منذ يومين وصلني شيك بمبلغ أربعمائة ريال مكافأة عن مقال نشر في مجلة شهرية أُرسل إلى عنواني السابق في الطائف المأنوس الذي مازلت احتفظ به حتى أتواصل مع من لم يصدق انتقالي إلى الرياض.
غادرت مكتبي التاسعة صباحاً متجهاً إلى فرع للبنك الصادر عنه الشيك لصرفه فوجدت ان من سبقني يمتد طابورهم حتى المدخل فتوجهت لفرع آخر كان المراجعون فيه اقل ولكن كان الصرافون الثلاثة غير سعوديين ولما تلفت أعبر بنظري زجاج المكاتب وجدت مواطنين قلة وغالبية من جنسيات مختلفة تلبسني حزن.. بنك وطني، وصراف أجنبي.
وحالة أخرى اعتدت ان أجد بائعاً أو بائعين سعوديين في سوق السمك بشمال الرياض ولكن في زيارتي الأخيرة لم اعثر على احد فبائعو السمك من شرق آسيا هم الباعة وهم من يحاسب المشتري وهم من يستقبله عند الباب وهم من يودعه ومراقب من جنسية عربية يجلس خلف مكتب يراقب بهدوء وسكينة الحركة وبين وقت وآخر يتبرع له احد العمال بكوب شاي.
الملاحظ ان سوق العمل لدينا يسيطر عليها الأجانب من عرب وجنسيات أخرى وهؤلاء حصيلة فتحنا باب الاستقدام على مصراعيه وفقدنا حساسية العمل لتوفر مصدر دخل بدون جهد يراه الآخر اتاوة لتسهيل حركته.
يحتاج المراقب إلى رسم صورة لسوق العمل وتقويم الحركة وأثرها المستقبلي على الحراك الاجتماعي وتقويم الاستجابات والتحديات والعمل على معالجة المشاكل وعلى الجهات المعنية إيجاد وقت للتأمل هل في مقدورها رتق الخروق التي اتسعت في سوق العمل حتى لم تسلم الوظائف الحكومية من تحايل قياديين لبقاء عمالة وافدة في اعمال عادية.
ومشاهد أخرى لا تحتاج إلى تعليق مكاتب الوزراء - المشافي - المدارس - إدارات الأماكن العسكرية - معهد الإدارة العامة - الجامعات - الخطوط السعودية هذه الجهات لا تحتاج إلى رقيب ولكن وهنا آه من لكن ليقف مسئول يشعر بالوطن أمام إحدى المؤسسات الحكومية ويراقب الداخلين لن يعدم وجود موظف وافد يملك القرار ويتوسط عند الحاجة.
نحن بحاجة إلى صياغة استراتيجية للوصول إلى الخلل ومعالجته.. كلنا يعرف ان الأنظمة تتطور ولكن عندنا تُجمد.. هذا فعل مدمر منذ أيام تحدثنا ثلة من الأدباء والكتاّب عن عودة عدد من المحررين غير السعوديين في الصحف ونشاطهم الاستثماري في المنافسة والرهان بتعدد المواضيع والقضايا التي يتولون طرحها.. قال احدهم هذا من أهداف هيئة الصحافة.. إنها أشياء صغيرة لكن مؤثرة تزرع الحزن وتنمي الإحباط.
* أديب قاص وشاعر |