Friday 16th April,200411523العددالجمعة 26 ,صفر 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

أهمية السيرة والعناية بها أهمية السيرة والعناية بها
د. عوض بن أحمد الشهري ( * )

إن السيرة النبوية المطهرة تمثل جانب التطبيق العملي لعقيدة الإسلام ومبادئه وهدية في أرفع صورة وأكمل معنى، على مدار ثلاث وعشرين سنة في فترة التنزيل تحرسها عناية الله وتسيرها وتصوبها.
وقد استقرت في حسّ كل مسلم الأهمية الكبرى التي تمثلها تلك السيرة العطرة واستيقن المسلمون حاجتهم الماسة إلى معرفة الكيفية العملية الصحيحة لما جاء به المصطفى صلى الله عليه وسلم من هدي ونور وعلموا في الوقت ذاته أنه لا سبيل لحصول تلك المعرفة إلا بفقه السيرة والإحاطة بكل جوانبها ومعطياتها، كيف وهم يتلون دعوتهم إلى الاقتداء برسولهم والسير على هديه صلى الله عليه وسلم:{ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}.. ويتلون أيضا أن النجاة والفوز برضا الله مرهون باتباعه والتزام سنته:{ قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }.
إن السيرة النبوية في حسّ كل مسلم هي البيان النبوي العملي والضابط لكيفية تعامل البشر مع ضعفهم وقصورهم مع نصوص الوحي المعصوم في كل زمان ومكان وهي إلى جانب كونها إحدى حلقات التاريخ الإسلامي المليء بالدروس والعبر مصدر للتشريع مضيء مأمون ودليل بيان وتعامل خالد مع عقيدة الإسلام وهوية خلود هذه الشريعة السمحة، ومن هنا اعتبرت المعيار الخالد الذي يتعين التمسك به في هذا المجال سواء على مستوى الأفراد أو المؤسسات، وستظل بإذن الله نقطة الانطلاق ومرتكز إبراز عظمة الحضارة الإسلامية ومعطياتها الإنسانية العالمية.
إن إدراك هذه الحقائق كان وراء تلك الصور الناصعة لاهتمام المسلمين بسيرة نبيهم صلى الله عليه وسلم.. اهتموا بها تعليماً لأبنائهم وتربيةً.. كنا نعلم أبناءنا السير والمغازي كما نعلمهم السورة من القرآن.
واهتموا بها جمعاً ودراسة وتحليلاً فقد كتبوا فيها عبر الزمان ما يصعب حصره من المؤلفات المختلفة والأساليب والمناهج والأهداف، وستظل الحاجة قائمة إلى تقديمها في صور مناسبة لحل ما يجدُّ من مشكلات وأحداث، غير أن مما تجدر الإشارة إليه أنه إلى جانب هذه الأهمية للسيرة وتلك العناية الفائقة التي حظيت بها قد وجدت أمور عكرت صفو ذلك المورد الزلال أهمها:
1- إدخال كثير من المبالغات العاطفية والحكايات الشعبية على السيرة وتحويلها من مصدر عظيم للتشريع والتربية عند كثير من الناس إلى موالد وموائد غابت فيها السنة وفشت البدعة وأهدرت فيها الأوقات بين أكل وشرب ولهو.
2- ظهور كتابات في السيرة يفتقد أصحابها إلى التأهيل العلمي والفكري وهو الضابط المنهجي والمرجعي لكل دراسة جادة ولا يشفع لهؤلاء عاطفتهم الدينية.
3- ظهور دراسات المستشرقين ومن لفَّ لفهم وهي دراسات غالبها مشبوه رغم ما لبست من غطاء باسم البحث العلمي والمنهجية الموضوعية.
4- أبعاد السيرة في كثير من بلدان المسلمين عن أداء دورها في تربية الأمة والنهوض بها.
هذا كله تأتي به أهمية عقد هذه الندوة التي نسأل الله أن ينفع بها وأن تحقق أهدافها.

( * ) عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved