* القاهرة - مكتب الجزيرة - محمد العجمي:
انتقد خبراء الاقتصاد سياسة تحرير سعر الصرف بمصر وقالوا انها لم تطبق بالكامل حتى الان رغم الاعلان عنها في يناير من العام الماضي وقالوا ان اركان السياسة النقدية لم تكتمل بعد واكد الدكتور محمود محيي الدين رئيس اللجنة الاقتصادية بالحزب الوطني وان الجنيه المصري لا يزال مقوما بأقل من قيمته الحقيقية في الاسواق الرسمية وغير الرسمية .
جاء ذلك خلال في مؤتمر الطريق للنمو الاقتصادي الذي نظمه منتدى البحوث الاقتصادية للدول العربية وإيران وتركيا لمناقشة تقرير شامل عن تطورات الاقتصاد المصري يصدر لأول مرة بإعداد خبراء اقتصاديين محليين واشار إلى وجود قصور في هيكل المعلومات رغم التحسن في الفترة الماضية وقصور أشد في القدرة على تحليلها وإعطاء البدائل أمام صانع القرار للاختيار منها , بالاضافة إلى وجود تخوف مبالغ فيه من اتخاذ بعض القرارات وهي الامور التي تتسبب في بطء تنفيذ بعض الاصلاحات .
وأضاف أن الانتقال في السياسة النقدية نحو اتباع أسلوب استهداف التضخم يأخذ عامة في أغلب الدول بين عامين وثلاثة أعوام وأنه يجري حاليا تنفيذ برنامج متكامل لضبط إيقاع السياسة النقدية واستكمال الاطار اللازم لاتباع سياسة استهداف التضخم , وذلك بالاستفادة من المساعدات الفنية المقدمة من جانب صندوق النقد الدولي .
وأوضح أنه خلال الفترة الانتقالية منذ تحرير سعر الصرف واتباع السياسة الجديدة فإنه يتم الاعتماد حاليا على سياسة نقدية تقوم على استهداف الإجمالي النقدي للتحكم في عرض النقود في الاقتصاد وأوضح ان هناك انخفاضا في عجز الموازنة من 7% إلى 5.6% في العام المالي الحالي مع عودة ارتفاعه إلى نحو 7% مرة أخرى في العام المالي القادم 5- 2004 وأشار إلى الضغوط التي تواجهها الموازنة العامة والقدرة على استقرار هذا العجز حيث إن البند الرئيسي في الانفاق العام أصبح هو خدمة الدين العام الداخلي والخارجي (24% و 4% على التوالي من الانفاق العام ) وتحتل الأجور والمرتبات نحو 24% من الانفاق العام أي أن نحو 52% من الانفاق العام يوجه لمجالات تعد من الحتميات التي يصعب تخفيضها .
وأن الدعم المستتر يماثل عدة أضعاف الدعم الصريح على السلع , حيث يبلغ نحو 25 مليار جنيه من بينها نحو 20 مليار جنيه في الدعم على الطاقة خلال عام 2002-2003 وطالب محيي الدين بتأسيس جهاز رقابي موحد لجميع وحدات القطاع المالي بدلا من تفتتها بين جهات مختلفة .
وقال الدكتور سمير رضوان مدير منتدى البحوث الاقتصادية أن صدور هذا التقرير يوضح قيام مراكز البحوث الاقتصادية بدورها في القيام بتحليل موضوعي للتطورات الاقتصادية بما يساعد متخذي القرار في اختيار السياسات الملائمة للنمو والتقدم الاقتصادي .
اكد أهمية وضع خطة واضحة ومدة زمنية محددة لبرنامج للاصلاح الهيكلي مع إعطاء الاولوية في الانفاق العام للصحة والتعليم واتخاذ الاجراءات الحاسمة في مجال الاصلاح المالي وحتى لا يتسبب التأخر في القرارات في مزيد من الاضرار لمحدودي الدخل .
واضافت الدكتورة سحر نصر أستاذة الاقتصاد بالجامعة الامريكي أن بنوك القطاع العام تستحوذ على 52% من أصول الجهاز المصرفي رغم اتجاه الانخفاض لنسبة سيطرة هذه البنوك على السوق المصرفية , مشيرة إلى أن جميع مؤشرات الربحية والأداء تبين أن أداء البنوك العامة جاء أقل من البنوك الخاصة , وهو ما يستدعي استكمال الاصلاحات في البنوك العامة والتحول التدريجي نحو الخصخصة .
