كثيرا ما يضع اغتيال متكرر مثل اغتيال الشهيد - بإذن الله - عبدالعزيز الرنتيسي القيادات الفلسطينية في أوضاع انفعالية تبدو واضحة جدا في القنوات الفضائية، حيث القرارات الفورية واللغة الثائرة والآراء الفردية، في حين يمارس البطش الإسرائيلي أعماله - بداية - على الورق مدرجة حسب الزمن والنوع والأسلوب وشكل التنفيذ.
نحن أمام ثقافتين: الثقافة العربية - الفلسطينية التي تنمو استجابة لردود أفعال طارئة، والثقافة الإسرائيلية التي تنمو استجابة لأهداف طويلة الأمد، هذا يحتم علينا بعدا آخر من الفهم وشكلا آخر من القراءة يتيح للصمود الفلسطيني صمودا بهدف وليس صمودا بانفعال.
المفكر الفلسطيني الراحل إدوارد سعيد قرأ الثقافتين: الثقافة العربية والثقافة الغربية مخلفا وراءه رؤى ثرية في السياسة والفكر والثقافة حملتها مجموعة من كتبه أبرزها كتابه الشهير (الاستشراق) إضافة إلى مؤلفات مهمة أخرى مثل (الثقافة والامبريالية) و(مسألة فلسطين) و(السلام والسخط)، بشكل يضعنا فيه الدكتور سعيد أمام لحظة من لحظات التفكير تدفعنا لصناعة مشروعات الكفاح بوعي كامل بشرط العصر.
أيضا.. المفكر الإسلامي الدكتور عبدالوهاب المسيري أحد أبرز الذين قرأوا الثقافة الإسرائيلية سلوكا ونصا من خلال عدد من كتبه منها: (موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية) و(الصهيونية والحضارة الغربية الحديثة) حيث يؤكد الدكتور المسيري في أطروحاته ضرورة التفريق بين الخطاب الذي يحلل ويفسر وبين الخطاب الذي يعمد إلى التعبئة العاطفية ضد الصهيونية وضرورة التفريق أيضا بين (اليهودي) قديما وحديثا على اعتبار أن ذلك يعطينا رؤية معمقة للموقف وبعد نظر كاف لفهم عدونا.
سنظل بدون مشروع نضال واع، طالما أننا لم نقرأ جيدا مثل هذه الكتب ولم نشكل من قراءة الكتب أجيالا تعرف متى تقف أمام الدبابة الإسرائيلية ومتى تجلس على طاولة المفاوضات ومتى تضع هدفا مشتركا لكل الأطياف ومتى تناور ضد الضغط الغربي.
|