Saturday 17th April,200411524العددالسبت 27 ,صفر 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

عين.. على (ذي عين) التحفة المعمارية والأثرية والحضارية والتاريخية في المخواة عين.. على (ذي عين) التحفة المعمارية والأثرية والحضارية والتاريخية في المخواة
31 منزلاً حجرياً ومسجداً وحصناً على ربوة منذ نصف قرن ما هي القيمة التي تعنينا فيها..؟!

* تقرير كتبه وصوره-حماد بن حامد السالمي :
* بين الحدين التهامي والسراتي مما يلي الباحة؛ تقوم (ذي عين).. تلك القرية الأثرية الأعجوبة؛ ببنائها الحجري الفريد، ودورها المتراصة المتجاورة، وحصونها المنيعة العتيدة، وبما يحيط بها من جنة خضراء من النخيل الباسق، والموز السامق.
* كثير هم الناس الذين يعبرون هذا الطريق من الباحة إلى تهامة، فإذا حلوا بالمخواة، يأسرهم هذا المشهد الأخاذ لهذه القرية التي تتوسد بروزاً جبلياً من شرقي الوادي، فيراها كل عابر لهذا الطريق. لكن كم عدد الذين وقفوا عليها؟!
* أسرني هذا المنظر الخلاب مرات ومرات، وفي كل مرة، أنتحي جانب الطريق لأبحث عن مدخل يوصلني إلى قرية ذي عين، حتى المدخل الواضح ضنوا به..! ولوحة تشير إلى القرية والطريق إليها ضنوا بها..! فماذا بقي حتى لا نُتّهم بالجحود حيال آثارنا غير المستغلة.. بل اقول: غير المعروفة..؟! ولا أجد حرجاً في ذلك.
ذي عين.. واجهة
* كلما اقتربت من ذي عين وصوبت نحوها عدستي الصغيرة؛ تساءلت لماذا لا تكون هذه الجميلة.. بل الفاتنة.. واجهة إعلامية في وسائل الإعلام..؟ ولماذا لا يشق طريق واضح يوصل إليها..؟ ولماذا لا توضع لوحة عند المدخل تعرف بها..؟ ولماذا..؟ ولماذا..؟ ألا يكفي هذا..؟!
حظ يتعثر..!!
* يبدو أن (ذي عين)..، ليس لها من اسمها نصيب..!! فهي قليلة الذكر نادرة الشيوع.
* الأستاذ علي بن صالح السلوك الزهراني، ذكرها باقتضاب في معجمه عن بلاد غامد وزهران فلم يزد على قوله: قرية كبيرة من قرى قبيلة بني عمر الأشاعيب بتهامة زهران تقع إلى الشرق من وادي راش شمال المخواة بمسيرة خمس ساعات للماشي، وهي في ربوة مرتفعة حجارتها بيضاء، يزرع بها النخيل والموز والليمون وأنواع الرياحين، وبها عين ماء جارية سميت باسمها، وبالقرب منها منجم لصناعة المرمر وتمتاز بوجود صناعات دقيقة فيها، وخصوصاً الأواني المنزلية المصنوعة من سعف النخيل وأليافه. انتهى كلام المؤلف.
ولكنه يذكرنا بالكلام على قرية حديثة مسكونة، وليس قرية أثرية مهجورة عمرها قرابة نصف قرن. فأين القيمة التاريخية لهكذا أثر هو من كنوز منطقة الباحة، لو أحسن استثماره..؟!
شيء من رد الاعتبار
* لم اطلع على ما يعطي ذي عين حقها من الذكر، ويعترف بما تمثله من قيمة حضارية وأثرية في هذا الجزء من بلادنا.. بعض من رد الاعتبار؛ وجدته في الجزء الخاص بمنطقة الباحة من سلسلة آثار المملكة التي أصدرته إدارة الآثار في وزارة التربية والتعليم مؤخراً، حيث جاء: قرية مشهورة، تقع في جنوب غربي الباحة، على بعد 24 كم عبر عقبة الباحة، على يمين المتجه إلى المخواة التي تبعد عنها بحوالي 20 كم، وقد بنيت القرية على قمة جبل وتضم 31 منزلاً ومسجداً صغيراً. وتتكون بيوتها من دورين إلى سبعة أدوار، وهي مسقوفة بالأخشاب وتكاد تكون متشابهة من حيث التخطيط المعماري، ويقدر عمرها بأنها تعود إلى نهاية القرن العاشر الهجري.
ماذا بين السياحة والآثار..؟!
* منذ زمن بعيد؛ وأنا أرى أن الآثار بالعموم؛ هي أهم البنى التحتية للسياحة فلا طعم لسياحة بدون آثار لأولين، وأطلال يستنطقها المتأخرون.
* إن عشرات الملايين الذين يتحركون في فصل الصيف من أوروبا وأميركا واليابان وغيرها، ويذهبون إلى أماكن بعيدة عن بلدانهم؛ لا تنقصهم الأسواق أو الحدائق أو الغابات، ولكن تجذبهم الآثار الفرعونية والسومرية والإسلامية في آسيا وأفريقيا وأوروبا، وما لم نقترب أكثر من آثارنا الكثيرة، ومنها ذي عين هذه، فلن تكون لنا سياحة واعدة، ولا طعم لسياحتنا بدون نكهة تاريخية، حتى لو جاءت من حجر اصم، في جبل بعيد عن المدن.
* خرجت من ذي عين؛ بعد أن امتعت العين بمنظرها، وارتشفت رشفة من نبع العين خلفها، الذي تحول إلى شلال دافق، يتبادل مع العصافير والنفاري موسيقى طبيعية دافئة، يتردد صداها في جنبات الوادي الأخضر هنا.
* غادرت المكان والعين تأبى وداع ذي عين؛ وحينها عذرت شاعر الباحة المحلق دائماً، الذي قال في ذي عين، بعد أن أصيب بعين عشقها على ما يبدو:


