سعادة رئيس تحرير جريدة الجزيرة الأستاذ خالد المالك تحية وبعد..
قرأت في عدد الجزيرة رقم 11463،الموافق يوم الاثنين 25-12-1424هـ، قضية أدبية بعنوان (غياب أدب الطفل في أدبنا المحلي) وقد شدني هذا الموضوع جدا وذلك لحساسيته وأهميته الكبيرة التي تخص شريحة كبيرة وعزيزة على مجتمعنا وهي الطفل، وأدب الطفل، وقد شارك في هذه القضية نخبة من المختصين وكبار الكتّاب والكاتبات، وأود هنا أن أعقب على هذا الموضوع وأضم صوتي إلى صوت الكتّاب الذين أبدعوا في تناول هذه القضية خاصة الكاتبة الكبيرة (لبنى الطحلاوي) التي أجادت في تناول الموضوع بشكل رائع وشامل، وحقيقة أن أدب الطفل يولد انطباعا بأن المقصود هو (لعب عيال) أو أي شيء لا يتطلب جهدا أو تركيزا من النوع الذي يفترض توفره في الإبداع، وهذا قد يكون ناتجا عمّا تواطأ عليه معظمنا، بما في ذلك المثقفون من إطلاق صفة طفل على كل من يأتي بفعل أخرق وتصرف غير لائق، نازعين نعمة العقل والإدراك عن الطفل وهو ما يجعله في نظرنا، محروما من ملكة التذوق وحق الاختيار، ومن ثم هدفا سهلا لعاطلي الموهبة والمعرفة والقصد.إن الكتابة للأطفال فن ومعرفة وأدب، تنطوي على تربيته وتعليمه وتأديبه سلوكيا ومعرفيا ونفسيا، وبالنظر إلى القدرة الاستيعابية الهائلة لدى الطفل وجاهزية ذاكرته لاختزان المعلومة أو الحدث واستعداده بل تشوقه المتلهف لتلقي الجديد في كل شيء ومحاولة معرفته أو تجربته على الأقل، فإن التصدي لمخاطبة الأطفال بواسطة الأشكال الأدبية والفنية يتحول إلى مغامرة بمستقبل الإنسانية إذا افتقر إلى شروطه الأساسية، فالموهبة الأدبية والفنية هي الشرط الأول والأساس ولكنها ليست كافية لوحدها بل يمكن أن تقود إلى نتائج عكسية إذا لم تستند إلى معرفة وثقافة واسعة وخبرة بالأوضاع النفسية والاجتماعية الخاصة بالطفل ومقدرته على الموازنة بين تقديم المعلومة المفيدة والتوجيه التربوي والترفيه والمتعة وتنمية التوجهات العلمية وترقية الذائقة الأدبية والفنية وأخيراً لا بد من توفر انحياز خاص وودود للأطفال وعالمهم الذي لا يرسمه الكاتب بل يساعدهم على تصوره وتصويره.
خالد عمر مرعي /سكرتير تحرير مجلة (شعبية)
|