Friday 16th April,200411523العددالجمعة 26 ,صفر 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

أخلاق العلماء أخلاق العلماء

* الأخلاق في الإنسان يحتاجها واقعاً عملياً كل أحد..
تفنن كثير من الناس في هذه الحياة في الأخلاق المعيشية والتعامل المعيشي والاجتماع والألفة من أجل المصالح إلا من شاء الله.
فهل نطمح منكم ببيان شيء عن الأخلاق؟
محمد محمود سليمان الساقي/ ج. م. ع.. الأسكندرية
ج/ هذا يحتاج إلى تفصيل طويل وبيان وكشف عميق وسبر، لكن الإمام (الآجري)، في كتابه (أخلاق العلماء) لعله قد أجاب ..
وأنت وسواك تحتاج إلى وقت كثير حتى تقف على أخلاق وآداب العقلاء من سائر الناس الذين دونت مآثرهم فأنت إذا قرأت مثلاً سير أعلام النبلاء، أو قرأت تهذيب الكمال في سماء الرجال، أو قرأت الطبقات الكبرى..
فإنك تتعجب من هذا السيل الدافق الدائم مما جلبه هؤلاء المؤلفون عن سير حية لأفذاذ كبار من علماء أخيار ولاءً وبراءً، فهم بجانب السيرة والنقد والتحليل للرجال يستجلبون القول العاقل، والمثل السائر، والحكمة الباقية، والموعظة اللازمة.
وكتابنا: (أخلاق العلماء) للإمام الآجري واحد من كتب كثيرة كريمة منتظرة لنقف على بعض ما ورد فيه تاركين المهم لمن أراده ليعود إليه إن شاء الله تعالى (يمشي برفق وحلم ووقار وأدب مكتسب في مشيته كل خير، تارة يحب الوحدة فيكون تالياً للقرآن، وتارة بالذكر مشغولاً، وتارة يحدث نفسه بنعم الله عز وجل عليه ويقضي منها الشكر, ويستعيذ بالله من شر سمعه وبصره ولسانه ونفسه وشيطانه.
فإن بلي بمصاحبة الناس في طريقه لم يصحب إلا من يعود عليه نفعه،
قد أقام الأصحاب مقام ثلاثة:
أما رجل يتعلم منه خيراً إن كان أعلم منه، أو رجل هو مثله في العلم فيذكره لئلا ينسى ما لا ينبغي ان ينساه، او رجل هو أعلم منه فيعلمه يريد الله عز وجل بتعليمه إياه. ص 48 .
وقال: (فإذا نشر الله له الذكر عند المؤمنين أنه من أهل العلم، واحتاج الناس إلى ما عنده من العلم ألزم نفسه التواضع للعالم وغير العالم...
فأما تواضعه لمن هو مثله في العلم، فإنها محبة تنبت له في قلوبهم، وأحبوا قربه، وإذا غاب عنهم حنت إليه قلوبهم وأما تواضعه لمن هو دونه في العلم فشرف العلم له عند الله وعند أولي الألباب، وكان من صفته في علمه، وصدقه، وحسن إرادته يريد الله بعلمه.. إلخ.. مهم..)ص 51 .
وقال: (أما أخلاقه مع مجالسيه فصبور على من كان ذهنه بطيئاً عن الفهم حتى يفهم عنه، صبور على جفاء من جهل عليه حتى يرده بحلم) ص52 .
وقال: (وإذا سئل عن علم لا يعلمه لم يستح أن يقول: لا أعلم وإذا سئل عن مسألة فعلم أنها من مسائل الشغب ومما يورث بين المسلمين الفتنة استعفى منها ورد السائل إلى ما هو أولى به على أرفق ما يكون، وإن أفتى بمسألة فعلم أنه أخطأ لم يستنكف أن يرجع عنها، وان قال قولاً فرده عليه غيره ممن هو أعلم منه أو مثله أو دونه فعلم أن القول كذلك رجع عن قوله وحمده على ذلك، وجزاه خيراً، وان سئل عن مسألة اشتبه القول عليه منها قال: سلوا غيري، ولم يتكلف ما لا يتقرر عليه) ص 53 - 54 .
وقال: (كان الرجل إذا طلب العلم لم يلبث أن يرى ذلك في تخشعه وبصره ولسانه ويده وزهده، وان كان الرجل ليطلب الباب من أبواب العلم فيعمل به فيكون خيراً له من الدنيا وما فيها، لو كانت له فجعلها في الآخرة)ص 71 - 72 .
وقال: (أخبرنا مطر الوراق قال سألت الحسن عن مسألة فقال: فيها. فقلت يا أبا سعيد يأبى عليك الفقهاء ويخالفونك.
فقال: ثكلتك أمك مطر، وهل رأيت فقيهاً قط، وهل تدري ما الفقيه؟؟
الفقيه: الورع الزاهد، لا يسخر ممن أسفل منه ولا يهمز من فوقه
ولا يأخذ على الله حطاماً)ص 74 .
وقال: (أخبرنا أبو بكر أخبرنا أبوبكر بن جعفر بن محمد الفريابي أخبرنا محمد بن الحسن البلخي أخبرنا عبدالله بن المبارك أخبرنا سفيان الثوري قال يقول:
تعوذوا بالله من فتنة العابد الجاهل وفتنة العالم الفاجر، فإن فتنتهما فتنة لكل مفتون) ص 88 .
وقال: (وأما من كانت أوصافه وأخلاقه الأخلاق المذمومة التي ذكرناها لم يلتفت إلى هذا إلى هذا، واتبع هواه وتعاظم في نفسه وتجبر ولم يؤثر العلم في قلبه أثراً يعود عليه نفعه، وكانت أخلاقه في كثير من أموره أخلاق أهل الجفا والغفلة) ص 118 .
قول الآجري: (التي ذكرنا) تقدمت في أول ومنتصف الكتاب فحبذا العودة إليه فهو كلام تعيس...
وقال: (إن مرض سوف التوبة وأظهر الندامة، وعاهد ألا يعود وان وجد الراحة نقض العهد ورجع من قريب، وان خاف الله كما يزعم لم يرض بما يكره الخلق) ص 120 .
وبعد فهذا السفر الجليل (أخلاق العلماء) للإمام محمد بن الحسين بن عبدالله الآجري المتوفى سنة 360ه يعتبر درة عظيمة النفع لطالعه بانبساط نفس، وراحة بال فهو يقع في قرابة مائة وأربع وعشرين صفحة من القطع الصغير.
ولقد وجدت جلة من كبار الحكماء والعقلاء يقتنونه ويعودون إليه بين فينة وفينة ليستقوا ما لا يحصل عليه إلا بمثله ولاسيما وأن مؤلفه من ذوي الباع الطويلة في العلم الزكي والورع وصدق الكلمة ولو كانت قاسية.
فهو في كتابه يدعو إلى نبذ الحسد، والتعالي، وهضم الحق حسه ومعناه، ويبين مغبة ذلك إن هو حصل بما يجنيه عليه حسده وتعاليه وظلم من ضرر بالغ في بدنه أو دنياه أو دينه أو حاله التي هو عليها، ولا شك أن كتاباً مثل هذا الكتاب حري بأن ينظره كل صاحب قلم خاصة من ذوي المسؤولية.
ولست أظن الغنى عنه بحال مع صغره وقلة عدد صفحاته فرب درة صغيرة أغنت ورب كلمة واحدة أفلح بها صاحبها، ورب كلام قليل يراد به وجه الله تعالى خير من كلام كثير.
فمثل هذا السفر زاد نافع وسمير غير ممل محله محل الولف والود والطلب، فتنبه له تجده كما ذكرت، وأكثر، وكم ستفيد منه إن شاء الله تعالى.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved