مراسل صحفي غربي في العراق، اسمه (روبرت فيسك) يطلق على العراق (فيتنام بوش)، ويؤكد أن هذا المصطلح يستخدم بصورة تلفت النظر في معظم وسائل الإعلام الأوروبية والأمريكية، ويقول: لا شك لدى أحد أبداً أن العراق (فيتنام بوش) وإن أنكر بوش ذلك وردّد في خطاباته ولقاءاته أن اطلاق هذا المصطلح ظلم له وتضليل للشعب الأمريكي، ونحن، إذ تأملنا مواقف بعض المفكرين والإعلاميين الغربيين الموضوعيين، ندرك المأزق الكبير الذي وقعت فيه شعارات الحرية والديمقراطية المرفوعة في العالم الغربي، إن حرب العراق دليل واضح ينضم إلى أدلّةٍ واضحة سبقته (فلسطين، أفغانستان، الشيشان، البلقان، كشمير، الصومال) تؤكد أن شعارات الحرية والديمقراطية زائفة
لا مكان لها في واقع التعامل السياسي غير المتوازن، وخاصة عندما يكون الطرف الآخر في التعامل هو (العالم الإسلامي).
(في الفلوجة) العراقية تحدث جريمة بشعة، هذا ما يصرّح به كثير من السياسيين والإعلاميين الغربيين، ويؤكدون أن ما يجري في الفلوجة اليوم هو نفسه ما جرى في البصرة عام 1991م حينما استخدم صدام السلاح الفتاك وسكتت عنه أمريكا والعالم كله، وإذا كان صدام هو مرتكب جريمة حلبجة ،والبصرة، فإن الاحتلال الأمريكي وحلفاءه هم مرتكبو جريمة الفلوجة الآن.
ويتساءل كثير من الصحفيين والمراسلين الغربيين عن الفرق بين ما تقوم به أمريكا في العراق اليوم، وبين ما قام به صدام حسين في حربه ضد إيران من استخدام أسلحة كيماوية حينما كان - وقتها - حليفاً لأمريكا.
ويتساءل أحدهم وهو (روبرت فيسك) قائلاً:
حينما انتشرت حالة صحية مؤلمة في الجنود الإيرانيين عام 1980م حيث كانوا يتقيأون دماً بسبب السلاح الكيماوي الذي استخدمه صدام، كانت حليفته أمريكا تلوذ بصمتٍ عجيب، فهل كانوا ينظرون الى المستقبل بعين ثاقبة؟ وهل كانوا يعلمون أنهم سيمارسون القتل في العراق باسم الديمقراطية والإصلاح وحماية أمريكا ولذلك سكتوا عن جرائم صدام في ذلك الحين لأن الحالة واحدة أو متشابهة؟
يقول بعض الكتاب الغربيين: إن مشكلتهم مع أمريكا في العراق أنها تريد منهم تطبيق فضيلة السكوت، بحجة مراعاة مصالح الشعب الأمريكي، وهي حجة واهية لا يمكن ان تنطلي على من يملك عقلاً يفكر به.
ويقول أحد المراسلين الغربيين في العراق:إن قوات الاحتلال تقول لنا:اسكتوا، واحتفظوا بألسنتكم خلف أسنانكم، لا تقولوا شيئاً ولا تنقلوا شيئاً
ومعنى ذلك ان دعاة الديمقراطية والحرية والإصلاح يريدون كَبْتَ صوت الحق، وإسكات كل من يصرخ في وجوههم قائلين: قفوا، كفى قتلاً وتشريداً للآمنين من المدنيين في العراق، وفي الفلوجة خاصة، لا يريدون سماع صاحب قلب وشعور يقول: ما ذنب الأطفال والنساء وكبار السن، وما ذنب البيوت التي تنهار على ساكنيها؟
وتؤكد صحيفة (البرافدا) الروسية أن الرئيس الأمريكي السابق كلينتون صحح أخطاءه ببعض الأعمال الخيرية ومنها مساعدة مرضى الإيدز، ولكن الرئيس الأمريكي بوش يواصل ارتكاب الأخطاء بجدارة، فهل سيتاح له أن يصحح هذه الأخطاء على طريقة كلينتون ذات يوم؟
إن الأقلام والأصوات التي تنادي بإيقاف مأساة العراق كثيرة ولكن الصوت ما زال يضيع في ضجة الحرب الظالمة.
بقي لنا أن نقول: ألا يمكن أن يقرأ بعض كتابنا- نحن المسلمين - هذه الآراء الغربية حتى لا يؤذوا مشاعرنا بكتاباتهم التي يؤيدون فيها الوجود الأمريكي وغيره في العراق.
إشارة:
(إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور).
|