* الرياض - حميد العنزي:
دعت دراسة تناولت مشكلة الإسكان في المملكة إلى إنشاء مجلس أعلى للإسكان يكون مشرفا على جميع الجهات المعنية بالاسكان سواء الجهات الحكومية أو الخاصة وذلك لوضع اطار للتنسيق بين الجهات المعنية بالاسكان لتحقيق التكامل في السياسات التنفيذية.
وكانت دراسة مختصرة اجرتها إدارة الدراسات في مجلس الشورى حول مشكلة الاسكان في المملكة في اطار سعي لجنة الخدمات والمرافق العامة والبيئة في المجلس لايجاد حلول لمشكلة الاسكان واعداد اطارعام لاستراتيجية عامة للاسكان، قد خلصت إلى أن تملك السكن اصبح مصدر قلق دائم لكل شاب ولكل رب أسرة يطمح في تكوين الأسرة المستقرة، لاسيما وأن دراسة قامت بها وزارة التخطيط أوضحت أن 55% فقط من المواطنين يملكون منازل خاصة بهم، وبينت الدراسة أن الممارسة القائمة حالياً تجاه توفير سكن للمواطن هي ممارسة غير مجدية وتحتاج إلى مراجعة من جميع الاطراف المعنية بهذا الشأن.
وقد تتضاعف مشكلة الاسكان مع تزايد اعداد السكن حيث شهدت المملكة خلال العقود الثلاثة الماضية تغيرات سكانية سريعة، وتعد المملكة من أعلى الدول على المستوى العالمي في معدلات النمو السكاني حيث تشير نشرة مؤسسة التنمية الدولية لعام 2002م التي يصدرها البنك الدولي أن معدل نمو السكان السنوي في المملكة للاعوام 2000 - 2015م من المتوقع أن يبلغ 9.2% وهو اعلى من المعدلات العالمية والتي تبلغ 1.1%.
واشارت الدراسة إلى أن تمويل البنية التحتية يتطلب نحو 937 الف مليون ريال خلال العشرين سنة القادمة، ومن المتوقع أن ينمو قطاع الاسكان بحوالي 5% سنوياً، ون يصل عدد الوحدات السكنية المطلوبة لغاية 2025م حوالي اربعة ملايين وحدة سكنية، يذكر أن مجمل متطلبات تمويل الاسكان في المملكة لسنة واحدة قد يصل إلى حوالي 117 مليون ريال، فيما بلغ اجمالي القروض التي صرفها الصندوق العقاري حتى نهاية عام 2001م نحو 126 مليار ريال، وتشير التوقعات إلى أنه إذا استمرت الموارد الحالية للصندوق العقاري على وضعها الحالي فإنه لن يتمكن من تلبية سوى 25.6% من مجمل الطلبات إليه، وذلك بسبب الصعوبات التي يواجهها الصندوق في تحصيل مستحقاته، مما يتطلب ايجاد طرق بديلة أما بتحويله إلى بنك عقاري كما هو قائم في سلطنة عمان او بالتعاون مع المصارف التجارية القائمة لايجاد وسائل بديلة للتمويل، وهناك اقتراحات في الغرفة التجارية الصناعية بالرياض بأن يشارك القطاع الخاص في الإدارة والتشغيل الى جانب الكفاءات الحكومية، مما يتوقع معه زيادة اعداد المستفيدين من القروض المالية التي يقدمها الصندوق العقاري للمواطنين إلى 17000 مستفيد سنوياً بدلاً من الوضع الحالي والذي يبلغ فقط 7500 مستفيد في السنة، وذلك بنفس قيمة القروض المخصصة من قبل الدولة البالغة ملياري ريال سنوياً.
وبلغ أجمالي القروض الممنوحة في مدينة الرياض حتى 4-6-1424هـ (165654) طلبا، وآخر رقم قرض تمت الموافقة عليه حتى 4-6-1424هـ (98076) طلبا، فيما بلغ عدد الطلبات التي لا تزال في قائمة الانتظار في مدينة الرياض حتى 4-6-1424هـ (67578) طلبا، فإذا افترضنا أن عمر المتقدم 30 سنة فإنه سوف يحصل على القرض عندما يبلغ من العمر سبعين عاماً وحينئذ يكون قد فقد فرصة توفير السكن في الوقت الملائم.
