* كيف لا يكون تيهاً؛ وهو الذي بدَّل أمن الناس؛ إلى خوف من مجهول يتربص بهم..؟!
* كيف لا يكون تيهاً؛ وهو الذي بدَّل استقرار الناس؛ إلى وجل واضطراب.
* كيف لا.. ولا.. ولا.. وهذا المخطط السكني؛ الذي يسمونه (مخطط الغرفة التجارية بالطائف)؛ يتهدد اليوم ملاكه من بائعين ومشترين وساكنين ومستثمرين ؛ بالضياع وسوء المصير؛ فالكل هنا اليوم؛ تائه..! إي ورب الكعبة.. تائه خائف مضطرب ضائع؛ ليس بيده سوى(صكوك شرعية)..! لم تعد في نظر بعض الجهات الرسمية؛ تسمن أو تغني من جوع..! فماذا يفعل هؤلاء المهمومون الحائرون التائهون..؟ وإلى من يذهبون..؟ وإلى من يشتكون..؟ ومن هو المنقذ مما هم فيه؛ من همّ وكرب وغبن وضيم..؟!
* هؤلاء الذين أتحدث عنهم.. إنهم ستة آلاف مواطن؛ يشكلون ستة آلاف أسرة؛ مكونة من ثلاثين ألف إنسان؛ لا حديث لهم اليوم ولا همّ؛ إلا هذا المخطط السكني الكبير؛ (مخطط الغرفة التجارية بالطائف).. فما هي القصة التي تحولت إلى حكاية؛ يرويها (الشيبان) للصبيان..؟!
*القصة لها وجهان متضادان، الأول: بدأ في العام 1402هـ؛ عندما تم شراء الأرض الواقعة في الحلقة من شرقي الطائف، من مالك بوثائق شرعية مثبتة؛ ثم خططت الأرض على مساحة كبيرة للغاية؛ فأصبحت مخططاً سكنياً يتكون من (6000 قطعة)، مخدومة بشوارع فسيحة، وحدائق عامة، ومساجد، ومدارس، ومرافق أخرى. من ذلك الوقت؛ بدأ البيع والشراء والاستثمار في هذا المخطط الكبير، أكثر من (500 مليون ريال)، تم تداولها بين قرابة عشرين ألف من البائعين والمشترين؛ ومنهم مواطنون من أبناء دولة الكويت.. ظل الأمر كذلك طيلة عشرين عاماً؛ حتى تم تعمير ما يقارب (60%) من هذا المخطط، وأصبح هناك سكان كُثر؛ وحركة وشوارع ومدارس.. كان هذا الذي سبق؛ هو الوجه المشرق.. لكن ما الذي حدث بعد ذلك؛ ليظهر وجه آخر غير مشرق..؟
* منذ الشهر الثالث من العام الفارط 1424هـ؛ وستة آلاف مواطن في محافظة الطائف؛ يتداولون باستغراب ودهشة؛ ذلك (التوضيح) القنبلة؛ الذي نشرته صحيفة (الرياض) يوم (23 مارس) الماضي؛ ويقول فيه الأستاذ (أحمد بن عبدالعزيز العبيكان) وكيل وزارة الشؤون البلدية والقروية المساعد للأراضي؛ ما نصه: (إن الصكوك التي صدرت للأراضي الواقعة بمخطط الغرفة التجارية بالطائف؛ تعتبر وثائق (!)؛ وليست حجج استحكام؛ وعلى من يحمل شيئاً من هذه الوثائق؛ التقدم للمحكمة الشرعية؛ بطلب حجة استحكام على ما بيده، وأنه لا يمكن بموجبها ؛ إعطاء المواطنين تصاريح بناء)..!!!
* جاء هذا التصريح العجيب الغريب؛ الذي ليس له أي ركيزة قانونية؛ والذي يلغي مهمة المحاكم العدلية؛ في إصدار صكوك الملكية والإفراغ؛ بل ويشكك في مصداقية ما صدر أو يصدر عنها في المستقبل؛ يأتي.. على خلفية الأمر السامي؛ الموجب إيقاف الإفراغ من صك لآخر في هذا المخطط مؤقتاً، ولكنه لم ينص على إلغاء صكوك الملكيات، ولا حتى إيقاف تصاريح البناء. وواضح أن التوضيح الذي يمثل وجهة نظر البلديات؛ أو وجهة نظر صاحبه تحديداً؛ وعلى أساسه تصرفت مع المالكين؛ إنما هو اجتهاد غير موفق، وقد أضر بآلاف الناس الذين تملكوا واستثمروا في مخطط كبير قوامه (ستة آلاف قطعة)؛ منذ العام 1402هـ.
