Wednesday 21st April,200411528العددالاربعاء 2 ,ربيع الاول 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

علي العمير في مجموعته الكاملة عن (النقد الأدبي): علي العمير في مجموعته الكاملة عن (النقد الأدبي):
(المشاغب) سخر من (أدب الشيوخ) وانتقد أحمد شوقي قبل خمس وأربعين سنة
طالب الأكاديميين بالنزول من أبراجهم العاجية والمشاركة في الحياة الثقافية

* الثقافة - علي سعد القحطاني:
بيّن الأستاذ علي بن محمد العمير أن بعض الزملاء والقراء يأخذون عليه ما يمارسه أحياناً في كتاباته المتواضعة من سخرية شديدة، أو بعض قسوة وخاصة في النقد الأدبي والاجتماعي أيضاً، ونفى تلك المآخذ وقال : وذلك رغم علم معظمهم برقتي وبساطتي، ومصداقيتي سواء في التعامل أو في كتاباتي الكثيرة التي فيها من اللين والنعومة أكثر مما يجب.. هذا ما جاء في مقدمة كتابه (مجموعة اللفحات في النقد الأدبي) التي تحتوي على مجموعة كتب متوسطة الحجم سبق طبعها ونشرها، ونفادها ما بين 1402 - 1406هـ وقد رأى المؤلف بعد مضي 16 عاماً أن يجمعها في مجلد واحد وقد صدرت من نادي جازان الأدبي.
التناقض
ويعجب أصدقاء العمير من تناقض هذا المشاغب الذي يجمع بين القسوة والسخرية وبين بساطته وعفويته ورقته وكل ما في الأمر - كما يقول المؤلف - أن نوعية الموضوع الذي يتناوله أو يكتب عنه هو الذي يستوجب السخرية أو الشدة أو اللين أو البساطة أو الثناء أيضاً، وذلك ما تثبته كتاباته وهي دائماً منذ أكثر من أربعة عقود تحت أنظار القراء، ولكنهم - كما هو الحال في أشياء كثيرة - ينسون جانب اللين، وهو الأكثر ولا يذكرون غير السخرية.. أو ما يعتبرونه (قسوة شديدة) وليس ينكر ذلك حيث ان بعض موضوعاته تثير الحنق والغيظ والغضب فتكون حينئذ السخرية، والقسوة.
السخرية والتراث
ويعرّج بنا الأستاذ علي بن محمد العمير إلى التراث ليسلط الضوء من خلاله على بوادر النقد فيه حيث يقول:
وليست قسوة الأسلوب بدعاً في الكتابة - منذ أقدم القدم إلى الآن - بل هي موجودة مبثوثة في كتب الأدب العربي، شعره، ونثره، ونقده، قديمه وحديثه.
وكلنا نعرف ما يوجد من ذلك في أمهات الكتب التراثية الأدبية، وغيرها من كتب السابقين، واللاحقين من أئمة الأدب أو قممه الشامخة.
وقد اشتهر بها الكثير من فطاحل الشعراء، وبعض نقادهم.. أو (شراح) دواوينهم، والروايات المتداولة عنهم، بل حتى الخلفاء الذين كان بعضهم على جانب كبير من دقة النظر في الشعر بخاصة مثل (عبدالملك بن مروان)، أو (معاوية بن أبي سفيان)، أو غيرهما سواء من الخلفاء أنفسهم..أو من الأكابر - كانوا يقسون بشدة في نقدهم.. أو ملاحظاتهم الغاية في الدقة، وفي القسوة أيضاً!!
ولا ننسى أن (الهجاء) في الشعر العربي أشد، وأفحش بكثير جداً من أية قسوة في النقد الأدبي أو غيره من الموضوعات، ورغم ذلك نعجب به أو بمعظمه، وهو مسألة مستقلة في الشعر العربي.
ولست أعني بذلك موافقتي على هتك أعراض الناس.. أو شدة تحقيرهم.. أو الحط من أقدارهم.. بل أقصد بما أشرت إليه من الإعجاب بشعر الهجاء الناحية الفنية، والشاعرية.. وليس غير ذلك!! حيث لكل إنسان حرمته التي لا يجوز تجاوزها إلا إذا كان ذلك في حدود معقولة.. ولا ننسى - بالمناسبة - أن (عمر بن الخطاب) - رضي الله عنه - كان يشتري أعراض الناس من فُحَشَاء الهجّائيين الشعراء.
الولع بالسخرية
ويعود ولع الأستاذ العمير إلى السخرية والقسوة في النقد الأدبي إلى زمن بعيد حيث يقول:
إن ولعي بالسخرية أو القسوة في النقد الأدبي، وغيره.. لا حد له - وذلك منذ زمن بعيد - حيث قرأت الكثير جداً لأساطين الأدباء الساخرين، والقساة من النقاد الكبار.. وأكاد أعرفهم جميعاً تقريباً منذ (الجاحظ) إلى أحدث الساخرين في عصرنا - من عرب، وغير عرب - ولعل الأكثر قسوة الأستاذ (مصطفى صادق الرافعي) وخاصة في كتابه (على السِّفُّود) أو كتابه (تحت راية القرآن)، أما أكثرهم سخرية شديدة فهو - على ما أذكر الآن - الأستاذ الكبير أيضاً (مارون عبود) في جميع كتبه.. وغيرهما.. وغيرهما!!
ومن ثم كان من الطبيعي أن أتأثر بذلك خلال (45 عاماً) من قراءاتي.. وكانت نتيجة تأثري وولعي أن أتعاطى كتابة الأدب، أو النقد الساخر القاسي منذ بداياتي في الكتابة.
وقد أكثرت من ذلك - ولا أزال - حتى اشتهرت به، كما خضت معارك أدبية كثيرة شديدة مشحونة - في معظمها - بالسخرية اللاذعة.. بل الحارقة أحياناً حسب نوعية المعركة، وخاصة إذا قوبلت بجهل فاضح.. أو مغالطات مكشوفة.. أو تجهيلي في حقائق ثابتة لا تقبل الجدل.. أو ما إلى ذلك من تعالٍ.. أو تعالم غير صحيح.. أو نحو ذلك من خروج عن الموضوع.. إلخ.
البدايات
ولستُ أذكر كيف نشأ هذا الميل عندي إلى السخرية منذ بداياتي، وحتى قبل أن أقرأ عن ذلك شيئاً يذكر.
وكل ما أعرفه أنني بطبيعتي أميل إلى السخرية حتى في أحاديثي العادية، وغير العادية منذ نشأتي.
ومن عجب أن أول مقال لي كان نقداً ساخراً شديداً لبيتين من الشعر لأمير الشعراء (أحمد شوقي) نفسه!!
وقد نشر المقال بعناية واضحة في مجلة (المنهل) التي لا يمكن أن تنشر نقداً باطلاً.. أو غير دقيق وخاصة لمثل (شوقي)، وخاصة أيضاً أن أستاذنا الجليل الشيخ (عبد القدوس الأنصاري) يقرأ بنفسه جميع موضوعات المجلة، ولا يمكن أن يجيز نشر أي موضوع لا يليق بمكانته الكبيرة.. أو مكانة مجلته المحسوبة عليه.
ولذلك كانت فرحتي لا حد لها حيث نشر المقال دون أدنى تعديل.. أو حذف حرف منه..
وقد شجعني ذلك كثيراً.. فواصلت الكتابة دون وجل.. حيث فتح لي أستاذنا (عبد الفتاح أبو مدين) صدر مجلته (الرائد) أنشر فيها ما أشاء.. وكان ذلك أخذاً قوياً بيدي، وبخاصة تبنيه لسخريتي الشديدة، وعنف هجماتي.. لم يكن يحذف حرفاً واحداً دون مبالاة بتعريض نفسه لعتب أو غضب من أهاجمهم، وأسخر منهم بشدة، وكلهم من كبار أدبائنا، ومنهم أو معظمهم من أصدقائه.. بل بعضهم من أعز أصدقائه.. ولكنه كان مشهوراً بشجاعته في النشر، لا يبالي، ولا يلوي على شيء!! ودون اعتبار لصغر سني.. أو كوني ما زلت ناشئاً!!
أدب الشيوخ
وقد قمت - مع قلة من زملائي الشباب - بمعركة ضارية واسعة النطاق ضد ما أسميناه (أدب الشيوخ) ونقصد التقليد البحت، والنمطية وعدم التطلع إلى الجديد الذي كان متدفقاً، وبخاصة في مصر حيث برزت نهضة أدبية عارمة.. متعددة التيارات التجديدية المستمرة المتلاحقة، والمتلائمة مع روح العصر.