وتشير الدراسات أن حجم الطلب على المساكن في المملكة بنهاية عام 2020م يقارب 4 مليون وحدة سكنية، مما يحتم تحديد الوحدات السكنية المطلوب توفرها في كل عام، مع الأخذ بالاعتبار أن هذه العدد يتزايد بشكل تدريجي.
وأكدت الدراسة على اهمية ايجاد سياسات عامة للاستراتيجية الوطنية للاسكان ويمكن إجمال السياسات التي تلعب دوراً فاعلاً في القضاء على أزمة الإسكان في تحديد الاحتياجات المتزايدة على المساكن وأفضل الطرق التي يمكن اتباعها لتحقيق ذلك حيث يصل حجم الطلب على المساكن في المملكة بنهاية عام 2020م إلى ما يقارب 4 ملايين وحدة سكنية، لذا فإنه يجب تحديد عدد الوحدات السكنية المطلوب توفيرها في كل عام، مع الاخذ في العلم أن هذا العدد يتزايد بشكل تدريجي، ولا شك أن تحديد حجم عدد المساكن المطلوب توفيرها سنوياً يساعد كثيراً في معالجة هذه المشكلة.
وكذلك إصدار التمويل العقاري الذي يتضمن تنظيم العلاقة بين المؤسسات والشركات العقارية وبين المستفيدين من برامج بناء المساكن وتمليكها بالتقسيط وضمان حقوق كل من الطرفين وإيجاد نصوص نظامية تسهل الاقتراض لتملك المساكن وأيضاً إصدار نظام الرهن العقاري حيث إن إصدار مثل هذا النظام يعد من الضمانات التي تكفل حقوق شركات ومؤسسات التمويل العقاري، وتجعل الاستثمار في هذا المجال أكثر أماناً وكذلك نظام البيع بالتقسيط، ولعل هذا النظام لا يقتصر على المساكن وإنما يشمل جميع أنواع البيوع، ولكن لعله أن يكون حلاً مؤقتاً يضمن حقوق كل من الطرفين إلى أن يتم إصدار نظام للتمويل العقاري إضافة إلى نظام جباية الزكاة على الأراضي المعدة كعروض للتجارة حيث يساعد تطبيق هذا النظام على انخفاض أسعار الأراضي خاصة في المخططات الجديدة، وذلك بالتقليل من تأثير المضاربات على ارتفاع أسعار تلك الأراضي ومن الواجب المضي قدما في معالجة مشكلة الفقر، ومما لاشك فيه أن عدم توفر المسكن المناسب هو الأساس في عيش فئة من المجتمع تحت خط الفقر، وأن إيجاد حلول لظاهرة الفقر سوف يساعد على حل مشكلة السكن للفئات التي تعيش تحت خط الفقر ولمحدودي الدخل ولابد من وضع الإطار اللازم للتنسيق بين مختلف الجهات المعنية بالإسكان لتحقيق التكامل في السياسات التنفيذية. وتفعيل دور القطاع الخاص في حل المشكلة وتشجيع الاستثمارات المحلية والخارجية في برامج الإسكان، ووضع تصور لكيفية تشجيع مشاريع الإسكان في القرى والهجر مما يساهم في تخفيف الضغط على المدن التي تعاني من الكثافة السكانية المتزايدة، وكذلك الاستفادة من السماح بتملك الشقق السكنية لاسيما بعد صدور المرسوم الملكي رقم م-5 وتاريخ 11-2- 1423هـ، والمتضمن إقرار نظام ملكية الوحدات العقارية وفرزها، وقد نظم هذا النظام تملك الدور والطوابق والشقق السكنية وفرزها وما يتعلق بذلك من تنظيم أعمال الترميم والصيانة في الأجزاء المشتركة في البناء الواحد وايضاً إعادة تأهيل المساكن في المناطق السكنية القديمة، وإنشاء قواعد معلوماتية إسكانية متخصصة، ومما لاشك فيه أن المعلومة الصحيحة هي الأساس الذي تبنى عليه السياسات والخطط والبرامج، وفيما يتعلق بسوق العقاري والمساكن في المملكة فإنه يفتقر إلى شبكة معلومات متخصصة، لذا فإنه يجب إنشاء مركز للمعلومات يختص بالعقار والمساكن ويكون تابعاً لوزارة الشؤون البلدية والقروية أو الغرفة التجارية الصناعية، وأن يعمل هذا المركز على توفير أبحاث ميدانية إحصائية تتعلق بالعقار والمساكن، واستحداث مؤشر لأسعار الأراضي والعقارات السكنية يسهم في وضوح سوق الإسكان وشفافيته.
|