منذ أن زرت أمانة الرياض في متابعات لمعاملاتٍ خاصة فيها وأنا أنوي الكتابة عن الأسلوب الإداري الممتاز الذي رأيته في مكتب أمينها سمو الدكتور عبد العزيز بن عياف، حيث لا يجد مراجعٌ من المراجعين إلا باباً مفتوحاً في الساعات المخصَّصة منذ الصباح الباكر لاستقبال المراجعين وقراءة معاملاتهم والاستماع إلى ما يريدون قوله للأمين، ولكنَّ الأيَّام مرَّت دون أن أحقِّق ما نويتُ الكتابة عنه لا إهمالاً للموضوع، ولكن دفق القلم يشرِّق ويغرِّب حسب ما يحيط به من عواصف الأفكار والأحداث.
(أحسنت) كلمةٌ يجب أن تكون بارزة في حياتنا نردِّدها على مسامع كل من يحسن في قوله أو عمله، خاصة وأننا في عالمنا العربي في هذا العصر نقصِّر في استخدام كلمة (أحسنت) للمحسن، ونتفنَّن في استخدام كلمة (أسأت) للمسيء بصورٍ مختلفةٍ لا تخرج عن إطار تضخيم السيئة، والتركيز عليها، وهذا منهج مخالفٌ لشرعنا الحكيم الذي يؤكد لنا أنه لا يشكر الله من لا يشكر الناس.
لماذا توجَّه قلمي إلى الكتابة عن التنظيم الإداري الناجح الذي رأيته في أمانة الرياض في هذا الوقت بالذات؟
قرأت خبراً نشرته الصحف المحلية والخليجية عن منح جائزة الإبداع الإداري التي تحمل اسم ولي عهد دبي (محمد بن راشد بن مكتوم) في هذا العام لسمو أمين مدينة الرياض (د. عبد العزيز بن عياف) نظراً لما تحقق في إدارته من إبداعٍ وإنجازٍ واستخدام لوسائل متطوِّرة حديثة في الإدارة. وفرحت حينما وجدت هذا التقدير لإدارة منظمة في بلادنا، وقد حفزني على الكتابة ما سمعته من أحد من اطلعوا على الخبر من تعليقٍ سلبي قال فيه: انظر إلى هذه المجاملات في منح الجوائز، واين الإبداع الإداري عندنا نحن العرب، ونحن السعوديين بصفة خاصة، وإنَّ لي في أمانة مدينة الرياض معاملةً لم تنجز منذ سنوات؟
قلت له: إنَّ هذا الإحساس المتشائم أحد العوائق عندنا التي تقف في طريق المبدعين، وهذا الشعور بالضعف والدُّونيَّة مرض يحتاج إلى علاج، فإن لدينا إبداعات في الإدارة في أكثر من موقع في القطاع العام والقطاع الخاص، ولو أننا نشجع المبدعين، ونشيد بإبداعاتهم لتجاوزنا كثيراً من المشكلات التي تعترض هذا الطريق، ولكننا ننظر إلى الجانب السلبي بالمكبِّر، وإلى الجانب الإيجابي بالمصغِّر الذي يجعل القبة حبَّة.
وعندما سألته عن معاملته المتأخرة وجدت أنَّ ملابساتها ومتعلَّقاتها هي التي دعت إلى تأخيرها، وقلت له: ليس معنى الإشادة بالتنظيم الإداري في الأمانة أنها قد خلت من الأخطاء والسلبيات، فذلك موجود - بلا شك - ولكن هذه الإشادة مهمة ليشعر المبدع بصدى إبداعه عند الآخرين، وليكون ذلك حافزاً قوياً له لزيادة التنظيم، والحرص على دعم إيجابيات عمله، والقضاء على سلبياته.
إنَّ الذي يراجع مكتب أمين الرياض يشعر بتنظيم إداري ممتاز، ويرى أثر الرِّضا على وجوه المراجعين الذين لا يتوقفون عند مدير مكتب ولا سكرتير في الأوقات المخصَّصة لهم، بل يجدون باباً مشرعاً يتيح لهم اللقاء مع المسؤول، والحديث إليه بما في نفوسهم.
إنني أبارك لأمين مدينة الرياض هذه الجائزة، وأشيد بالتنظيم الإداري المتميز الذي رأيته، وأدعوه إلى المزيد من الإبداع الإداري في إدارة مهمة لعلاقتها باحتياجات الناس، كما أدعوه إلى أن تسري هذه الروح الإدارية الجيدة إلى جميع إدارات وأقسام وفروع أمانة مدينة الرياض، وإلى جميع الأنظمة تعديلاً وزيادة ونقصاً، فهو جدير بعمل ذلك - إن شاء الله -.
إشارة
|
إنا على درب الهدى لم نزل
نقرع بالإيمان باب الغد |
| 
