استبقت واشنطن زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي شارون لها بما يفتح شهيته لالتهام المزيد من الأراضي الفلسطينية ، أما هو فلم يشأ تفويت الفرصة التي قدمتها له واشنطن على طبق من ذهب عندما قالت إنها لا تمانع في أن يحتفظ بأجزاء من الضفة الغربية.
وهكذا فقد حط الإرهابي العتيد على الأرض الأمريكية وقد سبقته تصريحاته حول تمسكه بالكتل الاستيطانية الكبرى في الضفة ، في إطار خطته للانسحاب من غزة وما على واشنطن إلا القيام بواجبات الضيافة ومباركة خططه.
وبينما بدا الانسحاب من غزة وكأنه علامة إيجابية، إلا انه في الحقيقة ليس أكثر من خدعة، إذ ان ما يفقده شارون في غزة يعوضه مضاعفاً في الضفة وبذلك فان شارون يوجه، في الحقيقة، ضربة موجعة لعملية السلام المتعثرة أصلا .. والأخطر من تصريحات شارون هو ما يتردد في العاصمة الأمريكية حول تأييد واشنطن لخطط شارون الخاصة بالضفة ، وعدم ممانعتها في أن يحتفظ بأجزاء منها، من خلال عدم الضغط عليه لتنفيذ الانسحاب الكامل، إضافة إلى ذلك فانه يتردد أيضا عدم تأييد أمريكا حق العودة الذي يطالب به الفلسطينيون.
ويمكن فهم هذا التقارب الشديد الذي يتزايد بين أمريكا وإسرائيل في الإطار العام للمشهد في المنطقة ، حيث توجد قوة أمريكية عسكرية عظمى تحاول السيطرة على كل شيء بدءاً من العراق، وهذا الوجود المهيمن يحتاج دائماً إلى ما يدعمه ، رغم تفوقه، وليس هناك قوة تفعل ذلك مثل إسرائيل.
ومثلما تدعم إسرائيل هذا الوجود لتحقيق أهدافه، فإنها وبلاشك تستفيد من وجود عسكري بمثل هذا الحجم الكبير في تنفيذ مخططاتها هي أيضا، وهكذا فإننا نرى أن الهجمة الإسرائيلية الشرسة تزداد تصاعداً فيما يتصل بالاغتيالات وفيما يتعلق بالطموحات السياسية أو فلنقل بالأطماع في أراضى الغير ، الأمر الذي تترجمه سياسات شارون تجاه أراضي الفلسطينيين وإعلانه بالصوت العالي انه لن يتخلى عن مواقع الضفة، ولا يهم ان كان ذلك سيدمر عملية السلام أو حتى يتعارض مع التصور الأمريكي للتسوية بما في ذلك خارطة الطريق ، طالما أن القناعات الأمريكية تعتمد على المخططات والسياسات الإسرائيلية ولا تحيد عنها بل تساندها وتؤازرها.
|