Saturday 17th April,200411524العددالسبت 27 ,صفر 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

المنشود المنشود
لماذا يهربون؟! 1-2
رقية الهويريني(*)

في ضحى أحد الأيام الباردة، حين كانت السيدة مها تقوم بعملها في المدرسة، في الوقت نفسه كانت خادمتها المؤتمنة على طفلتين تنفذ خطة الهروب من المنزل! وقد تمت العملية بنجاح! فتحت العاملة الباب، التفتت يميناً ولم تلتفت شمالاً؛ حيث كان صاحب سيارة أجرة يمر (صدفة) أمام باب المنزل!! فأقلها لمكان يبدو أنه معروف لديها. عادت مها إلى منزلها وهي تحمل في حقيبتها بعض الحلويات التي وعدت بها (نوف) ابنتها الكبرى ذات الخمس سنوات. وما أن فتحت الباب إلا ويهالها الوضع! فملابس نوم الطفلتين لم يتم تغييرها! ولاحظت أنهما لم تتناولا طعام الإفطار بعد! ولم تكن الشغالة ضمن الوفد الذي يستقبلها عادة! لذا فإن أول ما تبادر إلى ذهنها حصول ضرر للشغالة، بحثت عنها في المطبخ وفي غرفتها، بل في كل مكان في البيت! عادت إلى غرفتها مرة أخرى للتأكد من أمر ما، وبالفعل تأكدت.. لقد هربت الشغالة ولم تراعِ وجود الطفلتين ومسؤوليتها تجاههما!!
تقول مها: لم تبد العاملة أي تذمر أو استياء، ولم تشكُ من أي نوع من الأذى طيلة وجودها بينهم منذ ما يقارب السنتين، وكنت أصحبها معي في زياراتي لأقاربي حتى تلتقي بالعاملات من نفس جنسيتها فلا تشعر بالغربة. وكانت ذات سلوك حسن، وقد وفرت لها سبل الراحة من غرفة مستقلة مع دورة مياه، وأشاركها سعادتها حين تصل رسالة من أهلها وأستفسر عن حالهم.بحثت السيدة مها عنها، وأبلغ زوجها قسم الشرطة دون جدوى، وأغلق ملف الخادمة، وبقي ملف الحاجة لخادمة أخرى مفتوحاً!! ولأنها امرأة عاملة، ولوجود حلول عاجلة جاهزة، لأن التجارب لدينا عامة وليست شخصية! فقد نصحتها إحدى زميلاتها باستئجار عاملة مؤقتة قبل اللجوء لاستخراج تأشيرة واستقدام أخرى، وأعطتها رقم هاتف شخص متخصص في هذه الأمور.
قامت (مها) بالاتصال، ووجدت على الخط أحد الوافدين، واتفقت معه على التسليم والاستلام في منزل أسرتها؛ حيث كانت تقيم هناك لحين الحصول على (شغالة)، وقد أصر الوافد على توصيلها مجاناً، ولم يكن الاتفاق تحريرياً بل كان شفوياً بشرط استلام نصف المبلغ الذي يعادل راتب العاملة لشهر واحد. وبالفعل وصلت العاملة للمنزل؛ حيث كان والد (مها) ينتظرها أمام البيت، وحين نزلت الشغالة المنتظرة إذ بها طريدتهم! نعم هي (سيتي..)!! انهارت الشغالة وادَّعت أنها ضحية إغراء مادي من إحدى العاملات من نفس جنسيتها التي تعمل عند أحد أقارب السيدة مها، والتي أحضرت من أحد المكاتب (حل مؤقت بسبب هروب خادمتهم)؛ حيث حدثتهن عن أشخاص يستطيعون توفير عمل لهن برواتب أعلى من التي يحصلن عليها حالياً، فزودتها بعنوان الشخص المسؤول عن تنفيذ عمليات تهريب الخادمات وتشغيلهن لدى الغير. وقد قام والد مها بتبليغ الشرطة بعد أن أمسك بهذا الوافد، وذهبوا إلى المنزل الذي اتخذه سكناً للخادمات! ووجدوا لديه مجموعة كبيرة من الخادمات الهاربات من كفلائهن. وذكر الوافد أنه يعمل ضمن شبكة مختصة في تهريب الخادمات، يمثلها أشخاص يتخذون من المطارات الدولية مقرات لهم؛ حيث يقومون بتوزيع بطاقات تحوي أرقام هواتف داخل السعودية على الخادمات قبل سفرهن، وتتضمن توصيات بالطرق التي يجب اتباعها عند رغبة الخادمة في الهرب من كفيلها! كما يقدم أعضاء الشبكة عروضاً مغرية للخادمات مقابل العمل تحت مظلتهم، ويقومون بتوفير السكن والإعاشة والعلاج للخادمات الهاربات إلى حين حصولهن على فرصة عمل مناسبة، وهناك ذكرت مجموعة منهن أن سبب هروبهن هو تأخر كفلائهن في دفع المرتبات التي تصل إلى الشهور، متناسين أن لهن احتياجات والتزامات مالية ولديهن أسر يعتمدون في معيشتهم اعتماداً كلياً على راتبها الشهري، بينما أعادت مجموعة أخرى منهن سبب الهروب للبحث عن الحرية التي لم تتوفر لها في منزل الكفيل. وذكرت أخريات أن السبب يعود للمعاملة السيئة التي يجدنها من بعض الأسر.
في المقال القادم -إن شاء الله- ستتم مناقشة دواعي هروب العمالة من الكفلاء، وكيفية علاج ذلك وفق رؤية إجتماعية!.

ص.ب: 260564 الرياض 11342


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved