أمريكا الديمقراطيةُ
قناعٌ... قناعان...، أقنعةٌ مركَّبةٌ...
من أجلِ رجلٍ أمريكيٍّ واحدٍ، لتحترقِ الأرضُ... ويذهبْ الجميعُ إلى جحيمِ أمريكا
وتقفُ أنت يا تاريخُ شاهداً...
أنت الصامتُ المتكلمُ الأحكمُ، والأصدقُ، إن لم يُلبسوك الأقنعةَ ويُمرِّروا على أحداثك أيقوناتِ الطّمسِ، وسيولَ الإخفاءِ...
وتقفُ في ركنٍ من أرضِ العراقِ يا تاريخُ العراقِ، وآهٍ للشعراءِ وهم يشهدون!!
أتنطقُ يا رصافيُّ، وأنت تشهدُ تحتَ رمزك هؤلاءِ العشراتِ، المئاتِ، من البشرِ يتساقطون جثثاً تلتهبُها النيرانُ، وينهشُها الكلابُ؟!
وأمريكا الديمقراطيةُ تتمادى في إشعالِ لهيبِ الأرضِ...
ومتى تنطقُ شهادةُ الشعراءِ، التاريخِ، الذين يُوقفون نزيفَ الفجائعِ، ويردّون صفعاتِ المواقفِ؟!
وأمريكا الديمقراطيةُ تشدُّ على وجهها ألفَ قناعٍ، وتمثّلُ فوقَ المسارحِ الظاهرةِ والخفيَّةِ كلَّ دورٍ، هي الحمَلُ الوديعُ، وهي الأسدُ القويُّ، وهي اليدُ التي تطولُ، والسُّورُ المنيعُ، وهي الفاتكةُ المتجبِّرةُ...
والنارُ تضطَّرمُ، والأرضُ تحترقُ، والبشرُ يموتون، وفوضى الديمقراطيةِ... أراملُ وأيتامٌ، وموتى وشهداءٌ، وفَقْدٌ متواصلٌ، ويتخلَّفُ قطارُ السّلامِ...، وتخسرُ الأرضُ مقدَّراتِها...، ويقفُ رمزُ الشاعرِ العربيِّ في وسطِ الشارعِ، يشهدُ القدرةَ على الشهادةِ والعجزَ عنها... فالقوَّةُ غيرُ مُتكافئةٍ...
إيهِ يا (رصافيُّ).... (وجثةُ مُسلمٍ بها الكلبُ يعبثُ)«*»
وإيهِ يا (سيَّابُ).... (ومياهُ النّهرِ كم تحملُ جراحاً...)«*»
وإيهِ يا (جواهريُّ).... (وعزَّةُ أرضي فناها الدَّمارُ...)«*»
وإيهِ يا بغدادُ، ويا سامرَّاءُ... وتلك النّكهةُ
الخفيّةُ لطعمِ المجدِ في صَوْلةِ التاريخِ شعراً وعلماً وأدباً.. تذوبُ... تتلاشى... ومكانُها مرارةُ الحرقةِ، ونكهةُ الموتِ... والحسرةُ...
وأمريكا الديمقراطيّةُ تفنِّدُ طبقاتِ أقنعتِها..، فما ظهرَ منها يفوقُ ما يبقى خفيّاً.
«*» مقاطعُ من قصائدي |