وكنت- دون فخر - أكثر زملائي إمعاناً في ذلك وإسرافاً فيه مع شدة سخرية وصلت إلى وصفي لمكانة كبار الأدباء الشيوخ عندنا ب(الوثنية) و(الصمنية) وما إلى ذلك من صفات شديدة القسوة، دون مراعاة السن حيث لا أرى وجوبها في النقد الأدبي بالذات!!
عبد السلام الساسي
وكان آخر مقال مطول شديد العنف في هذه المعركة الطويلة الساخنة هو مقالي عن أدب الأستاذ (عبد السلام الساسي) - رحمه الله - وكان يمثل - في رأيي - خلاصة لمفاهيم الأدباء الشيوخ بكل ما فيه من انغلاق، ورفض لأي جديد فجاءت فجأة صدفة مناسبة ( لا أذكرها الآن) دفعتني لكتابة مقال مطول هجمت فيه على الأستاذ الساسي هجمة شديدة مصحوبة بسخرية مريرة.
وكان الأستاذ (عبد الفتاح أبو مدين) غائباً غيبة دامت عدة أشهر.. وقد أناب عنه في (الرائد) أخي الدكتور (عبد الله مناع) فلما وصله مقالي عن الساسي اعتذر عن نشره لعنفه.. ولكن أبقاه ضمن مواد المجلة.
وقد مضت عدة أشهر.. نسيت خلالها المقال.
ولكن ما إن عاد الأستاذ (أبو مدين) حتى فوجئت بالمقال منشوراً بكامله دون أدنى حذف أو تعديل وهنا قامت قيامة الساسي، حيث غضب كثيراً فهاجمني بشدة، ولكن لم أبال به.. ولا رددت عليه حيث كان ما كتبه غير ذي موضوع. . بل مجرد هذيان غاضب!!
الصراع مع الأكاديميين
ودخل العمير في صراع ومناوشات أدبية مع الدفعة الأولى من الأكاديميين وطالبهم بالنزول من أبراجهم العاجية والمشاركة في الحياة الثقافة بدلاً من الانطواء والعزلة خلف الأسوار وقال:
استمرت - بعد ذلك - صلتي القوية بالنقد الأدبي الساخر، فكان ذلك من أهم أسباب دخولي في معارك أدبية عديدة مع كبار الأدباء، والأكاديميين في الداخل والخارج استخدمت فيها السخرية إلى أقصى مدى!!
ولكن ليس معنى ذلك أنني استخدمت السخرية في كل ما تناولته، وكتبته من نقد أدبي أوغيره حيث السخرية لها مجالها الذي يستدعيها بالضرورة!!
بل هناك موضوعات كثيرة لا مكان فيها للسخرية.. لذلك كتبت كثيراً دون سخرية - حتى في النقد- رغم أنني كنت - وما أزال - أعاني من اعتبار كتاباتي غير الساخرة غير كافية لجذب القراء الذين لا يتوقعون مني غير الكتابة الساخرة!! بل يطالبون بها دائماً.. بل إذا مضى بعض الوقت دون استخدامي للسخرية في كتاباتي يكون ذلك موضع استغراب شديد!!
وكنت قد ذكرت الأكاديميين.. فتذكرت معركة لي مع بعض أو دفعة من الأكاديميين.
وكان سببها من أغرب الأسباب، وأبعدها عن التوقع.. وما زلت على استغراب كبير من ذلك السبب العجيب، فقد حدث أن قام الصديق الأستاذ (علي النعمي) بكتابة مقال في اليمامة هاجم فيه الدكاترة من ناحية عدم اندماجهم مع الحركة الثقافية التي تنتظر منهم الكثير، و بخاصة من ناحية عدم مساهمتهم بالكتابة في الصحف والمجلات مما اعتبره سلبية ثقافية.
وكان معظم ما جاء في مقاله صحيحاً، غير أنه قسا عليهم قسوة شديدة غير مبررة.
فما كان مني غير أن كتبت - بسرعة - مقالاً أعتب فيه على الصديق (النعمي).. وأندد بقسوته التي أثارتني، والتي كانت غير مناسبة، ولا لزوم لها!!
فما أذهلني إلا وأنا أقرأ مقالاً في اليمامة بتوقيع الدكتور (أحمد الضبيب) يرد فيه على مقال (النعمي) ويهاجمه بعنف شديد، ويتعالى على جميع كتابنا (لم يكتب إلى الآن شيئاً يبرر تعاليه حينذاك)!!
ولكن المدهش جدا أنه أشركني معه بهجوم على شخصي بدلاً من شكري على دفاعي عنه وعن زملائه، فغضبت كثيراً من هذا الظلم الفادح القائم على أساس خاطئ تماماً.
