الحوار والنقد.. أساليب حضارية متقدمة.. كنا - مع الاسف - الى وقت قريب لانؤمن بها.. بل نغضب منها..
عندما توجه نقداًَ الى زميل أو كاتب أو صاحب عمل أيا كان.. يواجهك بالغضب أو الزعل أو الشكوى.. وهذه أحد أسباب مشاكلنا.. أننا لا نؤمن بالرأي الآخر.
هناك دوائر.. وهناك هيئات ومؤسسات خاصة وعامة.. هي هكذا.. كانت الى وقت قريب.. لانؤمن بالنقد.. ولابوجهة النظر الأخرى ولا بالحوار..
كانت هناك وزارات ولاتحفل بالرأي الآخر أو النقد أو الرأي أو محاولة تناول أعمالها مهما كانت..
واليوم.. الأمور تبدلت.. وجاء مسؤولون مختلفون.
لستم في حاجة الى أن أقول لكم فوائد الحوار.. فلدينا اليوم.. واحد من أكبر المراكز الحوارية (مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني).. تحت قبته.. تتحاور كل الاطياف... والكل يصغي ويسمع الآخر.. والكل يتقبل الرأي الآخر مهما كان.. حتى لو يرى أنه خاطئ (100%).
هكذا هو الحوار.. وهذا.. هو الاسلوب الأمثل له..
لابد أن نتقبل الآخر ونصغي له.. وسواء اقتنعنا أن ماقاله صحيحا أو خطأً (100%).
لابد أن نُبِّين له وجهة نظرنا.. ولابد أن نوضح له.. ماعندنا.. ولابد أن نتجاذب الآراء.. ولابد ان نصغي لبعض.
وميزة مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني.. أنه يختار الرموز والمبدعين والكتاب والمفكرين والمثقفين في كل الاتجاهات.. ويحدد موضوعا أو مواضيع للحوار.. وبذل للمشاركين فرصة تبادل الآراء وطرح كل الافكار ويوفر لهم المناخات اللازمة للأخذ والعطاء.. دون أن يتدخل أو يملي وجهة نظر..
لقد سعدت بلقاء بعض من شاركوا في هذه الملتقيات وسمعت منهم من قرب ووقفت على بعض مادار.. لأن أكثر مادار هناك.. لازال طي سراديب هذه الحوارات .. وهذا في البداية.. أسلوب طيب.. كما هو شأن مجلس الشورى.. كان الجميع يتحاورون بعيدا عن الأضواء.. حتى تم استقطاب أشخاص لحضور جلسات المجلس.. ثم كانت المرحلة اللاحقة.. وهي نقلة تلفازيا.. الى أن يتم بثه على الهواء مباشرة في مرحلة لاحقة ستأتي إن شاء الله.
في مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني.. سيكون ذلك إن شاء الله.. ونتوقعه قريبا.
في اللقاء الأول.. كان صغيرا والمواضيع بسيطة.. والحضور قليل.. والمدة قصيرة والأنفس لم تكن مهيأة لدرجة كافية..
أما اللقاء الثاني.. فكان أطول وأكبر وأخصب وأجود.. وأكثر فائدة وأوسع حواراً.. وأثرى مواضيع.. والنفوس كانت مهيأة أكثر وأكثر.. وهكذا..
إن مشكلة بعض الجهات اليوم.. أنها لاتؤمن بالحوار.. بل تؤمن بأن ماتفعله صحيح (100%).
وإن من تسوّل له نفسه نقدها.. فهو مخطئ (100%) ويجب إيقاع العقوبة عليه ومحاسبته.
ليت هؤلاء يستفيدون من غيرهم...
الصحافة اليوم.. أو (بعضها)!!! تكتب عن أكثر الجهات أهمية وحساسية وخطورة.. وتتحاور مع تلك الجهات وتنقدها.. والمسؤولون هناك.. يصغون ويتقبلون الرأي الآخر.. فكيف ترفض جهات أقل أهمية من تلك الجهات بكثير؟
نرفض سماع الرأي الآخر.. أو الاصغاء إليه.. مع أن أعمالها على درجة من الأهمية وليس لها علاقة بالسرية أو الجوانب الاستراتيجية أو الأمنية.. بل هي أمور عامة.. من حق كل شخص أن يسمعها..
|