Monday 19th April,200411526العددالأثنين 29 ,صفر 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

بعد استفحال خطر مدعي النبوة بعد استفحال خطر مدعي النبوة
تولية أسامة بن زيد إمارة الجيش الإسلامي

في مثل هذا اليوم 29 صفر من عام 11 للهجرة، أمر الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) بتولية (أسامة بن زيد) إمارة الجيش الذي جهزه وكلفه بتأمين حدود شبه الجزيرة العربية من هجمات الروم، وأمده بكبار الصحابة من المهاجرين والأنصار، وكان أسامة حدثًا لم يتجاوز العشرين من عمره.
وبعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وسلم) كان أول أمر أصدره الخليفة (أبو بكر الصديق) بعد أن تمت له البيعة بالخلافة أن قال: (لِيُتَمَّ بعث أسامة).. وكان قرارًا صعبًا صدر في ظروف صعبة وحرجة؛ فالعرب قد ارتدّت عن الإسلام، واضطربت شبه الجزيرة العربية، واستفحل خطر مدَّعيي النبوة.
وقد سبق بعثة أسامة عدة حملات لتأمين الحدود الإسلامية من مداهمة الروم لها، ولم تختلف مهمة أسامة كثيرًا عن الحملات السابقة؛ فقد أمره (صلى الله عليه وسلم) أن يوطئ الخيل تخوم (البلقاء) و(الداروم) من أرض فلسطين، وأن يفاجئ العدو قبل أن يستعد لخوض المعركة.
وقد تحدث بعض الصحابة في شأن تولية أسامة قيادة جيش يضم كبار المهاجرين والأنصار من أمثال عمر بن الخطاب، وأبو عبيدة بن الجراح، وقتادة بن النعمان؛ فقالوا: يستعمل هذا الغلام على المهاجرين والأنصار؟ وبلغت هذه المقالة النبي (صلى الله عليه وسلم) وهو في مرضه الأخير، وجيش أسامة مقيم بالجَرْف خارج المدينة يتأهب للمسير، فغضب النبي (صلى الله عليه وسلم) وأمر نساءه أن يُرقن عليه الماء حتى تهدأ الحُمّى، ثم خرج إلى المسجد، وصعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد، أيها الناس، فما مقالة بلغتني عن بعضكم في تأميري أسامة؟ فوالله لئن طعنتم في إمارتي أسامة لقد طعنتم في إمارتي أباه من قبل، وأيم الله إن كان للإمارة لَخَلِيقٌ، وإن ابنه من بعده لخليقٌ بالإمارة.
إصرار أبي بكر على إرسال جيش أسامة
لم يتحرك جيش أسامة حتى وفاة النبي (صلى الله عليه وسلم) واشتعلت فتنة المرتدين، وأحدقت الأخطار بالمدينة، ورأى أسامة أن يؤجل خروج الجيش حتى تسكن الفتنة، وتهدأ الأوضاع ، وأفضى بهذا الرأي للخليفة أبي بكر الصديق، وعزر من هذا الرأي أن كثيرًا من الصحابة كانوا يؤيدونه؛ نظرًا لضرورة بقاء الجيش في المدينة، لحمايتها من المرتدين الذين يحيطون بها من كل جانب.
غير أن الصدّيق حين سمع هذا الرأي ثارت ثائرته، وقال: والذي نفس أبي بكر بيده، لو ظننت أن السباع تخطفتني لأنفذت بعث أسامة، كما أمر به رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ولو لم يبق في القرى غيري لأنفذته.
تحرُّك جيش أسامة
أذعن الجميع لأمر الخليفة الذي أصرّ على إنفاذ جيش أسامة، وخرج إلى المعسكر ليودع أسامة ماشيًا على قدميه في 1 ربيع الآخر 11 هـ، وأمسك بخطام البغلة التي يركبها أسامة، فأحس أسامة بالحرج، وهو يرى الشيخ الوقور صاحب رسول الله وخليفته على المسلمين يفعل هذا، فقال: يا خليفة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لتركَبَنَّ أو لأنزلنَّ. فقال أبو بكر: والله لا تنزل، ووالله لا أركب.. وما عليّ أن أغبّر قدمي ساعة في سبيل الله، ثم أوصاه بوصية جامعة توضح في جلاء آداب الحرب في الإسلام قال فيها:.. لا تخونوا، ولا تغلُّوا، ولا تغدروا، ولا تُمثِّلوا، ولا تقتلوا طفلاً صغيرًا، ولا شيخًا كبيرًا، ولا امرأة، ولا تعقروا نخلا ولا تحرقوه، ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيرًا إلا لمأكلة، وسوف تمرون بأقوام قد فرّغوا أنفسهم في الصوامع فدعوهم وما فرّغوا أنفسهم له..
جيش أسامة يحقق هدفه
سار جيش أسامة وقضى على كل من وقف في وجهه من أعداء الله وأعداء رسوله، وأجبر المرتدين على الهرب إلى أماكن بعيدة. وكان هرقل بحمص حين جاءته أنباء جيش أسامة، وما فعله بالقبائل العربية الموالية له في أطراف دولته على التخوم بينه وبين شبه الجزيرة العربية، فدعا بطانته، ثم أشار على أخيه بأن يبعث بحامية ترابط بالبلقاء، فلما تَزَل هناك حتى قدمت جيوش الفتح الإسلامية؛ فأَجْلَتها عن موضعها، وفتحت مدن الشام.
عودة الجيش الظافر
عاد أسامة بجيشه، وما إن بلغ مشارف المدينة حتى خرج لاستقباله أبو بكر الصديق ومعه جماعة من كبار المهاجرين والأنصار، وكلهم فرح وبِشر، ودخل أسامة المدينة، وقصد من فوره إلى المسجد النبوي الشريف؛ حيث صلى لله شكرًا على ما أنعم به عليه من نصر وما حققه من نتائج.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved