* القاهرة - مكتب الجزيرة - محمد العجمي:
اثار التكالب على شراء الدينار العراقي من قبل المواطنين في الدول العربية بروز العديد من المخاطر الاقتصادية حيث اكد الخبراء أن شراء الدينار العراقي مغامرة ومقامرة تؤدي إلى تجميد الاموال في عملة غير متداولة عالميا وأن مستقبل الدينار مظلم في ظل تردي الأوضاع وحذروا من توظيف الاموال في شراء الدينار بسبب المخاطر المرتفعة التي قد تلحق بصاحبها اضرارا وخسائر كبيرة واشاروا إلى خطورة شراء الدينار على الاقتصاديات العربية حيث تؤدي إلى توقف الاستثمارات فما هي قصة الدينار العراقي؟ هل يوجد عامل نفسي وراء الشراء؟ وما تأثيره على الاقتصاديات العربية؟ واسئلة أخرى في هذا التحقيق.
يقول إبراهيم المزلاوي صاحب شركة صرافة شاركت في تقييم سعر الدينار العراقي إن قيمة الدينار العراقي تراجعت كثيرا خلال ثلاثة العقود الماضية فبعد أن كان يصل إلى ثلاثة دولارات حتى نهاية السبعينات بدأ ينخفض مع سلسلة الحروب التي بدأت بالحرب العراقية الإيرانية وبعد الحرب وصلت قيمة الدينار العراقي 20 سنتا امريكيا حتى جاء الحصار الامريكي والقضاء على صدام ليصل الدولار الواحد حوالي 4500 دينار ومع الغزو الامريكي ارتفع الى 2000 دينار للدولار الواحد واشار الى أن التجار على العملة كانوا يسافرون خصيصاً إلى الاردن لشراء العملة العراقية بأسعار منخفضة تصل إلى مليون دينار لكل الف جنه مصري ويقومون باعادة بيعه داخل مصر لمليون دينار بنحو ثمانية آلاف جنيه وتصل الكمية المتداولة في السوق حاليا نحو ملياري دينار عراقي وحذر ابراهيم المزلاوي من الإقبال على شراء الدينار لعدم قابليته للتداول ويحيط مستقبله الغموض.
مخاطر المضاربة
اكد الدكتور محمد عبدالحليم استاذ الاقتصاد ومدير مركز صالح كامل للاقتصاد الإسلامي أن المضاربة على الدينار غير جائزة شرعاً او اقتصاديا وأن الذين يقومون بشراء الدينار العراقي يضاربون على ارتفاع سعره فيما بعد ثم يبيعونه ويحققون ارباحا ممثلة في الفرق بين سعر الشراء وسعر البيع والمضاربة على الصعود بمعنى توقع ارتفاع الاسعار في هذه الحالة فيها نوع من المغامرة التي تنطوي على مخاطر كبيرة اذ لا توجد مؤشرات معقولة لحدوث هذا الارتفاع في السعر بالاضافة إلى أن النقود الورقية المتداولة الآن ليس لها قيمة ذاتية فقيمتها الذاتية تستمد من قيمة الورق المطبوعة عليه ولا يساوي شيئاً وانما لها قيمة تبادلية ممثلة في القوة الشرائية لها والتي تستمد من امرين اولهما الغطاء الذي يحتفظ به البنك المركزي المصدر للنقود الورقية من ذهب وأوراق مالية ونقود اجنبية وثانيها من قوة السلطة الحكومية التي تصدر هذه النقود.
ويضيف الدكتور محمد عبد الحليم عمر أن حالة الدينار العراقي لا تتوافر له الآن قوة الاقتصاد العراقي الذي يعمل في ظله لانه لا يوجد غطاء لما تم إصداره من دنانير كما لا توجد حكومة عراقية لها سلطة تعزز قيمة الدينار وبالتالي لا تخرج هذه الدنانير عن كونها كوبونات محلية ليست لها قوة شرائية الا داخل العراق ولا يتم التعامل بها دولياً إلى جانب أن الاقتصاد العراقي في حالة انهيار كامل ولا يتوقع له في المستقبل المنظور وفي ظل الاحتلال الأمريكي أن يعود لسابق عهده لهذا فمن يشتري هذه الدنانير مضيع لماله.
وترى عنايات سعيد النجار مديرة الإدارة المركزية لسوق المال ببنك مصر اكستريو أن التكالب على شراء الدينار يرجع لمشكلة اجتماعية حيث تدني مستوى معيشة الافراد مما دفعهم إلى السعي خلف الربح السريع مؤكدة أن شراء الدينار العراقي يهدد الاقتصاديات العربية حيث يعمل على خروج العملة الصعبة وبالتالي ارتفاع قيمتها امام العملة المحلية ومنها تدنٍّ عام في مستوى المعيشة نتيجة لارتفاع الاسعار كما أن اكتناز الدينار يؤدي الى امتصاص السيولة اللازمة للاستثمار ومعه تتوقف عجلة التنمية ويزيد الركود في الأسواق وترتفع البطالة ويفقد المواطن الثقة في عملته وتطالب بضرورة توعية المواطنين بخطورة اكتناز الدينار على الاقتصاد القومي ومحاربة الفساد الذي يعمل على استغلال جهل المواطنين ويقومون بتهريب الدينار العراقي للأسواق.
خطط طموحة
ويؤكد السفير علي حجازي نائب وزير الخارجية السابق أن بعض الناس في الدول العربية وعلى الاخص لبنان ومصر والكويت تصوروا أن الدينار العراقي سيعود إلى قوته على النحو الذي حدث للدينار الكويتي بعد الغزو العراقي للكويت ولكن الواقع يؤكد أن هناك فرقا كبيرا بين ما حدث في الكويت والعراق فالعراق دولة مدينة للعالم بحوالي 400 مليار دولار ما بين ديون على الحكومة العراقية وتعويضات لدول الاخرى التي لم تعلن الدول عن تنازلها عن هذه الديون رغم الضغوط الامريكية على تلك الدول خاصة في ظل تواجد نظرة بأن العراق دولة بترولية وغنية ولا يمكن التنازل عن الديون وإن كانت هناك بعض الدول اعلنت تنازلها عن بعضها ولكن سيظل الموقف صعبا لعشرات السنين القادمة.
|