في العدد 11439 من جريدة الجزيرة ليوم الجمعة وتحديداً من قبة الشورى طالعنا خبراً مفاده دراسة حماية (النزاهة)، هذه الكلمة الضئيلة المساحة بين الكلمات اشتدت غربتها في عالم انسلخ بلا حدود من مبادئ نادت بها الأديان حتى بات لزاماً علينا حمايتها من خلال عقد جلسات من قبل مختصين لإيجاد تعريف للفساد المالي والإداري لتكون منطلقاً لحماية النزاهة، ثم بعد الدراسة وتعريف أوجه الفساد هل يتحول الجهد إلى إثراء لقواميسنا اللغوية بتعريفات جديدة تكون هماً تعليمياً دون تفعيل لأن النزاهة عندها ستبقى سيفاً مسلولاً كدلالة فقط وتفعيلها يكون بالبحث الميداني الجاد وربطه بالدراسة لأن ذلك سيوصلنا إلى ضحايا التمسك بها والدفاع عنها وهم كثر والوصول إليهم سهل لأنهم هم وحدهم من أجاد النزاهة تعريفاً وتفعيلاً ولكن جبروت الفساد أقصاهم بعيداً في زوايا النسيان الوظيفي وصور لمرجعهم، كم هم أغبياء بتمسكهم بأفكار بالية لا تخدم التقدم، فهم بالتالي ليسوا أهلاً للثقة وأنهم أي جبابرة الفساد هم من يسعى لرقي الوطن وإعماره، بينما هم من يغتاله نهاراً وجهاراً (فسدنة النزاهة) إن جاز لي التعبير وحري أنه يليق بهم ويجب رد الاعتبار إليهم بهذا البحث الميداني، فكم من موظف كفؤ أقصاه خبث الفساد بعيداً عن الضوء ببقائه سنوات عدة دون ترقيات، بينما في المقابل أشخاص تمت ترقيتهم على أكتاف البرق..؟ فتجميد أصحاب النزاهة يعطي المفسد أكبر قدر من الفرص يغتنمها بينما يغط ضميره في سبات عميق..؟!
لذا على كل مسؤول استشعر عظم المسؤولية أن يعلم بأن (النزاهة) أمانة في عنقه، فلا يسهم باغتيالها بإتاحة الفرصة للمتملقين والوصوليين أن يصعدوا على أكتاف الشرفاء وأن يضع لنفسه منهاج عدل يتيح لجميع موظفيه أن يظهروا ما لديهم من أوجه إبداع يرتقي بالعمل دون تخوف من تفويت الفرص عليه عند خطفهم الأضواء لأن ذوي البصيرة والرأي يعلمون علم اليقين أن الموظف الذي أحرز قصب السبق كان من يحمل هم تشجيعه ودفعه للأمام أنت، فنجاحه نجاحك كرئيس مسؤول وأن تكون باحثاً عن الحقائق المتعلقة بالعلاقات داخل المنشأة تقف عليها بنفسك دون الاعتماد على الآخرين في ذلك لأن اعتمادك يعني إبراز معاول الهدم للنزاهة في هذه المنشأة وقد لا يكون من العدل حصر ألوان الفساد في وريقات يسيرة، لذا يجب أن يكون التعليم هو هاجسنا الأول لإصلاح مفاسده وحينها سنجد النزاهة وقد خرجت تمشي على الأرض بسلام!
ربما في هذه المساحة نلقي بالضوء على عاملين يسهمان في وأد النزاهة في جانب مهم الأول وهو ما أقرته وزارة التربية والتعليم من أن الأولوية في النقل تكون لمن حصلت على نسبة لا تقل عن 60% ونسبة الغياب بدون عذر لا تزيد عن عشرة أيام في السنة والثاني حصر درجات تقييم الأداء الوظيفي بيد مديرة المدرسة.. قرار يحمل صواباً لو كان هناك عقوبات قوية بحق كل مديرة يثبت تلاعبها في الأداء الوظيفي للمعلمة لأسباب ربما شخصية حتى تفوت الفرصة على المعلمة في النقل والترقي والتحقق من ذلك سهل بتشكيل لجنة من التربويات من مكاتب مختلفة ليكون القرار نزيهاً يقيمن المعلمة في حال تظلمها من أدائها الوظيفي وكلمتهن هي الأخيرة. والعقوبة المناسبة للمديرة في هكذا حال عودتها للتدريس مرة أخرى مع حرمانها من العلاوة والقرار الثاني يلغي تماماً دور المشرفة التربوية التي تتناول صميم العمل التعليمي من خلال تمكن وإجادة لأنها تحمل نفس التخصص وتستطيع تقييم المعلمة بصورة أفضل هذا إذا غضضنا الطرف عن التسلط الذي تمارسه الغلبة من المديرات والذي يجعل هذين القرارين مجالاً خصباً لوأد النزاهة.
وحصري الحديث على هذا الجانب التعليمي فيما يخص القرارات كون المعلمة مغيبة تماماً ولأن المعاناة التي تعيشها الغالبية من منسوبات التعليم جعلتهن يتيقن بأن النزاهة باتت تتلاشى في مكان نشدانهن لها. لذا وعوداً على بدء مجلس الشورى مطالب بالتدخل في هكذا قرارات ودراستها من خلال وجهة نظر الطرفين بحثاً عن الأفضل مع يقيني أن هذا ما تنشده وزارة التربية والتعليم التي مع اجتهادها قد تخطئ بقرارات تجعل دائرة الفساد تتسع دون عمد.
موضي سليمان الشيب |