Wednesday 21st April,200411528العددالاربعاء 2 ,ربيع الاول 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

د. سامي المهنا في (العالم بعيون أمريكية - الأوراق السرية للبيت الأبيض والبنتاجون) وتداعيات حرب الخليج الثانية د. سامي المهنا في (العالم بعيون أمريكية - الأوراق السرية للبيت الأبيض والبنتاجون) وتداعيات حرب الخليج الثانية

الكشف عن الالتباس الذي انطوت عليه التطورات التي سبقت وتخللت الحرب على العراق وانتهت باحتلاله.. وفض الاشتباك بين حالة الغموض والأهداف لم يكن أمراً يسيراً.
بيد أننا أمام لحظة تحول تاريخية من نظام عالمي قديم بكل آلياته التي نظمت وحكمت هذا النظام، إلى نظام عالمي جديد يفرض آليات جديدة حالياً على أرض الواقع بالقوة العسكرية التي بدأت بالهبوط في أفغانستان ثم العراق، ولا نعرف أين ستتوقف؟
وبقدر ما كان الاتجاه نحو إحداث التحول بالقوة العسكرية قاسياً ومحبطاً لآمال العديدين إلا أنه لم يكن مفاجئاً بمعنى ما.
ولأن أحداً إلا ويشعر بأن ما جرى في العالم وما يجري بالمنطقة سيضع العالم العربي أمام علامات استفهام كبيرة، وان مرارة ما يجري قد نالت من آماله وطموحاته حول مستقبل بلاده، فإن كتاب (العالم بعيون أمريكية.. الأوراق السرية للبيت الأبيض والبنتاجون) الذي صدر عن دار المريخ للنشر واستقبلته المكتبة العربية تأليف الدكتور سامي المهنا، يعد أحدث الكتب العربية التي دخلت إلى ساحة تفسير وفهم ما جرى وسيجري في تلك المنطقة من العالم.
ولقد كان واضحاً منذ البداية أن رأي الكاتب يستند إلى القراءة الجارية للتطورات في المنطقة والتي تقوم على أن الغزو الأمريكي البريطاني يعتبر نقطة تحول مهمة 'وحداً فاصلاً للأنظمة العربية وشعوبها'.
إن المشهد السياسي العربي بدا أكثر تعقيداً، وينطوي على حالة من الغموض والعديد من التفسيرات التي تباينت حول تحديد المهام، المغزى والهدف، في قراءة الأحداث. ومن هنا فإن الكشف عن حالة الغموض هذه كانت من أولى المهام التي كرس لها المؤلف نفسه؛ إذ حدد أن هناك ثلاثة نتائج مهمة لما حدث:
أولاً: إن ما حدث لصالح إسرائيل بالدرجة الأولى؛ فقد تخلصت من الخطر الذي كان يلوح به النظام العراقي.
ثانياً: إن هناك سيفاً مسلطاً على رقاب الأنظمة العربية، والخوف من أن ينال بعض الأنظمة ما نالته دولة العراق نفسها؛ حيث تلعب الولايات المتحدة بورقة (الإرهاب) مع سوريا وإيران، ولي ذراع اليمن وليبيا، والتلويح بالغزو لأي نظام عربي أو إسلامي، تجعلنا نؤكد على أن التبعية لأمريكا وصلت إلى أعلى درجاتها، وأن بعض الدول العربية جاهزة لتنفيذ (منفستو) هذه التبعية ولو على حساب مصالح شعوبها على حد تعبير المؤلف.
وأما النتيجة الثالثة فتتعلق بفترة السماح من الولايات المتحدة للدول العربية بامتلاك أساليب القوة، ومدى قدرتها المسلحة، ومدى امتلاك هذه القوات لأسلحة غير تقليدية ومتطورة.
على أن الكاتب رأى أن أخطر القرارات في مستقبل العالم العربي، وفي علاقته مع الولايات المتحدة بعد الغزو، أن أمريكا تخطط لتجعل بعض الأنظمة العربية الحارس الأمين والشرطي المطيع لضرب الحركات الفدائية التي تصنفها أمريكا حالياً بأنها حركات إرهابية.
وينتهي المؤلف في رصده للنتائج إلى القول بأن أخطر القرارات وآخرها فيما يتعلق بمستقبل العالم العربي هو أن الولايات المتحدة تخطط لوضع كل أو معظم الدخل القومي للدول العربية في بطون رجال المال الأمريكان، لافتاً إلى أن الدليل هو مشروع الشراكة الأمريكية الشرق أوسطية الذي طرحه الرئيس بوش والذي ينتهي عام 2010م.
وفق هذه الخطوط الرئيسية التي قدمها المؤلف د. سامي المهنا بدا الشرق الأوسط من خلال القراءة العميقة وكأنه (ساحة مفتوحة للغاوي) أن يدخل ويدلي بدلوه، ولكن من خلال حارس البوابة الأصلي ومالك مفاتيحها الولايات المتحدة.
وبقدر ما كانت الدوافع والأسباب والرغبة وراء غزو المنطقة من خلال العراق (واتخاذها كمنصة إطلاق) مبررة من وجهة نظر الولايات المتحدة وصانعي القرار الأمريكي، إلا أنها بدت كاذبة ومضللة وبعيدة عن الحقيقة من قبل أصحاب المنطقة وإن اشترك معهم بعض أعضاء المعسكر الغربي لبعض الوقت وليس كله؛ لأنهم لم يتمكنوا من كبح الجموح الأمريكي الذي جاوز الآفاق.
ورغم كل التفسيرات حول متى تم اتخاذ قرار غزو العراق، إلا أن الكاتب بدا واضحاً في تحديد ذلك من خلال رصد عملية التفاعل التي جرت في الإدارة الأمريكية لبلورة عملية الغزو، وذلك من خلال وثيقة مهمة ساق خلالها تفاصيل ما دار في اجتماع لأركان البيت الأبيض لاتخاذ القرار قبل أحداث 11 سبتمبر.
لقد أصبح مبدأ العصا لمَن عصى، ومن هنا فإن هذه الحرب تأتي -وفق رأي المؤلف سامي المهنا- في سياق استراتيجية (الحرب الوقائية) أو (الاستباقية) التي استنَّتها الإدارة الأمريكية لتكرس بذلك النهج العسكري الذي لا يمنعه قانون ولا يوقفه شيء.. إنها شريعة الغاب التي أصبحت القانون المعتمد.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved