* جازان -إبراهيم بكري:
مازالت جازان تعاني معاناة شديدة بسبب تواصل سقوط الأمطار بغزارة شديدة جداً على كافة المنطقة بمحافظاتها وقراها.
السيول المتدفقة تعتبر الأسوأ في تاريخ المنطقة وقد خلفت وراءها حصارا شديدا للقرى والمحافظات المعاناة الحقيقية التي يعيشها أهالي جازان حالياً لايمكن وصفها، أسر تشردت، منازل تهدمت، أطفال إصاباتهم بليغة، المدارس أقفلت أبوابها، المصالح تعطلت بالدوائر الحكومية،معلم و ومعلمات المناطق النائية ناموا بعيداً عن أهلهم وأسرهم، السيول تواصل الحصار القاسي، الدفاع المدني في حالة استنفار قصوى واعلان حالة طوارئ لمواجهة الكارثة المتوقعة، المواد الغذائية في بعض القرى تباع بالسوق السوداء بأسعار خيالية، وسائل المواصلات الحديثة كالسيارات في القرى المحاصرة لم تستطيع مقاومة السيول، أهالي هذه القرى لم يجدوا أمامهم إلا العودة بالتاريخ والزمن عشرات السنوات ليركبوا الحمير والبهائم لقضاء حاجاتهم الحيوية، انتشرت عربات الحمير في العديد من القرى المنكوبة التي لايمكن الوصول إليها إلا بهذه الطريقة التقليدية.
الجزيرة من جانبها قامت بجولة ميدانية لقرى القطاع الساحلي بمحافظة صبيا لترصد المعاناة والمأساة من أفواه أهاليها ولتجسدها الصورة التي لاتحسد عليها. وادي صبيا لم يعرف السيول منذ 25 سنة، أمس عاد بقوته ليغرق قرى الساحل وهي القرى التالية: الظبية، الغراء، تيمان، الرافعي، الطراشة، الباطنة، الفقرة، حوتين، الباحر، جريبة، الجديين، الهدوي الكبير، الهدوي الصغير، الحجرين، الحرف، السبخة، الكشارة، أم شيبان، وأبوذنقور.
هذه القرى باختلاف أسمائها اتفقت أمس بالمعاناة في مواجهة حصار السيول، أثناء تجول عدسة الجزيرة وسط هذه القرى المحاصرة تم رصد العديد من المشاهد من أهمها:
أمام مدخل قرية الجديين التي فرضت السيول عليها حصارا شاملا اثنان من العمالة الافريقية يستعدان لاقتحام السيول لايصال الخبز إلى أهالي القرية لأن الجوع لم يقاومه الأطفال والنساء. حالة أهالي قرية الجديين كما وصفها سكانها لمحرر الجزيرة عبر الهاتف الجوال أنهم يمرون بظروف قاسية جداً المنازل غرقت والسيارات تعطلت والمواد الغذائية تصل بصعوبة وتباع بأسعار مرتفعة حيث ان سعر الخبز الصامولي بثلاثة ريالات بسبب تحكم عمالة أفريقية بذلك وواصلوا معاناتهم قائلين الطلاب هجروا المدارس والموظفون غابوا عن أعمالهم ووجهوا نداء عاجلا بضرورة انقاذ قريتهم من الغرق.
الجزيرة حاولت الدخول لقرية الجديين لكن انقلاب سيارة صالون أمام مدخل القرية جعل المحرر يدرك خطورة الموقف هناك ولم تستطع الجزيرة دخولها.
وفي جانب آخر المعاناة أكثر شدة ففي قرية جريبة ارتفع منسوب المياه داخل القرية إلى أكثر من متر ونصف والمنازل جميعها غرقت، الاثاث والمحتويات المنزلية تسبح أمام عينيك وسط مياه السيول، الأهالي يحاولون ويكافحون لانقاذ ماتبقى داخل منازلهم لكن الظاهر في أرض الواقع أنه لم يتبق شيء داخل المنازل. النساء ظروفهن صعبة جداً فلم يذقن النوم منذ 24 ساعة لحراسة أطفالهن من الغرق.
وبجوار هذه القرية توجد قرية الهدوي أهلها برجالهم ونسائهم وأطفالهم تجمعوا جميعاً داخل بيت واحد لأن جميع البيوت غرقت ومعاناتهم تحتاج لحالة طوارئ عاجلة.
استنفار مدني
ومن جانبها استنفرت إدارة الدفاع المدني بمنطقة جازان أمس بكافة امكانياتها وبالطيران العمودي لتمشيط القرى المحاصرة. الطيران العمودي قام بانقاذ طفل كسرت يده فجر أمس بقرية المحاصية التابعة لمحافظة بيش التي مازالت محاصرة وتم نقل الطفل المصاب للمستشفى لإجراء اللازم.
