نعمل العقل..
نستخدمه..
نحرك خلاياه خلية خلية بالتفكير، ولا استغراب في استخدامنا له طالما أننا قد كُرمنا به.
وإذا ما علمنا أن كل عظيم ووضيع من المصنوعات والمخترعات والمبتكرات هي من إعمال البشر لعقولهم.
نواة تلك المخترعات أوجدها الخالق في الطبيعة وترك للبشر حرية التفكير الجاد والعميق ليصلوا لحيثيات هذه النواة..
سقوط التفاحة والجاذبية الأرضية وتساؤل المكتشف عن السر في سقوط التفاحة للأسفل وعدم صعودها للأعلى..!!
عباس بن فرناس ونهاية أجله وهو يحاول تقليد الطائر في تحليقه وطيرانه..!!
اختراعات عدة.. ابتكارات شتى.. مصنوعات لا حصر لها أبدعها العقل البشري..
عقل يماثل عقلي.. وعقلها.. وعقله.. وعقلك مع ملاحظة الفروق الفردية.. لكنه يظل يحمل شبها كبيرا بخلايا ودهاليز وتعرجات عقولنا.. بيد أن الاختلاف فيما بيننا في المرتكز الأساسي ألا وهو: بماذا نفكر؟؟
وزير التربية والتعليم الدكتور محمد بن أحمد الرشيد قال بأنه لا ينام سوى أربع أو خمس ساعات، في وقت أغلبنا ينام لساعات تجاوزت الثماني.
هو لا ينام لأنه يفكر: منصبه الوزاري.. والمهمة المنوطة به دفعته للتفكير بما يحقق التكامل، ويخدم شريحة تمثل أغلب أفراد المجتمع ذكوراً وإناثاً، شيباً وشباباً وأطفالاً.. وغيره كثيرون يفكرون لصالح المهمة المنوطة بهم.
السفير، المدير، الفراش، رئيس التحرير، المعلم، الحاكم، المحكوم، والطالب.
كلهم.. كلهم يفكرون.
الأم تفكر.. والأب كذلك.
ولكن بماذا يفكرون؟
وهل هو تفكير منطقي منتج وبناء؟!.
الرجل الذي سأل في (حراج بن قاسم) عن (عليا) البائعة في الحراج وبمجرد ان أرشدوه إلى مكانها توجه نحوها بسيارته مسرعاً ودعسها ثم فاضت روحها.. قبل أن يقدم على فعلته كان قد فكر، وأعمل عقله..!!
لكنه تفكير غير سوي البتة.
شتان بين من يفكر لصالح رقي الفرد ونصرته ودوام صحته وسلامته.. وبين من يفكر بهدف الهدم والقتل والتشريد والشتات.
بل وشتان بين من يفكر تفكيراً منطقياً.. وبين من يفكر التفكير الأجوف الفارغ المفضي إلى التفاهة وبالتالي ضياع وقت ثمين والنتاج لا شيء, لا شيء على الإطلاق.
ليس من واجبي تحديد -وبالدقة- ماهية التفكير المنطقي وغير المنطقي لأن كل فرد قادر على معرفة أي الفئتين هو تفكيره، وأيهما منطقي..!!
فهل إذا عرف ذلك سعى بنية تصحيح مساره، وتعبيد طرقه، وتشذيب أغصانه؟!
تستنفد الفتاة جل ساعات يومها في تفكير مراهق لدرجة القلق والأرق الليلي وإذا انتبهت، انتبهت على تفاهة تفكيرها ووجدت أنه قد مضى من عمرها الشيء الكثير فيما لا طائل منه.. ولا ابرئ ساحة الفتى من مغبة هذا التفكير.
ليس من الضروري أن يأتي كل تفكير سوي باختراع أو ابتكار يوازي اختراعات وابتكارات الغرب!! ولكن يكفينا منه كونه سوياً موجهاً التوجيه الصائب، ويخدم المهمة الموكلة إليه كما يخدم نفسه على حدٍ سواء.
رجل الأعمال قبل أن يصبح للأعمال فكر ورأى جدوى أن يصبح مواطنا فاعلاً في وطنه يخدم ويخدم نفسه.. ثم واصل تفكيره فرأى أهمية إحلال العمالة الوطنية المدربة مكان نظرائها من العمالة الأجنبية ليبقى سمننا في دقيقنا، وليحمي الشاب السعودي من أخطبوط البطالة..
إذاً.. نحن نفكر.. لا شك في ذلك.
ولكن كيف.. وبماذا.. ولأجل من نفكر؟! هو الأهم.
ص.ب 10919 - الدمام 31443
فاكس: 8435344- 03 |