Friday 16th April,200411523العددالجمعة 26 ,صفر 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

رياض الفكر رياض الفكر
علاقة ( التفحيط) بالبطالة!!
سلمان بن محمد العُمري

شق سكون الليل في ساعة متأخرة صوت عجلات سيارة متعافية تلتهم اسفلت الشارع، لبرهة ما بين المنام الذي طار من شدة الصوت واليقظة المرهقة، تخيلت أنها ثمة مطارة جديدة بين قوات الأمن ومجرم هارب، كتلك التي اشتهرت بها السينما الأمريكية، أو أن ( مايكل شوماخر) بطل راليات ( الفورمولا) قرر أن يمارس تدريباته في الشارع الذي يقع به منزلي!!
عندما تجاوزت حالة النوم التي بدا أنها لن تعود بفعل الضجة التي أحدثتها سيارة اخرى مارست نفس فعل شقيقتها الأولى تبادر الى ذهني سؤال مفاده: ما الذي يدفع بعض شبابنا الى التفحيط، هذه الهواية القاتلة؟ ولماذا لم تفلح العقوبات التي ينالها المفحطون في ردعهم؟ وبدأت الإجابات الجاهزة تترى، فمرة الفراغ الذي يلتهم طاقات الشباب ويبددها فيما يضر ولا يفيد، وإجابة ثانية تقول: إنها الرغبة في تقليد نجوم السينما الأمريكية، وثالثة تؤكد أنها الرغبة الطبيعية عند المراهقين والشباب في لفت الانظار والتعبير عن الذات حتى لو كان ذلك بطريقة خاطئة، ورابعة تقول: إنه تساهل رب الأسرة وسماحه بأن يقود ابنه السيارة دون رقابة، وغيرها الكثير والكثير من الاجابات التي طالما طرحت في الحديث عن علاج ظاهرة التفحيط.
حاولت أن اعود الى الفراش، فأمامي عمل كثير ينتظرني في الصباح، وبدافع الرغبة ألا يحول الارهاق بيني وبين قدرتي على العمل الموكل إليَّ، بدأ النعاس يتسلل الى رويداً.. رويدا.
لكن ( أشباه شوماخر) أبوا أن يحدث ذلك فتتابعت صرخات السيارات مختلطة بصرخات قائدها فيما يشبه أفلام ( الكاوبوي) لكن الحصان اصبح سيارة.. ليعود السؤال ولكن بصيغة جديدة ما هو العلاج النافع لمثل هذا السلوك الانتحاري؟ وأعترف أنني هذه المرة لم أجد إجابة شافية فتشخيص الداء قد تنفع فيه الاجتهادات وان اختلفت الآراء أما وصف العلاج المناسب فمسألة أخرى، يتم التأكد منها بتحقق الشفاء.
في الصباح وأنا أطالع ( الصحف اليومية) بحكم طبيعة عملي، وليس لاستهلاك وقت العمل.. جاءتني إجابة لسؤالي حول علاج ظاهرة التفحيط على لسان عدد من المفحطين الذين أُلقي القبض عليهم أكثر من مرة ولم تفلح العقوبات في زجرهم.. وهم يقولون: إن الوظيفة فقط هي التي تحميهم من التفحيط وليس العقوبات!!
حقيقة بدأت أفكر في العلاج الذي وصفه هؤلاء الشباب لأنفسهم، ووجدت أنهم على حق بدرجة كبيرة، فالفراغ هو الارض القاحلة التي لا يمكن أن ينبت فيها شجر مثمر، والشباب الذي لا يعمل يقضي نهاره نائماً، وليله يتسكع أو يفحط، أو يقوده الشيطان الى ما هو أخطر وأسوأ عاقبة، والأب الذي يوجد في بيته ابن لا يعمل، ولا يستطيع الزواج ماذا يفعل له فهو لا يستطيع أن يقيده أو يمنعه من الخروج من البيت، ولا يستطيع أن يراقبه طوال الوقت.
والابن الذي لا يعمل يفتقد للشعور بأنه مؤثر وفاعل ومفيد لنفسه ومجتمعه، وهذا يصيبه بالإحباط الذي يدفعه لأي عمل طائش، وبضحكة مرة وجدتني أكتب أن ( أشباه شوماخر) في بلادنا على الرغم من مهارتهم في القيادة يعانون من البطالة، وأعترف أن درجة غضبي من أفعالهم (التفحيطية) أصبحت أقل، لكن الحزن هو الذي زاد.
كلام من ذهب:
- البطالة باب الشرور
- البطالة باب الرذائل
- من اتّكل على زادِ غيرِه طالَ جوعُه
- البطالةُ تُكثِرُ الهمَّ وتقعِدُ الهمةَ وتغشُّ القلبَ


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved