إن تاريخ الاذاعة المدرسية قديم جداً، وقد مر بمراحل عديدة وبأطوار مختلفة، وكانت الاذاعة محل اهتمام التربويين منذ القدم؛ فهي تعني لهم الوسيلة الناجحة في بث الافكار بأيسر طريقة وأقل تكلفة. وإن الاذاعة المدرسية تعد منبراً من منابر وسائل الإعلام الحديثة والمتجددة. فكما ان وسائل الاعلام المسموعة والمقروءة والمرئية تنقل الخبر أو الحدث أو الفكر إلى الآخر، فكذا الاذاعة المدرسية تعتبر جزءاً من هذه المنظومة الاعلامية.بل إنها قد تكون الأهم من هذه الوسائل؛ حيث انها تباشر وتلامس عقول وذوات ابنائنا الطلاب، والتي تتمارس في مدارسنا كل صباح. فلا بد ان نُفَعِّل دور الاذاعة المدرسية بشكل ايجابي، فننتقي مثلاً المواضيع المهمة لتغذية وصقل العقول، سواء كانت قضايا اجتماعية أو تربوية او منهجية دراسية، كأن توضع قضية للنقاش والحوار مع ترك الحرية للطلاب في عملية النقاش بمتابعة من المشرف التربوي أو القائم على المدرسة كالمدير أو مَنْ يقوم مقامه، ونكون بذلك قد استفدنا بحق من الاذاعة المدرسية الصباحية. فنقسم مثلاً البرنامج على أيام الاسبوع، فمثلاً يوم السبت يوضع للطرح ومعالجة قضية ما، وتكون مادة للحوار بين المشرف والطلاب. ويوم الاحد مثلاً لمعالجة أسباب الضعف العامة لدى الطلاب. ويوم الاثنين يخصص للحديث عن قضية التكاسل والتساهل عن أداء الصلاة.
وهكذا بقية أيام الاسبوع مع التنويع في المواضيع والقضايا، وعند الطرح يلاحظ ما يلي:
1- يجب اختيار الأساليب المناسبة لأعمال الطلاب وقدراتهم الذاتية، وذلك يختلف باختلاف المراحل الدراسية، فالمرحلة الابتدائية تختلف قطعاً عن المرحلة الثانوية، وهكذا بقية المراحل.
2- عند اختيار المواضيع يجب ان تكون من احتياجات الطلاب اليومية. فلا بد ان نفرق بين المناهج المقررة وهذه القضايا العارضة, فالمناهج الدراسية تقرر مواضيع يحتاجها الطالب اثناء التعليم وبقية حياته. أما طرح القضايا فهي تحتاج لمناقشتها والمسارعة بإيجاد الحلول السريعة، ولا يجب اهمالها لأنها مشكلة وقتية تزول بإذن الله بحلها.
3- يُقترح ان تناقش القضايا والمواضيع بأقل وقت ممكن، حتى لو يضطر المشرف على الاذاعة ان يختصر ما أمكن ولو بالاشارة لكان كافياً؛ حتى لا تطغى الاذاعة على المواد الاساسية وتكون مملة على الطلاب إذا طال وقتها.
ولاستغلال الاذاعة عدة فوائد نجنيها مع مرور الزمن؛ منها تعويد وتدريب أبنائنا الطلاب على النقد الهادف الذي ينمي لديهم حس الاطلاع وتصفية العقل من الشوائب والشبهات، كذلك تدريبهم على النقاش العلمي العصري التربوي.
كذلك تدريبهم وحثهم على استغلال الوسائل الحديثة نحو الاصلاح والاستفادة منها في التربية والتقويم، كذلك تدريبهم على الجرأة على قول الحق والصدع في ذلك مع عدم اهمال النصيحة بالحكمة والموعظة الحسنة، وكل هذه الامور تأتي بإذن الله إذا غرس بهؤلاء الطلاب القيم السامية والمعاني العالية وتوجيه مواهبهم لخدمة دينهم ووطنهم. فلا بد من احتواء عقول ابنائنا من لوثات المتغيرات والتيارات الخارجية التي لا تفتر ولا تمل من محاربة عقول اجيالنا عبر وسائل الاعلام المتنوعة.
فقد جنَّد هؤلاء المفسدون جل طاقاتهم وقدراتهم لحرب المبادئ والأخلاق. وما البرامج الساقطة الهابطة إلا مثال شاهد حي على سوء نواياهم الخبيثة تجاه عقول الشباب المسلم كبرنامج (ستار أكاديمي) مثلاً، وبرنامج (بق برذر)، والتي تمثل دور الشاب المتحضر والمتحرر من جميع القيود؛ كدعوتهم للاختلاط بين الجنسين وتعليمهم للفن الرخيص ودعوتهم لإظهار الملابس العارية والفاضحة وغيرها من المفاسد الكبيرة والخطيرة، وهنا يأتي دور المربي الصادق باستغلال جميع الفرص المتاحة نحو توجيه العقول التوجيه السليم، والتي منها منابر الاذاعة المدرسية والمنتشرة في بلادنا وداخل أروقة مدارسنا للبنين والبنات.
وبنهاية هذه الرسالة أوجه ندائي لجميع القائمين والمشرفين على المؤسسات التربوية أن يتقوا الله في الامانة والمسؤولية التي على عاتقهم، وأن يجتهدوا في حمل الرسالة المنوطة بهم والتي هي من اجل المسؤوليات وأسمى الغايات وهي رسالة التربية والتعليم، وقد سلمناهم زمام فلذات أكبادنا وزينة حاضرنا ومستقبلنا والذي نرجو أن يأخذوا بحق هذه المسؤولية.
ونسأل الله أن يعين ويوفق المربي للصواب والاخلاص في القصد والعمل.. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
|