* وبالعودة إلى المخطط موضوع (التيه)..! فهو مخطط سكني كبير؛ معتمد منذ أكثر من ربع قرن من البلديات نفسها؛ وتم البيع والتداول فيه منذ تلك الفترة حتى اليوم؛ لقرابة عشرين ألف مواطن، كما أسلفنا، وتم البناء والتعمير فيه؛ حتى ارتفعت المساكن والمساجد والمدارس، وفتحت المتاجر، ونظمت الشوارع والحدائق.. فالبلديات هي نفسها لا غيرها؛ رخصت للبناء فيه بالأمس؛ بموجب صكوك الملكيات التي تتبرأ منها اليوم..! وكثير من المواطنين المالكين؛ حصل على قروض تعمير من الدولة، والحياة أخذت تدب في مخطط هو عبارة عن مدينة مصغرة، وعندما جاء الأمر السامي؛ بوقف نقل الملكيات إلى حين؛ ذهب الفهم عند بعض المسؤولين في البلديات على ما يبدو؛ إلى التشكيك في الصكوك العدلية؛ ثم تصرفوا على هذا الأساس؛ فأوقفوا تصاريح البناء، وساهموا بذلك في وقف حال هذا العدد الكبير من المواطنين؛ ومن بينهم مواطنون كُثُر من دول الخليج.
* وإزاء هذه الوضعية الجديدة؛ التي خلقتها البلديات اليوم في الطائف؛ وبخاصة مسألة الصكوك الشرعية؛ التي اعتبرتها ملغاة؛ وأنها مجرد وثائق لا تُملِّك أحداً..! وإذا عرفنا أن ما يوثق ملكيات كافة الناس في هذه البلاد منذ مائة عام؛ إنما هي صكوك ملكية شرعية؛ صادرة عن محاكم عدلية؛ وهي الحجج التي بأيدي الجميع؛ فهل هذا يعني -حسب منطق البلديات- أن علينا أن نذهب جميعاً؛ إلى المحاكم الشرعية من جديد؛ لكي نتأكد؛ ولكي تطمئن قلوبنا؛ أننا فعلاً نملك ما هو بحوزتنا؛ وما تحت أيدينا وجارٍ فيه تصرفنا؛ من عقارات..؟ أم ماذا..؟!
* إن ترخيص التخطيط؛ وكذلك التمليك والبناء والتداول؛ في (مخطط الغرفة التجارية بالطائف)؛ كل ذلك لم يأتِ من فراغ؛ بل بني في الأساس؛ على صك ملكية للمالك الأول؛ مدعوماً بقرار مجلس القضاء الأعلى رقم (230 في 3-12- 1396هـ)، الذي صادق على حجة المالك؛ ثم تعزز بالأمر السامي رقم (4-2361 في 11-1-1405هـ)، الذي أذن ( للمالك أو لمن آل إليه شيء من أرض المخطط)؛ التصرف فيما هو تحت يده.
* أما ما جرى من فهم وتفسير؛ لمقتضى الأمر السامي رقم (خ/435/م في 25-1-1423هـ)؛ فقد تسبب في أضرار كبيرة للملاك والسكان في المخطط؛ فقد توقف البيع فيه؛ ثم توقفت تصاريح البناء، وحلت مشقة مضافة على أصحاب الأراضي غير المُعمَّرة؛ إذ عليهم -في هذه الحالة المستجدة- التقدم بطلب حج استحكام جديدة؛ مع شرط (الإحياء الشرعي)؛ وهذا الشرط -كما هو معروف- يستحيل تحقيقه في المخطط؛ في الظرف الجديد الطارئ؛ التي تعاطت فيه البلديات؛ مع صكوك الملكيات في هذا المخطط بالذات، إذ هي تمتنع عن تحرير رخص تسوير أو خلافه.. فماذا يفعل الناس إذن..؟! وما الجهة التي تملك حل هذه المعضلة؛ وتعيد الابتسامة لأطفال وأسر؛ تبخرت أحلامهم الوردية؛ في ان يروا مساكن تؤويهم؛ مقامة على ما تحت أيديهم من عقارات؛ دفعوا في شرائها مئات الآلاف؛ وظنوا أن صكوك الملكية الشرعية؛ تكفيهم في سيرهم نحو حياة هانئة في دور جديدة.
* إن القضية هي اليوم؛ في أخذ ورد بين أكثر من جهة؛ وخاصة بين البلديات والعدل؛ وها هو ملفها؛ يمتلئ بالأوراق؛ ثم يكبر ويكبر، ويبدو أن ساعة الحسم بعيدة، فليتنا في هذه اللحظة الحرجة؛ نتذكر جيداً؛ أن الضحية الأولى والأخيرة؛ هم آلاف المواطنين؛ الذين سكنوا هذا المخطط (التيه)؛ أو هم اشتروا واستثمروا فيه.
fax:02 73 61 552
|