تمهيد:
* تلقيت في غرة محرم من عام 1417هـ دعوة كريمة من المؤسسة العامة للتقاعد للمشاركة في اجتماع خاص لتقييم تجربة التقاعد في المملكة، نظاماً وممارسةً ونتائج، وقد تعذّر عليّ آنئذ حضورُ ذلك الاجتماع، فأنبْتُ عنّي مذكرةً مطولةً باركتُ من خلالها المبادرة التي اتخذتها المؤسسة بتنظيم ذلك اللقاء، معتبراً إيّاها خطوةً هامةً سيقدّرها كلُّ مهتم بالتقاعد، مسؤولاً كان أو مفكّراً أو مستفيداً، ولعلَّ من النتائج المباركة لذلك الاجتماع أن نظام التقاعد يخضع الآن للدراسة والمراجعة على أكثر من مستوى، ونتوقّع أن تكون نتائج ذلك خيراً بإذن الله. كما أُذكِّر بأنه قد صدر عن مجلس الوزراء الموقر قبل نحو عام قرار بتأسيس (الطريق المزدوج) بين نظامي التقاعد والتأمينات الاجتماعية، مما سيُسهل آلية الانتقال من كل نظام واليه.
***
* من جهة أخرى، طرحْتُ عبر مذكرتي سالفة الذكر عدداً من الملاحظات، أملاً في أن يكون لها حظ من الاطلاع من لدن السَّادة المشاركين في ذلك الاجتماع، وأورد هنا باختصار بعضاً من تلك الملاحظات.
1 - كم هو جميلٌ أن تدعو المؤسسة صفوةً من العقول لمساعدتها في تقويم النظام، مبادىء وأساليب وممارسة، لكن.. هل يفي اجتماعٌ واحد بالغرض المنشود؟ إذْ مهما كان نصيب هذه الصَّفوة المباركة من صفاء الرُؤية ونقاء الرأي، فإنّها لن تستطيع عبر اجتماع واحد أن تُلمَّ بكل شارد وواردٍ مما يهمُّ المتقاعدين.
2- تمنّيتُ أن تقترن تلك الخطوة الرائدة بأسلوب آخر يكون رديفاً لها لا بديلاً، يتمثل في التوجُّه مباشرة إلى شريحة عريضة من المتقاعدين أنفسهم، رجالاً ونساء، لاستطلاع مواقفهم حول ما يعتبرونه سلباً أو إيجاباً سواءً فيما يتعلق بنظام التقاعد، أو في الأساليب الفنية والإدارية المستخدمة في تطبيقه، فهم أدْرى من غيرهم بمصالحهم، وبما يساورهم في هذا الشأن، واحسب أن جهداً كهذا ليس بالأمر العسير، ويمكن أن يتم باختيار عيّنة عشوائية تمثل شرائح متباينة من المتقاعدين، الأحياء منهم أو من ورثتهم، وتتحقق وسيلة الوصول إلى أفراد هذه العينة إمّا عبر استبانة خاصة تُسلّم مع المعاش الشهري مثلاً، أو عبر بريد المستفيد، وقد يكون من الأجدى تكليف نفرٍ من موظفي المؤسسة أو مَنْ تختارهم من خارجها، وعينة أخرى من النساء، بزيارة عدد من المتقاعدين والمتقاعدات، أفراداً وأسراً، بهدف التعرّف على آرائهم وملاحظاتهم واقتراحاتهم حول النظام، مواد واجراءاتٍ وتطبيقاً، ويمكن توظيف استبانة مدروسة يستخدمها الباحثُ (أو الباحثة) وصولاً إلى الغاية ذاتها.
***
* طرحت المذكرة عدداً من التساؤلات المتصلة ببعض التطبيقات القائمة لنظام التقاعد، اقتبسُ منها ما يلي:
أ - هناك تساؤل عن معاش المتوفىَّ الذي ليس له قُصَّر، ولا تستفيد أرملته إلاّ بقدر منه، السؤال هنا: لماذا لا يكون للأرملة نصيبُ أكبر من ذلك المعاش، بدل أن يذهب الباقي منه إلى خزينة الصندوق؟
ب - وتساؤل آخر عن الحكمة في حجب جزء المعاش المخصّص للبنت حين تتزوج، والولد حين يتجاوزُ سناً معّينة، لماذا لا يتحوّل نصيبهما إلى المستفيدين الآخرين من الورثة، بدلاً من عودته إلى خزينة الصندوق، خاصةً حين يكون في الأسرة أطفال قصَّر؟
***
ج - وتساؤل ثالث يتعلّق بفكرة رفْع الحدّ الأدْنى للمعاش التقاعدي على نحو يوفّر مستوى معيشياً أفضل للمستفيد.
***
د - وتساؤُلُ رابع عن سبب عدم التوسّع في تنويع مصادر تغذية موارد الصندوق عبر حقائب استثمارية مدروسة تدرّ على الصندوق عائداً يقيه زلل العجز في مواجهة تنامي حجم المتقاعدين، والحاجة إلى تعزيز المعاشات بما يكفل عائداً حياتياً أفضل؟
***
* هـ - اعتقد أنه من المفيد جداً عقد دراسة مقارنة للتعرف على تجارب دول أخرى مجاورة لنا وغير مجاورة في هذا السبيل، والاستفادة من بعض تلك التجارب، نظاماً وتطبيقاً.
***
* وبعد.. فإن الحديث عن التقاعد معين ذو شجون، وقد أثرتُ هذه الملاحظات في حديث اليوم لأحيي من خلاله المؤسسة العامة للتقاعد في إطارها الهيكلي والتنفيذي الجديد، قيادة وعاملين، متمنياً للجميع كل التوفيق.
| 
