حاول الأستاذ حمد القاضي أن يكشف نوعاً من الممارسات التجارية الفجة التي تزحف على حساب الحياء من خلال تسميات ممجوجة خارجة عن النص.. لا تنسجم مع أخلاقنا والتزامنا.. ولعلك تستغرب تلك الأساليب الملتوية بطابعها التجاري البحت الذي يستهدف كسب الزبائن وجذب المشترين وبخاصة من الجنس الآخر من خلال العزف على وتر مصطلحات رومانسية حالمة بمفرداتها العاطفية التي تثير الفضول وتحرك دوائر الإثارة.
حقاً بضائع مسكونة بالارتحال والنزوح بمسمياتها الخادعة للوصول إلى الجيوب.. ودغدغة القلوب .. آه من قيم مصابة بالشحوب.. وما أكثر تلك السلع التي تمارس هذا الأسلوب وقد غضّت الطرف عن احترام ذوق الزبائن ومراعاة مشاعرهم وتقدير كرامتهم.
قف لحظة.. فتش عن تلك التسميات الجذابة.. وستصيبك الحيرة.. وتهيمن على ملامحك الدهشة.. مستغرباً كيف تسربت هذه المصطلحات الجامحة .. ما بين اسم (بوسني) إلى اسم آخر لاحد أنواع البخور هو (المسني) وثالث (اسمح لي)!! فأين دور وزارة التجارة وحماية (أخلاق المستهلك) من الاستخفاف الذي تمارسه عقول الجشع وضعاف النفوس الذين يبحثون عن كل ثغرة لدس صراعاتهم التجارية المستهجنة؟!!
ولن نستغرب ظهور مصطلحات أخرى.. ربما جاءكم عطرة (تخاصمني آه.. تسبني لا) أو (حبيتك بالصيف.. جيتك بالشتاء..) أو ربما أطل عليكم بخور منعش اسمه (أهواك ومش حانساك).
آه من ممارسات تجارية فجة تضرب بأخلاقنا وحياءنا عرض الحائط غير آبهة بما تسببه تلك المصطلحات الشاذة من حرج للمشترين.. وكيف يمكن للمرأة أن تنطق بكلمة (المسني) ؟! هل ضاقت الأبجدية وانعدمت الأسماء الصالحة حتى يتم اختيار تسميات تمثل اختراقاً حاداً للمبادئ والمثل.. واستهتاراً بالآخرين..
وزارة التجارة مطالبة بالتدخل السريع لإيقاف تلك الممارسات التجارية المرفوضة حتى لا تتحول إلى موجة عاتية تغرق مفردات حياتنا وتجتاح ساحات الأسواق لتسبب الحرج والضيق والتذمر في نفوس المرتادين .. ولتزيد الطين بلة.. فالمحلات النسائية تحمل مسميات أجنبية حادة حتى صار الأمر عادياً. ورياح المصطلحات الأجنبية اقتلعت الأحرف العربية فوق واجهات المحلات.. وحلت ألفاظاً وافدة.. عبر تراكيب متناغمة مع الذوق المسكون بهاجس (الاتكيت) وبملامح (المودرن) .. ومن يدري فالأسواق حبلى ربما بالتقليعات التجارية البراقة والصرعات الموسمية الخادعة.. والقادرة على استنطاق جيوب الزبائن وتحريك جمود النقود في أيديهم.. والتجربة خير برهان .. 52 من بضائع تثير استفزاز الجيوب والقلوب.. تبحث عن صهيل النقود.. ولا عزاء للحياء.. الذي تتدحرج آهاته فوق رصيف البضائع المعبأة بأسماء الغفلة.. وبمصطلحات الدهشة وطقوس التجارة قد تذيب أحاسيسنا وتخدر عواطفنا.. وترفع شعار (التجارة شطارة). ألسنا في عصر الفن التجاري المسلوق المكبَل بأساليب الجذب الساخن.. بين تخفيضات ملتوية.. وأسماء كقطعة من نار.. وهكذا تتناثر الأقواس التجارية بفلاشاتها المثيرة.
محمد بن عبد العزيز الموسى
بريدة ص.ب 915 |