واشار الدكتور أحمد غنيم أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة إلى انخفاض مستوى اندماج الاقتصاد المصري في الاقتصاد العالمي خلال السنوات العشرين الماضية , حيث انخفض المؤشر التقليدي للانفتاح ( التجارة السلعية نسبة للناتج المحلي ) من 46.6% في عام 1980 إلى 24.6% في عام 2000, كما هبط نصيب مصر من إجمالي الصادرات في العالم للسلع والخدمات من 0.15% إلى 0.07% في نفس الفترة .
موضحا انه على الرغم من تواضع أداء الصادرات إلا أن بعض المصدرين نجوا بشكل فردي في زيادة صادراتهم وإيجاد قنوات تصديرية جيدة وبالتركيز على المنتجات ذات القيمة المرتفعة وارتفاع مستوى الجودة .
كما إن هناك زيادة في تنوع الصادرات إلا أنها لا تزال تعتمد على المواد الاولية , بينما لا تزال الصادرات القائمة على المعرفة وذات المكون التكنولوجي المرتفع متدنية .
وأضاف أن العوائق أمام الصادرات تتضمن ارتفاع الحوافز أمام المنتجين للبيع في السوق المحلية بدلا من التصدير بما في ذلك الانحياز الذي يفرضه هيكل التعريفة الجمركية وضريبة المبيعات على المعدات وعدم كفاءة نظم الدروباك .
وفي دراسة عن التطور التشريعي في المؤسسات والتي قام بإعدادها الدكتور زياد بهاء الدين الخبير القانوني ود . نهي المكاوي الاستاذة بجامعة بون أوضحت إن الاتجاه للتركيز على مناخ الاستثمار بمفهومه الواسع الذي يتضمن تحسين الضرائب والادارة الضريبية والجمركية والاصلاح القضائي وتطوير البنية الاساسية وتحديث سوق العمل يعتبر اتجاها مهما وينبغي تشجيعه بدلا من الاعتماد في تشجيع الاستثمار على قانون الاستثمار وما يقدمه من مزايا ضريبية وجمركية .
وأكد أن تدعيم الاطار التنظيمي لسوق المال وتشجيع المستثمرين لا يتعلق بالقوانين الخاصة بالشركات وسوق المال ولكن أساسا بضرورة الاهتمام بمبدأ الحوكمة ( أساليب الادارة الرشيدة ) وتطبيقها في الشركات خاصة المقيدة بسوق المال , وكذلك زيادة الوعي بحقوق الاقلية بين المستثمرين , حيث يمثل هذان العاملان أهمية كبيرة لحماية حقوق المستثمرين .
وأوضحت أن التطورات الاقتصادية تتم دون الحاجة إلى تعديل في الدستور حيث يتصف الدستور بالاعتماد على لغة غير محددة بشكل كبير , تجعل المبدأ الدستوري غامضا بشكل يجعله قابلا للتفسير بعدة طرق , وهو ما مكن الدستور الاستمرار بدون تبديل لأكثر من 30 سنة بالرغم من التطورات الاجتماعية والاقتصادية الكبيرة .
اشار أحمد العماوي وزير القوي العاملة والهجرة أن عدد المتعطلين عن العمل يبلغ نحو 2 مليون فرد من إجمالي قوة العمل التي تبلغ 21 مليون عامل في الوقت الذي يصل عدد السكان إلى نحو 70 مليون نسمة , مشيرا إلى أن برامج الاصلاح الاقتصادي التي فرضتها قوي العولمة أدت إلى تزايد البطالة وتزايد التفاوت في توزيع الدخل بالدول النامية .
واوضح هناك عدة صعوبات تواجه تنفيذ قانون العمل الجديد وأن الحكومة تعمل على حل هذه الصعوبات .
وأشار إلى وجود فائض كبير من الخريجين في مهن لا تحتاجها سوق العمل وفي ذات الوقت هناك نقص في ملء الطلب على الوظائف التي تحتاج إلى مستوى مرتفع من المهارة وهو ما يجعل الحكومة تهتم بعمليات التدريب والتأهيل لاكساب العمالة المهارات اللازم.
|