ومن السراة إلى تهامة عشقنا
كالنهر يحمل موكب الأعياد
أنشدت من (ذي عين) لحن قصيدتي
وشربت من ينبوعها إنشادي
فتمايل (الخَلَب) الأشم مردداً

شدوي، فقال الشعر: نعم الشادي
* والشاعر الزهراني، لا يلام؛ حين يتغزل في عين (ذي عين).. فهو ابن نبعها، وشدوه من (شداها)، وعطره من (بَرْكِها) و(كاديها):


شدوت على (شدا) ألحان شعري
فخلت البحر يضطرب اضطراب
وفي (ذي عين).. ينبوع المعاني
مع الأنغام ينساب انسيابا
وترقص كل أبياتي سروراً
وتفتح في سماء السحر بابا
يحليها أريج (البِرْك) تاجاً
ويُلبسها شذا الكادي ثيابا

بقي سؤال..؟!
* بل بقيت أسئلة:
1- لماذا رأيت ذي عين هذا العام؛ وكأنها تشكو النسيان، أو التناسي. فالطريق إليها غير جيدة، وجدرانها تتداعى للتساقط، وآثار المنطقة لا تؤثرها بما تستحق من عناية واهتمام..!! حتى الحارس المعين هنا، شكا إليّ سوء حاله، وأنه بلا سكن ولا حتى بدل سكن..؟
2 - لماذا لا تستثمر (ذي عين)..؟ هل عجز المسؤولون في الباحة، عن اسناد هذا الموقع الفريد إلى مستثمر واعٍ يؤهله لاستقبال السياح والزوار، ويقدم للكل خدمات قليلة، أقلها الشراب والطعام، والمكان اللائق للجلوس، أمام هذه التحفة المعمارية - الأثرية - التاريخية - الحضارية الفذة..؟
3 - أين الهيئة السياحية..؟ وأين وسائل الإعلام.؟ لماذا السكوت على جمال كهذا، فلا نظهره للناس الذين غمتهم مشاهد القتل والتشريد والبؤس والإرهاب؟!
4 - ثم إني أتوجه بهذا السؤال إلى الأمير محمد بن سعود، أمير منطقة الباحة، وهو صاحب الفكر الصائب والطرح الشفاف: هل نعود قريباً، لنرى (ذي عين)؛ وقد أصبحت مرفقاً سياحياً مؤهلاً معروفاً عند السائحين والزائرين..؟


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved