إشارة إلى مقال د. علي بن شويل القرني المنشور في جريدة الجزيرة في عددها (11517) الصادر يوم 20 صفر 1425هـ بعنوان: (مشيخة القبائل تحت أقدام الديمقراطية).
وخلاصة ما ذكره الكاتب أنه لا يؤيد الحل الديمقراطي (الانتخابي) في مسألة اختيار شيخ القبيلة عندما يحدث نزاع بين بعض أعيان القبيلة حول هذا الموضوع، وأنه يرى أن مشيخة القبيلة حق متوارث غير قابل للتغيير أو التجديد، معللاً ذلك بأن مشيخة القبيلة ليست منصباً إدارياً بل هي حق شرعي مكتسب عبر السنين والعقود، كما يقول.
ومع تفهمنا لوجهة نظر د. القرني التي بناها على حالة خاصة إلا أنه من المهم إدراك أن مشيخة القبيلة منصب قيادي يجب أن يكون للأكفأ وليس للأقدم، وإننا نستغرب أن يتبنى كاتب مثقف هذا المبدأ الذي يرفض التغيير والتجديد والتطوير ويعارض التنافس الديمقراطي الشريف، القائم على رأي الأكثرية من أجل البحث عن البديل الأفضل إن وجد.. ومن المعلوم أنه إذا كان شيخ القبيلة ينتمي إلى أسرة المشيخة القديمة وهو أفضل المتنافسين فلن تخرج المشيخة منه، وكما يقول الشاعر:
وخيرُ الناس ذو حسب قديم
أضاف لنفسه حسباً جديدا
أقول هذا الكلام لأنني عرفت أسراً كثيرة ذات مشيخات عريقة لكنها خلفت أجيالاً لا تتوفر فيها متطلبات المشيخة التي يتطلع إليها أفراد القبيلة، مع وجود أشخاص أكثر تأهيلاً سواء من نفس الأسرة أم من خارجها، ومع ذلك تُحْرم القبيلة من اختيار الرجل المناسب لتولي شؤونها، بحجة أن المشيخة حق لا يقبل التغيير.
إن المبدأ الذي ينادي به د. القرني يتنافى مع مبدأ شريعتنا التي تقوم على مبدأ: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، وتقوم على مبدأ الشورى في اختيار الأفضل إن تعددت البدائل الصالحة للولاية.
لقد كان الأحرى بالدكتور القرني وهو يعاتب الجهات التنفيذية التي سمحت بمبدأ الاختيار الديمقراطي أن ينظر إلى ما تواجهه تلك الجهات من انتقاد أيضاً بسبب رفضها لهذا المبدأ في مناطق أخرى ومع مشيخات أخرى والإصرار على شخص بعينه بدعوى أن المشيخة حق موروث، حتى وإن وجد من هو أفضل من شيخ القبيلة الحالي.
لقد سارت قيادتنا الرشيدة على مبدأ فريد في الوفاء لأبناء الأسر والمشيخات الذين ساهموا بإيجابية في جهود الملك عبد العزيز لتوحيد البلاد، ولمِّ شتاتها، غير أن هذا المبدأ الوفائي. يتطلب أن يكون الاختيار للمشيخة للأكفاء من هؤلاء وغيرهم.
هذا ما أحببت إيضاحه، والله من وراء القصد.
فائز بن موسى البدراني الحربي
باحث في شؤون القبائل | 
