طالعتنا صحيفة (الوطن) السعودية في صفحتها الأولى يوم الثلاثاء الماضي بعنوان يقول (تشكيل لجان لمحاربة الدعارة في منطقة مكة المكرمة)، وفي الصفحة التاسعة تفصيل للعنوان تحت عنوان آخر يقول (تشكيل لجنة من 4 أجهزة حكومية للقضاء على فساد المقيمات بالطرق غير النظامية)، وذلك للحد من التجاوزات الأخلاقية في بعض المدن التابعة لمنطقة مكة المكرمة، عقب تزايد ضبط بعض المقيمات بطريقة غير نظامية في الأماكن العامة، وأن سمو أمير منطقة مكة المكرمة قد وجه باستمرار هذه اللجنة في تعقب ومراقبة المواقع المشبوهة التي تتردد عليها عادة هذه النوعية من النسوة، وأن على فرع وزارة التجارة في (محافظة جدة) متابعة الالتزام الجاد من مكاتب العقار بعدم التأجير للسعوديين أو الوافدين إلا بموجب الأوراق الثبوتية، مع تطبيق العقوبة في حدها الأقصى على المخالفين منهم، وينتهي الخبر بأنه قد تم تقسيم أحياء (محافظة جدة) إلى 4 مربعات تم إسناد كل منها إلى اللجنة المشار إليها مع مندوبين من أمانة جدة ووزارة الثقافة والإعلام.
من هنا يتضح حجم المفارقة في تقديم الخبر ما بين عنوان الغلاف المزعج واللافت للانتباه بشدة، وما بين العنوان الداخلي وتفاصيله، فالمشكلة - في حقيقتها - تتعلق ببعض الوافدات اللائي يقمن في (محافظة جدة) بطرق غير نظامية، ويرتكبون مخالفات متعددة قد يكون من بينها الدعارة.
وفي ظني أن القارئ للوهلة الأولى، وقبل أن يعود إلى تفاصيل الخبر في الداخل، قد يتصور أن بيوت الراية (الجاهلية) قد عادت من جديد إلى الظهور في أطهر بقعة شرفها الله - سبحانه وتعالى - بالرسول الخاتم - صلى الله عليه وسلم -، وبالرسالة التي بعث بها لهداية الناس أجمعين لا في مكة وحدها ولكن في كل بقاع الأرض، تلك الشريعة التي قضت - فيما قضت - على عادات وسلوكيات مشينة، من بينها الدعارة التي حرمتها الشريعة الإسلامية تحريما مغلظا، واعتبرت الزنا حدا من الكبائر يعاقب مقترفه (الثيب) بالإعدام رجما!
هذا ما دعاني إلى التنادي بالتعامل مع القرية المباركة - مع اعترافنا بأنها مجتمع بشري - بما يليق بها من الاحترام لمكانتها التي أسلفت عنها.
وهو الأمر الذي أرى أن عنوان الخبر المتصدر قد جافاه حين أطلق تهمة الدعارة مطلقة مبهمة الفاعل والمكان فلم يحدد أن الفئة المعنية - مثلا - ليست من أهل البلاد وأن نشاطها يتركز في (محافظة جدة) لا في مكة المكرمة. ولا أستطيع أن أقارن بين طريقة النشر هذه وبين مذهب درجت عليه صحف الإثارة في غير بلد عربي وغير عربي بالأسلوب ذاته، ذلك أني أحسن الظن بصحيفتنا الفتية، وأعتبرها مجرد كبوة غير مقصودة وجب تنبيه صحفنا وأقلامنا إليها في إطار تنبيه (الوطن) إلى حساسية التعامل الواجبة مع (مكة المكرمة) - المكان - لما حباها الله من فضل لم تحظ بقدره بقعة أخرى على وجه الأرض. هذا والله من وراء القصد.
|