في مثل هذا اليوم الثامن عشر من ابريل 1996م، ارتكبت القوات الاسرائيلية مذبحة ضد المدنيين اللبنانيين الابرياء، من أطفال ونساء وشيوخ، من قرية قانا اللبنانية، عندما قامت مدفعيتها الثقيلة وراجمات صواريخها بقصفهم داخل القاعدة الدولية التي يرفرف عليها علم الأمم المتحدة، والمجاورة لقريتهم، وقد أدى هذا القصف الهمجي الى مقتل أكثر من مائة شخص، معظمهم من النساء والأطفال الذين تحولوا الى جثث هامدة وأشلاء متناثرة.
وقد لجأ أهل قرية قانا الى القاعدة التي ترابط فيها قوات الطوارئ الدولية خوفاً على ارواحهم بعد أن قامت القوات الاسرائيلية قبل ذلك بثلاثة أيام بتهديدهم بالرحيل لانها قررت تدمير القرية، الى جانب قرى اخرى في جنوب لبنان، أثناء قيامها بعدوانها على الجنوب اللبناني الذي بدأته في 12 ابريل من نفس الشهر وأطلقت عليه (حملة عناقيد الغضب).
ففي منتصف شهر أبريل قامت اسرائيل، رداً على ضربات كوادر حزب الله الموجهة لقواتها العسكرية التي تحتل أراضي الجنوب اللبناني، بتوجيه تحذير الى أهالي قرية قانا لترك بيوتهم والانتقال الى مكان آخر والا تعرضوا للافناء، لأنها ستقوم بتدمير البنية التحتية لقريتهم و96 قرية أخرى كرد انتقامي لتعرض جنودها لهجمات أفراد المقاومة اللبنانية الباسلة.
ولمعرفة الأهالي الوثيقة بهذه النوعية النازية من التهديدات الاسرائيلية لجأ البعض منهم الى قاعدة قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة القريبة من زمام قريتهم للاحتماء بها.
وبعد ساعات قليلة من ارتكاب المذبحة قال شمعون بيريس رئيس وزراء اسرائيل في ذلك الوقت بتبجح لا مثيل له رداً على ما تناقلته وسائل الاعلام العالمية لصور واحدة من أبشع المذابح التي عرفها العالم في السنوات الأخيرة (إن قوات جيش الدفاع الاسرائيلي لم تكن تعرف ان عدداً من أبناء قرية قانا لجأوا الى هذه القاعدة... ولو كانت قد أبلغت بذلك لما أطلقت نيرانها عليهم)!.
لم يكن الأمر كذباً وتلفيقاً لتغطية نية اسرائيل المبيتة لاغتيال الأبرياء اينما كانوا ولكن كان تزويراً لحقائق اذاعتها في حينها قوات الطوارئ حيث اثبتت وثائقها المتداولة انهم بعد منتصف الشهر أبلغوا حكومة اسرائيل ان ما بين خمسة آلاف وستة آلاف نسمة يقيمون الى القرب من ثكناتهم.
ومن المعروف أن تقرير لجنة تقصي الحقائق الأممية، الذي أصر سكرتير عام الأمم المتحدة في ذاك الوقت الدكتور بطرس غالي على عرضه بالكامل على مجلس الأمن ونشره كوثيقة دولية، حيث أدان اسرائيل ادانة كاملة لا شبهة فيها بعد ذلك بعدة أسابيع، مما ترتب عليه قيام الادارة الأمريكية باتخاذ قرار انفرادي بحرمانه من التجديد لفترة عمل ثانية على قمة هرم المؤسسة الدولية، عقاباً له على تحديه لارادتها وارادة اسرائيل.
|