* مكة - أحمد الأحمدي:
(أثر وسطية الإسلام وسماحته في حياة المسلمين المعاصرة)، عنوان المحاضرة القيمة التي ألقاها الدكتور سليمان بن عبدالعزيز أبا الخيل وكيل (جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية )، ضمن النشاط المنبري لنادي مكة الثقافي الأدبي..وقد بيّن المحاضر في أول حديثه معنى (الوسطية)، التي هي من خصائص ديننا الحنيف، وسمة من سمات أمة الاستجابة..
وقال: إن المنهج القرآني والنبوي يؤيّد هذا المعنى الوسط ويطلبه في جميع أمور المسلم، في مبادئه، وفي أموره الدنيوية ويحذر من الانحراف والغلو.
وقدّم الدكتور أبا الخيل أدلة وشواهد من الكتاب والسنّة، ومن مأثور السلف الصالح لتوضيح معنى (الوسطية) في الإسلام..وتساءل بعد ذلك: هل (الوسطية) معيار بشري للفضائل والرذائل أم ماذا؟
وفي إجابته عن هذا السؤال.
وقال المحاضر: إن الوسطية ليست معياراً بشرياً وإنما هي ميزة تميز بها الدين الإسلامي عن باقي الشرائع والأديان، وهو جار على مقتدى العدل الإلهي.
وفي إطار الحديث عن وسطية الإسلام وسماحته بيَّن الدكتور أبا الخيل بعض ما تميز به هذا الدين العظيم, ومن ذلك: أولاً: الأصالة: فالإسلام دين إلهي صادر من الله سبحانه وتعالى في أصله وتأصيله, الذي يعلم ما يصلح عباده.. ولذلك جاء متوازناً ومتوافقاً مع الطبائع البشرية بصورة منقطعة النظير.. وخادماً لمصالحهم الخاصة والعامة، ومراعياً أحوالهم وتموَّلاتهم، بما لا يدع مجالاً للأخذ والعطاء، والخلاف والاختلاف.
ثانياً: الفطرة: فقد جاء الإسلام متوافقاً مع فطر الناس.. وجميع أحكامه متسقة مع طبيعة البشر.. وحتى لو ترك الناس وشأنهم لما اضاروا غيره عليه.. ذلك أن الطبيعة الإنسانية تقبل التوحيد، وجميع ما جاء به الإسلام، لأن التوحيد يشهد به العقل السليم، ويحكم به النظر القويم..
ثالثاً: الكمال والتمام: ولأن الإسلام خاتم الأديان، جاء كامل النشأة، وكامل المبادئ، تام القواعد، راسي الأصول.. ومن ادعى نقص الشريعة الإسلامية، أو قصورها عن مسايرة الأعصار, وعدم قدرتها على الوفاء بمتطلبات وحوائج أهل الأمطار فهو ضال, وعلى خطر عظيم، ولا يعدو أن يكون أحد ثلاثة، إما جاهلاً جهلاً مركباً، وإما صاحب هوى وبدعة، وإما عدواً لدوداً..
رابعاً: الشمولية والاتساع: فقد أتت الشريعة الإسلامية على كل ما يحتاج إليه الإنسان في العبادات والمعاملات، والأحوال الشخصية، والحدود والجنايات، وما يتعلق بها، من ضروريات، وحاجبات، وتحسينات وكماليات.
خامساً: الاستمرارية والصلاحية لكل زمان ومكان وأمة: فالإسلام بمبادئه وأحكامه العامة والخاصة صالح لأن يأخذ به كل إنسان على وجه البسيطة, وعلى مرّ العصور، وبه تتحقق للبشرية جمعاء السعادة والفلاح ، في معاشها ومعادها، ولا يمكن لقائل أن يقول غير ذلك، فإن تجاوز وقال: فإن النقص والعيب فيه وفي مجتمعه إما ذاتاً وإما فهما وإدراكاً..
وفي المحطة الأخيرة من المحاضرة توقف الدكتور أبا الخيل أمام مظاهر وسطية وسماحة الإسلام.
فتناول أولاً اليسر في أحكام الإسلام، ومما يدل عليه قوله تعالى { يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}.. فقد حذر ديننا الحنيف من التشدد والغلو.. ومما يدل يسر الإسلام أيضاً مشروعية الرخص، وهو أمر مقطوع به، ومعلوم في الدين بالضرورة.. ولو كان الشارع قاصداً المشقة في التكاليف، لما كان ثم ترخيص ولا تخيف.. وهو من رفع الحرج والمشقة عن الأمة..
ويستتبع اليسر (التحذير من الغلو والتطرف)، وخاصة الغلو الاعتقادي الذي يخرج من الملة، كغلو الخوارج أما الغلو الفردي فيمكن معالجته..
ومن مظاهر الوسطية الخلق الحسن والمعاملة الطيبة.. والعدل والرحمة، والبر والإحسان إلى الناس.. والرفق واللين.. والاجتماع الاتفاق والائتلاف.. والوفاء بالعهود والمواثيق..كما أشار المحاضر إلى أن (الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن) واحدة من مظاهر الإسلام الرئيسة..وفي نهاية المحاضرة أجاب الدكتور أبا الخيل عن أسئلة الحضور، محذراً من الغلو والتطرف في أمورنا الدينية والحياتية.. داعياً إلى اتباع نهج الإسلام بالاعتدال والوسطية.
التعقيبات
وكان من المشاركين في التعقيب على هذه المحاضرة، الدكتور أحمد البناني، الذي قدّم المحاضرة وأثنى على ما تضمنته المحاضرة من طروحات قيمة، ودعوات نافعة.. وتوضيح لما يتحلى به الإسلام من وسطية ويسر..
كذلك أثنى الدكتور عبدالرزاق ظفر في تعليقه على هذه المحاضرة وما تملكه من رد شاف على من يتهمون ديننا الحنيف بالغلو والتطرّف.
وفي نهاية اللقاء قدّم معالي الدكتور راشد الراجح، رئيس نادي مكة الثقافي الأدبي، إصدارات النادي للضيف المحاضر.
|