وفي قرية أخرى امرأة داهمها المخاض والطلق والنفاس في قرية الخضراء المحاصرة بمحافظة بيش وتم نقلها بالطيران العمودي لمستشفى بيش ليتم توليدها وانقاذ طفلها.
وبقرية المحاصية كسرت ذراع رجل عمره 70 عاماً يدعى ابراهيم الخالدي وتم انقاذه بالطيران العمودي برفقة المصابين محمد ابراهيم محامي وعلي زين خطار وبفضل الله ثم جهود رجال الدفاع المدني تم انقاذ مواطن مصاب بمرض القلب حالته سيئة جداً يدعى عبدالله علي ابراهيم زباني عبر الطيران العمودي من قريته الجميمة المحاصرة كلياً.
وعلمت (الجزيرة) بأنه أثناء تمشيط دوريات الدفاع المدني لمجرى السيول تعرض عدد ثلاثة من أفرادها لحصار في بطن الوادي وهم العريف زهير الشيخ والجندي عبدالله حكمي والجندي حسين خردلي وتم انقاذهم قبل غرقهم بلحظات قليلة جداً.
ولقد حاصرت السيول بمحافظة بيش رجل أمن يعمل بالشرطة ويدعى مروعي ابوقايم اثناء محاصرته في مزلاق السلامة كما اقتحمت السيول مستشفى بيش العام.
ومن جانبها واصلت فرق الدفاع المدني عمليات الاستنفار القصوى بالقطاع الجنوبي الحدودي مع اليمن ففي قرية الحقلة الحدودية تم انقاذ مواطن يدعى يحيى حوذان حمدي حاصرت السيول سيارته في بطن وادي المغيالة.
أما في محافظة الحرث فقد تم انقاذ 4 رجال و4نساء برفقة صاحب سيارة محاصرة في بطن الوادي يدعى عبدالفارس وتم انقاذهم بونش مركب في سيارة انقاذ تابعة للدفاع المدني.
وفي نفس المحافظة السيول أغرقت منزل المواطن محمد هزازي بقرية مفلح.
أما في محافظة العارضة فقد بذل رجال الدفاع المدني جهودا جبارة في انقاذ سيارة هايلوكس يقودها عبدالله الشهراني برفقة امرأتين وطفلين كانت محاصرة بوادي الجواة بجوار قرية روان العبيد وتم سحب السيارة وانقاذهم.
كما تمكن رجال الدفاع المدني من انقاذ عائلة المواطن سلمان الودعاني بسبب انهيار جدار منزله بطول 15 مترا وتم التنسيق مع شركة الكهرباء لفصل التيار الكهربائي.
وفي نفس محافظة العارضة تم انقاذ عائلة المواطن حسين هزازي داخل سيارة صالون لاندكروزر داهمتها السيول وتم انقاذ عائلة أخرى داخل سيارة صالون موديل 94م بقيادة ابراهيم جحضلي ترافقه زوجته وتم اخراجهما وأما في وادي مراح الذياب فقد تم انقاذ المواطنين يحيى القيسي وفرحان الجابري.أما في الموسم فقد سقطت شجرة على سيارة هونداي 2000م تعود ملكيتها لسعود مهدي عريبي وتسببت في تلفيات كبيرة.
كما تعرض قصر أفراح الموسم لتماس كهربائي وتم فصل التيار وفي مدينة جيزان سقطت بلكونة منزل من دورين بشارع القادسية.
أما في قرية الظبية فقد تعرض النحال عبدالرحمن عقيلي لخسائر مادية فادحة بسبب غرق جوالين من العسل تقدر قيمتهما بآلاف الريالات.
المواطن غريب مقبول والمواطن حسين القناص والمواطن هاني غريب بذلوا جهودا جبارة لانقاذ منزل عمتهم بحارة الخالدية بمحافظة صبيا الذي داهمته السيول لتغرق كافة محتويات المنزل.
الجدير ذكره أن صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن ناصر بن عبدالعزيز أمير منطقة جازان وقف على حالة الاستنفار القصوى التي فرضتها كافة الجهات المعنية.
علماً ان هناك ظروفاً جوية أجبرت الطيران العمودي للدفاع المدني على الهبوط الاضطراري وعدم القدرة على مواصلة الدوريات والتمشيط بالقرى المحاصرة.
ولقد أكدت للجزيرة مصادرها بأن الدفاع المدني ارسل خطابا عاجلا للجهات المعنية بضرورة سرعة ارسال إغاثة عاجلة من مواد غذائية لكافة القرى المحاصرة.
|