*إعداد- نجلاء إبراهيم الهليل -معيدة بكلية التربية لإعداد معلمات الابتدائي بالرياض:
يصعب على الباحث تاريخ فن التطريز الفلسطيني، وذلك لأسباب مختلفة أهمها أن الأقمشة والخيطان تهترئ مع مرور الزمن، حيث إنها غير قابلة لمقاومة عوامل الطبيعة التي تعرضها للاندثار. ويعتبر التطريز جزءاً مهماً من حياة المرأة في القرية الفلسطينية وهو فن شعبي ترثه وتنقله إلى بناتها وللأجيال القادمة من بعدها وتستعمله لتزيين ثوبها التقليدي والكماليات الأخرى للباسها ولترتيب بيتها.ويقال إنه كان بإمكان من يوجد في سوق من الأسواق القديمة حيث تتجمع النسوة من جميع أنحاء فلسطين، ان يميز المناطق التي ينتمين إليها بمجرد النظر إلى أثوابهن ، فالوحدات الزخرفية هي المؤشر المهم لهوية القرية، فالمرأة تعرف هذه الرسومات جيداً وترث هذه المعلومات من أمها وجدتها، إذ إنها تبدأ بتعلم فن التطريز في سن مبكرة حالما تتمكن من الإمساك بالإبرة، ومن طفولتها تنغرس فيها ضرورة نقل رسومات قريتها على أثوابها. وكما كانت المرأة أمينة في نقل تراث قريتها, كانت خلاقة في التغيير في تطريزها فاكتسبت الرسومات التقليدية ذوقها الخاص دون المساس بالبنية الأساسية في التكوين ومع أن هذه التغيرات كانت بسيطة إلا أنها أعطت الأثواب رونقاً متجدداً تفخر به المرأة، وتعتبر أشهر مناطق التطريز في فلسطين: رام الله، يافا، الخليل، غزة، بئر السبع.
ولم يكن ترتيب التطريز على الثوب عشوائياً، بل مدروساً، إذ كانت القروية تخصص الوحدات التطريزية الملائمة لكل جزء منه, وتتجلى كل وحدة نظراً لموقعها من الثوب. وفي العادة كانت الأهمية الأولى تولي إلى:
1- القبة: وهي أقرب قطعة إلى الوجه.
2- الذيال: وهو الجزء الخلفي الأسفل من الثوب.
3- البنيقة: هي جانب الثوب وهي رقعة تزداد في نحر القميص لتوسيعه.
4- الكم: هو مدخل اليد ومخرجها من الثوب.
وكان التطريز التقليدي يتم على قماش الكتان المنسوج محلياً باليد، والمسمى بالرومي أو الرهباني، أو نسيج هو مزيج من الكتان والقطن يسمى أحياناً بالقروي أو قماش من القطن المنسوج بحياكة خاصة لتسهيل عد الخيط وإظهار الغرزة بوضوح.وأشهر خيوط التطريز المستخدمة: الحريري، القطني، المقصب، خيط الماكينة، ومن بين الأصباغ الطبيعية التي استخدمت: النيلة - اللون الأزرق أو الأسود، دودة القرمز - اللون الأحمر، جذور الفوة - اللون الأحمر ما بين المعتدل والقاني، تربة المغرة - اللون الأصفر، قشور الرمان - اللون الأسود، قشور ثمرة الجوز الخضراء - الأخضر.
مميزات فن التطريز الفلسطيني
1- ثياب العمل أقل زخرفة من ثياب المواسم والمناسبات.
2- الفتيات غير المتزوجات لا يجوز لهن وضع ألوان الزينة باستثناء الكحل ولذلك عمدن إلى تعويض ذلك بزخرفة ملابسهن بألوان زاهية.
3- تحتم العادات أن تقوم كل فتاة بتطريز ثيابها بمفردها.
4- كلما زاد سمك الخيط ولمعانه والمساحة المزخرفة على الثوب زادت قيمته الجمالية والمادية.
5- زخارف كبيرات السن من النساء أقل زخرفة من ثياب الفتيات كما يجب أن تكون من قماش سميك ورخيص وألوانه قاتمة وأرضية غالباً سوداء أو لون ارجواني قاتم أو بيج، كما أن ألوان وحداته الزخرفية قاتمة وتسمى (ألوان الحشمة) ويقصد بها الوقار.
6- اقتصرت الزخرفة (التطريز) على ملابس النساء، وذلك ابتداءً من الفتح الإسلامي.
وتحمل الوحدات الزخرفية الفلسطينية رموزاً أسطورية، تاريخية، فلكية، جغرافية شعبية، ورموز مرتبطة بالأرض والخضرة والطيور واستمرت حتى الآن كدلالة على الهوية والوجود التاريخي.
وتعرف الغرزة باللهجة الفلسطينية الشعبية باسم (قطبة) وهي الأساس الذي يعطي في النهاية الشكل العام للوحدات الزخرفية المطرزة. ومن أشهر الغرز المستخدمة: التصليبة، المد، التسنين، التحريري، غرزة الماكينة، غرزة زراعة الحرير، السنسال، اللف، التنبيته، الزجزاج.
سرقة التراث الفلسطيني
عمدت الحركة الصهيونية إلى محاولة سرقة التراث الفلسطيني عن طريق تشويه الأزياء الشعبية الفلسطينية بإدخال وحدات زخرفية لفن التطريز الفلسطيني وإنشاء مشاغل للتطريز بغرض طمس الثياب الأصلية المتوارثة، والمشاركة في عروض أزياء عالمية وادعاء أن هذه الأزياء من تراثها، كذلك شراء المطرزات القديمة والتخلص منها وضمان عدم بقاء أثر لها وتحريف الشكل العام للثوب بتحويل أماكن الزخارف على أجزاء الثوب وتغيير أسماء الوحدات الزخرفية وأشكالها.
وأثرت القضية الفلسطينية وما واكبها على التطريز الفلسطيني ورسوماته بشكل خاص، ومن أقوى وأحدث الأمثلة على ذلك، ثوب فلسطيني قروي ولد مع الانتفاضة الشعبية في فلسطين بعد أشهر قليلة من بدئها سنة 1988 يزين هذا الثوب عدا الرسومات التقليدية، رسومات مطرزة لخريطة فلسطين والعلم الفلسطيني وأغصان الزيتون وحمامة السلام، وقد ظهر هذا الثوب في منطقة الخليل، وسمي ب(ثوب الانتفاضة) وانتشر ارتداؤه في سائر قرى فلسطين وتعداها إلى الخارج إلى جميع مناطق وجود الفلسطينيين .ومن أجل الحفاظ على التراث الفلسطيني العريق قامت الثورة الفلسطينية بإقامة معارض وصالات عرض لبيان أصالة الشعب الفلسطيني وكشف الادعاءات والسرقات وإنشاء مؤسسة صامد الثورية التي أنشأت مشاغل للأزياء والتطريز وذلك للمحافظة على الهوية الأصلية الفلسطينية.
المراجع
1- المزين، عبدالرحمن. (1981). موسوعة التراث الفلسطيني (الأزياء الشعبية الفلسطينية). الطبعة الأولى.
2- عبدالواحد، عبدالرحيم. (2000) التطريز الشعبي يختزن تاريخ وإبداعات الفلسطينيين. مجلة البيان. العدد 40 .
الموقف على النتwww.albayan.com
3- عوض، سعود. (1993). تعبيرات الفلكلور الفلسطيني. دمشق: دار كنعان للدراسات والنشر.
4- قعوار، وداد. (1974). أوجه الشبه بين الملابس القروية الفلسطينية. مجلة الفنون الشعبية. العدد الأول.
5- قعوار. وداد وآخرون. (1996) التطريز الفلسطيني (غرزة الفلاحي) التقليدية الطبعة الأولى. بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر.
6- نصر، ثريا. (1998). تاريخ أزياء الشعوب. عالم الكتب.
الصور من
قعوار، وداد، وآخرون. (1996). التطريز الفلسطيني (غرزة الفلاحي). الطبعة الأولى. بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر.
* التطريز الفلسطيني الفلاحي جزء من الحياة اليومية في القرية الفلسطينية
* معلقة حديثة التصميم
* تطبيقات حديثة لنماذج من التطريز الفلسطيني
1- معلقة حديثة التصميم
2، 3 سترة بتصميم حديث (لتقصيرة) بئر السبع
4- قماش قطني خاص بالتطريز محاك يدوياً وتظهر بعض طبب الخيطان القطنية الحديثة
|