمس عشرة القادمة مع احتمالات بمضاعفة استهلاك دول العالم النامي بشكل عام بحلول عام 2010.
ويرى الباحثون أن ندرة البترول سوف تؤدي إلى زيادة تكاليف استخراجه مما يقلل المعروض منه في السوق العالمي خاصة في الفترة بين عامي 2007 و2014 في الوقت الذي أشارت فيه وكالة الطاقة الذرية الدولية إلى أن استهلاك البترول والغاز سوف يرتفع بنسبة 49 % عام 2010 عمّا كان عليه في عام 1990م.
وتشير التقديرات إلى أن العالم استهلك 765 مليار برميل من البترول حتى الآن من إجمالي الاحتياطي الذي يتراوح بين 1800 - 2300 مليار برميل وفي ضوء هذه الحقائق كان لا بد من البحث عن مصادر بديلة للطاقة تغني عن الاعتماد على البترول والغاز وتقي العالم شر أزمة كتلك التي شهدها في منتصف السبعينات الماضية بعد أن تجاوز سعر برميل البترول في ذلك الوقت أربعين دولاراً.
وعمدت الولايات المتحدة وبعض الحكومات إلى تخصيص ميزانيات خاصة باستغلال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في الوقت الذي قام فيه البنك الدولي بتمويل برامج ضخمة في مجال الطاقة الكهرومائية في عدد من الدول النامية. وأصيب الحماس لمصادر الطاقة المتجددة بالفتور مع زوال أزمة الطاقة في الثمانينات وتراجع سعر برميل البترول وتبدد اهتمام الحكومة الأمريكية بالطاقة المتجددة إلى حد إقدام الرئيس الأمريكي رونالد ريجان على إزالة أطباق الطاقة الشمسية التي كان قد نصبها سلفه الرئيس كارتر فوق سطح البيت الأبيض. ولم تمض فترة طويلة حتى انتعش الاهتمام مرة أخرى بالطاقة المتجددة مع إدراك محدودية احتياطي البترول والغاز وتأثير الأمطار الحمضية على البيئة والتهديد الذي يمثله ارتفاع درجة حرارة الكون، حيث يعتزم الاتحاد الأوروبي زيادة نسبة إسهام الطاقة المتجددة في توليد الكهرباء إلى 22 % بحلول عام 2010 مقابل 14 % عام 1997.
ورغم لجوء بعض الدول إلى الاستخدام السلمي للطاقة النووية كمصدر بديل لتوليد الطاقة الكهربائية ولإيجاد حل لمشكلة انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون وخفض الاعتماد على البترول والغاز إلا أن هذا الاتجاه حمل في طياته مخاطر تمثلت في سوء استخدام الطاقة النووية وظهور مشكلة التخلص من نفاياتها إضافة إلى احتمالات تعرض المفاعلات النووية لمخاطر الانفجار، كما حدث مع مفاعل تشيرنوبيل في روسيا في الثمانينات الماضية.
ومع ذلك فقد وجد البعض في الطاقة النووية حلاً مؤقتاً لمشكلة الطاقة بآثارها الضارة على البشرية على المدى البعيد رغم أنها لا تدخل ضمن عناصر الطاقة المتجددة انطلاقاً من التقديرات التي تشير إلى أن احتياطي العالم من اليورانيوم محدود والتوقعات الخاصة بنضوبه في غضون سنوات قليلة.
واحتلت الطاقة الشمسية مكان الصدارة على قائمة مصادر الطاقة المتجددة التي يعلق عليها الباحثون آمالا كبيرة لتعويض نقص البترول والغاز، حيث تتوقع شركات الطاقة العملاقة مثل (شل) البريطانية أن تهيمن الطاقة المتجددة (خاصة الطاقة الشمسية) على سوق الإنتاج العالمي من الطاقة بحلول عام 2025 .
|