الندوة العدلية التي أقيمت مؤخراً برعاية كريمة من صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمين حفظه الله والتي نظمتها وزارة العدل، جاءت في وقتها المناسب، خاصة أنها ظهرت في صورة مشرقة من حسن التنظيم، ودقة المواعيد، ووضوح الهدف، واختلاف مشارب المشاركين، ورقي فكر المتحدثين، وهو ما كنا نأمله وما تحقق لنا في ظل وزارة مرموقة يقف على رأسها وزير مخلص متفانٍ واعٍ تماماً لكل ما يتعلق بالعدل وأهله والهدف الوطني الأسمى الذي من أجله أنشئت هذه الوزارة.
نعم، لقد لمست جهداً عظيماً انصب على كل مفردات هذه الندوة، أعطى صورة مثالية لما عليه المؤسسات الرسمية السعودية من تنظيم وعدل قضائي مستقل قائم على أسس ثابتة ومصادر موثوقة، تنُم عن عناية كبيرة للمملكة بالقضاء وتوفير كل الإمكانات اللازمة لتحقيق العدل القائم على نهج الشريعة الإسلامية السمحة.
وقد لفت نظري خلال الجلسات المتعاقبة للندوة أن كثيراً من المداخلات والاستفسارات عن الحضور الدولي تركَّزت حول نظام العدالة والمرافعات وحقوق المتهم وكيفية الوصول إلى هذه الحقوق. وهو أمر قد يكون واضحاً لنا، غير أنه في حاجة إلى تبسيط لغيرنا. حتى ينزع من قلوبهم نزعة الشك أو الخوف من ضياع الحقوق. وهو ما تبيَّن لهم خلال المناقشات أن عدالة القضاء السعودي القائم على الشريعة الإسلامية يأبى إلا أن يحقق العدالة.
وتجلى ذلك من التأكيد على أن اعتراف المقر يجب أن يتم أمام القاضي نفسه مهما كانت الإقرارات السابقة له. وهو ما من شأنه نفي انتزاع الاعترافات بالإكراه واعتمادها كما هي.
فقد توجهت بسؤال حول السبل الممكنة المتوفرة في الأنظمة العدلية - لوصول المرأة إلى القضاء خاصة عندما تكون غير قادرة على الدفاع عن نفسها، أو لا تملك الإمكانات المادية لتوكيل محامٍ يدافع عن قضيتها.
وقد أشفى نفسي ممثلة لكل امرأة في السعودية ما تفضَّل به معالي وزير العدل - في اليوم التالي - من بشرى للمرأة حين صرح قائلاً: إن وزارة العدل لا تغفل الجانب القضائي الخاص بالمرأة مهما كان وضعها المادي أو مهما كانت قضيتها فأولتها الوزارة اهتماماً خاصاً، حيث صدر قرار بهذا الشأن لم يعلن عنه بعد يختص بتحديد مكاتب استشارات قانونية لمثل هذه الحالات وتتولى الوزارة أمر النفقات المادية المتعلقة بها.
هذا التفاعل الرسمي من حكومة المملكة الرشيدة ممثلة في شخص معالي وزير العدل بخصوص المرأة إن دل على شيء فإنما يدل على نظرة ثاقبة وبرنامج إصلاحي مدروس ومستوى من القيادة ذي قدرة فعَّالة في سرعة اتخاذ القرار بما يحقق الفائدة على أساس من الوعي والموضوعية في سبيل تحقيق الهدف وفقاً للمصالح الوطنية، ولقد تجلى موقف وزارة العدل عن نمط القيادة السعودي ذي المرونة العالية، وهذا النمط الإداري يتمتع بالقدرة على مواجهة المواقف الغامضة وتحملها، وبعقلية متفتحة تجعله مستعداً لسماع وجهات نظر جديدة ومختلفة، ويستطيع رؤية الأشياء من زوايا مختلفة، ويعمل بروح الفريق وصالح المجتمع، بعدل وواقعية، وتفاؤل، وحساسية وتعاون، واستقلالية تؤهل صاحبها لقرارات إستراتيجية أهم المستفيدين هو المواطن ولا أحد قبله، وهو يدل بما لا يدع مجالاً للشك أن عصر الاجتهاد في الحقوق، وحديث المجتهدين قد أصبح شيئاً من الماضي..!!
فاكس: 2051900 |