تبدو الحاجة ملحة لتعزيز التقارب العربي الأوروبي تجاه القضية الفلسطينية خصوصاً نحو التحول الأمريكي الكبير الذي ظهر في موقف الرئيس الأمريكي جورج بوش الذي أيد خطط إسرائيل للاحتفاظ بأجزاء من الضفة ورفض حق العودة.
موجة الغضب التي سادت المنطقة فور الإعلان الأمريكي تزامنت مع أخرى من القارة الأوروبية، حيث بدت أهمية أن تعيد الولايات المتحدة النظر في موقفها، كما طالبت بذلك المملكة مشيرة إلى عدم اعتراف بوش بحق العودة، في وقت قال فيه الرئيس المصري إن إعلان الرئيس الأمريكي أصابه بالصدمة.
وبالنسبة لأوروبا فإنها لم تشأ الإفصاح الكامل عن غضبها من أمريكا لتجنب خلاف آخر بعد الخلافات حول العراق، إلا أن أوروبا تنظر إلى هذا التحول الأمريكي على أنه تجاهل لخريطة الطريق ما يعني أيضاً إسقاط دور أوروبا في التسوية باعتبار أنها أحد واضعي خريطة الطريق إلى جانب الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي والأمم المتحدة.
لقد جاء الرد الأوروبي على تصريحات بوش فورياً وقوياً، لكنه سيكون مؤثراً إذا اتخذ شكل اتصالات وضغوط جماعية على الولايات المتحدة وإسرائيل لكي تتوقف خطط شارون التي تركز بصفة أساسية على التهام المزيد من أراضي الضفة الغربية وإسقاط حق العودة بالنسبة لخمسة ملايين لاجئ فلسطيني.. (وباستثناء بريطانيا التي باركت خطط شارون) فإن دول الاتحاد الأوروبي متوحدة خلف خطة خريطة الطريق التي تفترض قيام دولتين فلسطينية وإسرائيلية.
وإصرار أوروبا على هذه الخطة هو تأكيد لدورها الضروري والحيوي في التسوية وعدم الاستعداد للتنازل عنه.
لقد بدت أوروبا دائماً أنها الأقرب إلى دول المنطقة فيما يتصل بالمشاغل والهموم ويدعم ذلك قرب جغرافي، على أن التواصل بين العرب وأوروبا سيتواصل بشكل أعمق إذا برهنت أوروبا على أنها تتمسك بالعناصر الأساسية التي من شأنها تحقيق التسوية العادلة والشاملة للصراع العربي الإسرائيلي فإنها لن تساوم على ذلك لمجرد الحفاظ على أواصر التحالف الغربي الذي يربط القارة الأوروبية مع الولايات المتحدة، خصوصاً إذا كانت واشنطن تتجاهل أسس السلام من أجل إرضاء حليفتها إسرائيل وعلى حساب الحقوق الفلسطينية.
وإذا عززت أوروبا موقفها المؤيد للسلام العادل فإنها تستطيع إحداث قدرٍ من التوازن يعيد بعض الأمل إلى عالم أوشك على فقدان توازنه بسبب انحياز القوة العظمى الوحيدة إلى إسرائيل المعتدية على الحقوق العربية.
|