الحديث عن علامة الجزيرة العربية الشيخ حمد الجاسر - رحمه الله - حديث ليس كأي حديث والكتابة عنه أيضاً ليست مثل أي كتابة فهو شخص متعدد المواهب كثير الخصائل وان الكاتب ليحتار في أي من مواهبه وميزاته يكتب فهل يكتب عن حمد الجاسر المؤرخ؟ أم حمد الجاسر الجغرافي؟ أم حمد الجاسر عالم الآثار؟ أم عالم الأنساب؟ أم عالم اللغة العربية والأدب؟ لقد منح الله الشيخ أيضاً ميزات كثيرة منها حسن الذاكرة، حسن الانتقاء وحسن الأداء وهي الميزات التي قل ان توجد في غيره من العلماء. إن حمد الجاسر - وهو أكبر من كل لقب وأكبر من كل ما ينعت به عندما يتحدث أو يكتب فإنه تاريخ يسجل ووطن ينطق وموسوعة متحركة فهو بحق دائرة معارف وكوكب مضيء لا يغيب وان غاب!
لقد وقف حياته ووهبها خدمة للعلم واحياء للتراث بتوثيقه واثباته وديمومته في سجلات تتناقلها الأجيال جيلاً بعد جيل.. فشيخنا علم بارز من أعلام الأمة العربية والإسلامية.
إن في حياة حمد الجاسر تجربة بل تجارب مضيئة لكل الأجيال.. فلقد قدم - رحمه الله - إلى المكتبة العربية عشرات الكتب ومئات المقالات والتحقيقات.
إن في الشيخ حمد الجاسر خصالاً كثيرة لا يعرفها إلا من اقترب منه وقرب من روحه الطيبة وهو على تواضع يندر مثيله فهو يتضايق من الألقاب التي ينادى أو يوصف بها.. وأذكر اني حينما كتبت دراسة عن وزير البترول والثروة المعدنية الأسبق الشيخ عبدالله الطريقي - رحمه الله - وعرضتها عليه شطب بقلمه على كلمة (علامة الجزيرة العربية) مبرراً ذلك بأنه لم يصل بعد إلى ذلك اللقب.. إنه تواضع الرجال والكبار!
من منا لا يعرف حمد الجاسر؟ ومن منا تخلو مكتبته من إحدى مؤلفاته؟ وهي التي خدمت الجزيرة العربية وتراثها وامكنتها التاريخية والجغرافية.. فلقد أثرى المعرفة الإنسانية بما تركه من مؤلفات وتحقيقات ستخلده على مر السنين كما ستخلده مجلته مجلة (العرب) بصفته صاحبها ورئيس تحريرها وكاتب معظم موادها وقد صدرت منها مجلدات ضخمة تعد من أهم المراجع التراثية للجزيرة العربية وبصفة خاصة الأبحاث التاريخية والجغرافية التي تتعلق بالجزيرة العربية وليس هذا فحسب بل ان نشاط الشيخ حمد الجاسر لم يقتصر على الرحلة والتحقيق والتأليف بل انه - رحمه الله - كان له نشاط واسع في مجال الصحافة والنشر فهو أول من أنشأ صحيفة اليمامة عام 1372هـ كما انه أول من أنشأ مطبعة في مدينة الرياض وأول من أنشأ داراً للبحث والنشر والترجمة وهي دار (اليمامة) وأول من أنشأ مؤسسة اليمامة الصحفية التي لا تزال تواصل مسيرتها الصحفية في بلادنا الغالية.
لقد قضى علامة الجزيرة العربية أكثر من تسعين عاماً بين التعليم والقضاء والبحث والتحقيق، لقد كان - رحمه الله - أمةً في رجل ورجلاً في أمة.
هو أمة جمعت بمفرده
ولرب جمع جاء منفرداً |
الدكتور سليمان بن عبدالرحمن العنقري |