قرأت موضوعاً كان بعنوان ( بل هناك من سيتزوجها) في عدد الجزيرة 11517 وتاريخ 20 صفر 1425هـ للدكتور فهد محمد الخضيري، وكان في الأصل تعقيباً على موضوع سابق في طرح في هذه الصفحة بتاريخ 10-2-1425هـ وكان بعنوان ( من يريد فتاة مريضة؟ ) وفي البدء أشكر الدكتور على اهتمامه بالموضوع وتعقيبه العلمي البحت عليه، واعتب عليه لأنه نظر الى ما يهمه في الموضوع فقط بغض النظر عن أي شيء آخر، وأخذ ما يريد ويعجبه وما يوافق رأيه وترك الباقي الذي هو المهم، وما تطرقت اليه في موضوعي.
ولكن أعود وأقول: قد لا يلام الدكتور، فالانسان دائماً يتحدث فيما يعرف ويجيد وفيما تخصص فيه، ويبعد عن غير ذلك، بل ويتحاشاه، فالدكتور قد تحدث عن الموضوع من جانب علمي صرف قد ذكرْتُ بعضاً منه في موضوعي السابق..
بينما أنا تطرقت إلى الموضوع من جانب اجتماعي وأسري ومن باب العادات والتقاليد والأعراف والقيم والمبادئ الاجتماعية، وكذلك الصلات بين أفراد المجتمع والأسرة الواحدة .. ولكن الدكتور أغفل كل هذا وبتر الموضوع.
وليعلم الدكتور أننا مجتمع منغلق وقبلي لا تزال تؤثر فينا العادات والتقاليد والأعراف الاجتماعية سلباً وإيجاباً اكثر من اي شيء آخر.. نحن يا دكتور لا نهتم بالعلم كثيراً ولا المنطق بقدر ما يهمنا الناس وموروثنا الشعبي بكل ما يحويه، وخصوصاً إذا كان هذا العلم او التوجيه يتعارض مع رغباتنا الشخصية، حتى لو كانت خاطئة احياناً، أو يتعارض مع ألفناه من موروث وتقبلناه حتى لو كان غير صحيح في أحيان كثيرة.. يا دكتور البعض منا قد تموت امرأته في المنزل وهي تعاني من آلام الولادة ويكون ذلك أهون عليه من أن يأخذها إلى طبيب النساء أو يوافق أن يكشف عليها.. نحن نموت قلقاً واكتئاباً ووسوسة وهستيريا وفصاما.. الخ ولا يمكن أن نذهب للطب النفسي لأن ذلك ببساطة يتعارض مع نظرة المجتمع وتأثير ذلك على سمعته، بل ويتعدى إلى المحيطين به، مع العلم أن الدين والعلم يأمران بالعلاج من أي عارض كان ولم يحرما الذهاب إلى الطبيب النفسي ولكنه المجتمع؟! الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ( إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه..) فهل ستقبل شخصاً يتمتع بهذه الصفات فقط بغض النظر عن حسبه ونسبه ووطنه، وحتى لونه وقبيلته؟! الدين والعلم لم يقولا بوقف حال البنت الصغرى حتى تتزوج أختها الكبرى، ولكن ما يزال البعض كذلك للأسف.
أتمنى أن قد وصل إليك يا دكتور ما أرمي اليه وما أقصد.. عزيزي، المجتمع لا يرحم، والناس تحول الحبة إلى قبة، ولو كانت الفتاة مريضة بمرض بسيط جداً ولا يؤثر في زواجها فإنهم سيدحرجون ذلك المرض حتى يصبح في النهاية ككرة الثلج.. ستعيش الفتاة طول عمرها في همّ وغم واشاعات لا تنتهي، فكيف لو كانت مريضة فعلاً؟!
عبدالرحمن عقيل حمود المساوي
اخصائي اجتماعي
|