* واشنطن - فولكر بارجيندا - د ب أ:
سؤال كبير يرتسم في سماء البيت الأبيض: ماذا كان يعلم الرئيس الأمريكي جورج بوش وإدارته بشأن التهديدات المعرضة لها الولايات المتحدة قبل هجمات 11 أيلول - سبتمبر عام 2001.
فمع مذكرة رئيسية وإعلان معلومات أخرى رفع عنها غطاء السرية ومع شهادة المسئولين الحاليين والسابقين أمام لجنة اتحادية تجري تحقيقات في الهجمات أصبح الشعب الأمريكي أكثر شغفاً وارتياباً مع مرور كل يوم. لقد أصبح وضع بوش الذي يواجه بالفعل انتقادات واسعة بسبب تصاعد نشاط الجماعات المسلحة في العراق وزيادة الخسائر البشرية الأمريكية هناك أكثر هشاشة فيما يتعلق بكيفية معالجته لتهديدات القاعدة خلال الثمانية الأشهر الأولى له في السلطة قبل الهجمات التي تعرضت لها نيويورك وواشنطن.
وبعد أيام فحسب من إصدار البيت الأبيض مذكرة رئاسية عن تقرير الاطلاع اليومي المؤرخ في 6 آب - أغسطس عام 2001 تحت عنوان (بن لادن عازم على مهاجمة الولايات المتحدة في الداخل) كشفت لجنة التحقيق في هجمات سبتمبر عن تقارير أخرى كانت سرية في السابق وكانت صدرت عن المخابرات الأمريكية بتاريخ نيسان - أبريل وأيار - مايو عام 2001.
وجاءت عناوين هذه التقارير كالآتي (بن لادن يخطط لعدة عمليات) و(شبكة بن لادن تخطط للتحرك) و(تهديدات بن لادن حقيقية)، مما أثار أسئلة أكثر عما إذا كان الرئيس الجديد غافلاً عن تقدير الأمور..
ويأتي إعلان هذه التقارير في إطار تقرير لأعضاء اللجنة عقب شهادة مستشارة الأمن القومي كوندوليزا رايس التي أخذ منها فقرات مطولة والتي قرأت نص التحذيرات في جلسة نقلتها شبكات التلفزيون على الهواء مباشرة في الشهر الماضي. وقالت رايس (ستكون هناك) أخبار لا يمكن تصديقها في الأسابيع القادمة.. حدث كبير.. سيكون هناك صخب كبير جداً).
ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني - نوفمبر فإن جون كيري مرشح الحزب الديمقراطي أمام بوش جعل من الحرب على الإرهاب إحدى القضايا الرئيسية في حملته الانتخابية. وكرر كيري اتهامه لبوش بأنه بغزو العراق استنفد مصادر الولايات المتحدة الضرورية للحرب على الإرهاب. وفي المقابل تمارس إدارة بوش على نطاق واسع سياسة الحد من الخسائر.ففي الوقت الذي تعود معظم تقارير المخابرات والتهديدات الموجهة للبيت الأبيض لعهد الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون فإنه يتعين على الرئيس الحالي تفادي الانفجار السياسي المحتمل على الرغم من ارتفاع شعبيته بسبب طريقة تعامله مع قضية الإرهاب.
وقال بوش ومسئولون آخرون في إدارته وديمقراطيون بارزون في الكونجرس إن التحذيرات التي سبقت الهجمات لم تكن واضحة بما يكفي لاتخاذ إجراءات لمواجهة الهجمات التي أودت بحياة 3000 شخص.وقال بوش خلال الأسبوع الحالي في مؤتمر صحفي مسائي نادر (أستطيع أن أؤكد للشعب الأمريكي أنه لو توفرت لدينا أية إشارة بسيطة عما كان سيحدث لكنا بذلنا كل ما في وسعنا لمنع هذا الهجوم). وقالت رايس في شهادة تحت القسم أمام اللجنة الأسبوع الماضي بعد رفض البيت الأبيض ذلك شهوراً أنه لا توجد (عصا سحرية). وأوضحت هي وبوش أن الولايات المتحدة لم تكن في حالة استعداد لحرب قبل الهجمات. وأضاف مسئولون آخرون أنه لم تكن هناك إرادة سياسية لشن حرب شاملة على بن لادن قبل الهجمات. وما زالت اللجنة المعلنة تواصل أعمالها على الملأ بعد أن أذيعت شهادات رايس والمسئولين الآخرين عبر قنوات التلفزيون السلكية ونقلت أجزاء من أعمالها على الهواء عبر الشبكات الكبرى. ولم تمل اللجنة من إثارة مزاعم بأنه كانت هناك تقارير عن احتمال لجوء الإرهابيين إلى خطف طائرة أو الهجوم على سفارة أمريكية أو المطالبة بإطلاق سراح سجناء.
لم تكن هذه التقارير تشير إلى قرب وقوع الهجمات على الأراضي الأمريكية ومع هذا قال جورج تينيت رئيس وكالة المخابرات المركزية (سي.آي.أيه) للجنة إنه في عالم المخابرات كان (النظام يعطي وميضاً أحمر اللون) وبنهاية شهر تموز - يوليو كان الأمر أسوأ مما يمكن أن يكون عليه حسبما أفاد تقرير لجنة التحقيقات. واتهم ريتشارد كلارك مستشار مكافحة الإرهاب السابق في إدارة بوش في كتابه الأكثر مبيعاً وخلال شهادته أمام اللجنة بوش بأن الإرهاب لم يكن (قضية عاجلة) بالنسبة له مما أدى إلى تشويه سمعة الرئيس بشكل أكبر. ولكن مع غياب أدلة واضحة على أن بوش كان يعلم بالهجمات قبل حدوثها من المحتمل أن تقول اللجنة في تقريرها الذي سيصدر خلال الصيف الحالي إنه كان هناك قصور في تداول المعلومات بين الوكالات الحكومية في السنوات التي سبقت هجوم عام 2001 ومن الممكن أن يؤدي هذا إلى إجراء تعديلات في نظام العمل الاستخباراتي. ومن المستبعد أن يقبل أغلبية الامريكيين بنظرية المؤامرة التي تقول بأنه كانت هناك مؤامرة وكان بوش على علم بها. وإذا كان من الممكن أن يختلفوا مع الرئيس في عدد من القضايا السياسية فإنهم لن يصدقوا أنه كان على علم بالهجمات.
|