معركة طريفة
ومن أطرف المعارك الأدبية التي خاضها العمير يرويها كما يلي قائلاً:
ومن أطرف أسباب معاركي الأدبية تلك المعركة الكبيرة الصارمة التي خضتها مع أستاذنا الناقد الكبير الدكتور (بدوي طبانة) الذي كانت تجمعني معه ندوة أستاذنا الرفاعي - رحمه الله.
وكنت قد كتبت - ذات مرة - مقالاً موثقاً بشدة عن (الزبير بن بكار) بأمر من شيخي الجاسر - رحمه الله - كما ذكرت في المقدمة.. وقد نشر المقال بعناية خاصة في مجلة (الفيصل).
وعندما كنت - بعد أيام قليلة من نشر البحث - في الندوة الرفاعية - وفيها أيضا (طبانة) مع غيرنا من رواد الندوة فوجئت بأستاذنا الرفاعي يخاطبني قائلاً:
لقد أعجبت كثيراً ببحثك عن (الزبير بن بكار) وأعجبني بخاصة توثيقك الشديد مما يدل على أنك بذلت جهداً واضحاً موفقاً.
فلم أكد أشكره على ذلك حتى فوجئت بالدكتور طبانة يقول لي بتعالٍ مفرط: وهل تعرف أنه - أي الزبير - قد مات، ودفن في مصر؟!
فغضبت من السؤال حيث أنا صاحب البحث الدقيق عن الزبير.. والمفروض أنه لا يمكن أن يفوتني متى مات، وفي أي مكان.. بل وأين دفن؟!
وقد أكدت في بحثي أنه مات، وهو على قضاء مكة المكرمة.. ودفن في مقبرة (المعلاة), وأضفت: لكن (طبانة) لا يعرف ذلك!! ولا يعرف الزبير نفسه!!
عبد الفتاح أبو مدين
ويشيد الأستاذ علي العمير بمدى رحابة صدر أبي مدين وتقبله للرأي الآخر حتى انه لم يسلم من لاذعات العمير وكتاباته العنيفة ومع ذلك فقد قام بنشرها وقال: ذكرت الأستاذ (عبد الفتاح أبو مدين) وتشجيعه لي، وأخذه بيدي، وفتحه صدر (الرائد) لكتاباتي العنيفة، وبالذات في معركة (أدب الشيوخ.. وأدب الشباب) على ما فيها من سخرية لاذعة، وقسوة شديدة.
فاتني أن أشير إلى أنني هاجمت الأستاذ (عبد الفتاح أبو مدين) نفسه - في مقال مطول - هجوماً شديداً متهماً إياه بالتعاطف مع شيوخ الأدب، وانحيازه لهم بعض الشيء.. الخ.
ولكني ذكرت بإنصاف أن تهمتي لم تنعكس على سير المعركة.. ولا على ما ينشر في (الرائد) من الفريقين.
وكان أساس تهمتي تلك الهجمة الشديدة للغاية في العنف، والقسوة.. وما لا يزيد عليه من هذا القبيل، والتي خصني بها أستاذنا الشيخ (محمود عارف) - رحمه الله - وقد كان والد الجميع، سواء بالنسبة لأسرة (الرائد) أو كتابها.. فضلاً عن تشجيعه الصادق للشباب.
ولكنه، وهو الرجل الوقور الهادئ خرج عن صوابه عندما غضب غضباً شديداً من عنفي، وقلة أدبي!! فأصلاني بمقال جهنمي.. لا أزال - إلى الآن - أشعر بحرقته!!
ورغم ذلك لم تسعفني جرأتي بمجرد التفكير في الرد عليه بيد أني - بعد ذلك ببعض وقت - فكرت في الهجوم على أستاذنا (أبو مدين) شخصياً - وأعترف الآن أنني لم أكن منصفاً في هجمتي الساخرة القاسية عليه.. فقد كانت هجمتي - في الحقيقة - تعتبر رداً غير مباشر على هجمة والدنا، الشيخ (محمود عارف).
الهجوم على أبو مدين
ولا تستغربوا قيام أستاذنا (أبو مدين) بنشر هجومي عليه دون أدنى حذف أو تعديل - كما هي عادته دائماًُ - فقد كانت شجاعته في النشر لا يوجد ما يدانيها. وذلك ما يعرفه جميع كتاب (الرائد) وغيرهم.. وقد كان أيضاً - بالمناسبة - ناقداً لاذعاً، قاسياً، عنيفاً.. لا يبالي بكبير أو صغير.
ولا يمكن أن أنسى - كمثال على ذلك - نقده الشديد لبعض شعر الشيخ الجليل (أحمد بن إبراهيم الغزاوي) - رحمه الله - وهو الذي كان لا يتجرأ إطلاقاً أي ناقد على مجرد الاقتراب أو التفكير في نقد شعره لمكانته الكبيرة جداً، وفحولته في شعره، وكونه (شاعر الملك) وهذه وحدها مكانة مهيبة جداً.
ورغم كل ذلك نقده (أبو مدين) كما لو كان أي شاعر آخر.. لا خشية، ولا رهبة.. ولا أي شيء من هذا القبيل.. بل كان لا يرى في نقده غير واجب النقد نفسه.. لا أكثر، ولا أقل!!
وأعترف الآن أنني أخذت منه (أبو مدين) الكثير من ذلك، وبخاصة من خلال نشره لكتابتي مهما كان فيها من سخرية.. فضلاً عن اقتدائي المباشر بما يكتبه شخصياً.
معركة مع أدونيس
وكانت آخر المعارك الأدبية كبيرة شديدة ساخرة قاسية كما يقول هي معركته الطويلة جداً مع الحداثة وبعض منظريها من أمثال يوسف الخال وأدونيس ومع ذلك ينصف الأخير ويلتمس فيه الثقافة الراقية التي استفاد منها ويقول:
كانت آخر معركة لي.. كبيرة، شديدة، ساخرة، قاسية هي معركتي الطويلة جداً مع (الحداثة) وبعض منظريها من أمثال (يوسف الخال)، و(أدونيس) وبقية العصبة المؤتفكة التي اتخذت من (بيروت) مقراً لها.
ونشرت بعض أنصارها، ومع بعض المتطوعين (المهابيل) في بعض أرجاء الوطن العربي وكنت أتابعهم منذ بداياتهم، وأقرأ لهم، وعنهم، وبخاصة في مجال التنظير الحداثي الذي يعتبر أهمها كتاب (الثابت والمتحول) لأدونيس، وهو أضخم كتاب في مجاله (ثلاثة مجلدات).. استخدم فيها أدونيس كل ما يملكه من قدرة هائلة على المغالطات، واللف والدوران بذكاء شديد جداً.
ولكن للإنصاف ليس كل الكتاب كذلك.. بل فيه ثقافة راقية استفدت منها.. بل استفدت أكثر من فهمه العميق لماهية التراث العربي ولكنه - رغم عمق فهمه لذلك - يتعمد أحياناً حجب بعض ما يترتب عليه فهمه ذاك.
بل هو لم يأتِ بفهمه للتراث إلا من أجل الوصول إلى تنظيره الحداثي، وتبريره بالحق أو بالباطل.. بل هو بالباطل أكثر منه التصاقاً، ولكنه - أي الكتاب - رغم كل شيء - قد أثار - وما زال ضجة كبرى جداً لدى المثقفين العرب معه.. أو ضده.. أو معه، وضده معاً، وفي آن واحد.
وعفواً لهذا الاستطراد المعتاد في كتاباتي.. وأعود إلى ذكر متابعاتي المستمرة لما يكتبه أعضاء العصابة إياها بزعامة (يوسف الخال) وهو - كما يعلم الجميع - من أشد أعداء العروبة، والإسلام.. يجهر بذلك.. بل يعتز به، ويواصله باستمرار في شعره المشحون بالكذب، والتلفيق، لا يتوارى.. أو يداري في خيانته وإنكاره الشديد لعروبته.. بل إعلان خجله منها!!
ولا يهتم بشيء - عدا ذلك - بغير تمجيد (الفينيقية) وفخره بالانتساب إليها.
ولا أستطيع اتهام مثله بالجهل، بل أؤكد علمه أن (الفينيقية) قد ذابت.. أو انصهرت نهائياً في العروبة، ولم يعد لها - منذ أكثر من ألف قرن - أدنى وجود.. بل هي أصلاً في الحقائق التاريخية غير بعيدة عن (العروبة) قبل صهرها عربياً.
ومن عجيب أن (يوسف الخال) لم يكتف بالتعلق بها.. بل بذل كل جهده في الدعوة إليها جنباً إلى جنب مع حقده، ودعوته المستمرة للحقد الشديد على العرب!!


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved