كتب أحد الإخوة في عزيزتي الجزيرة نعم هناك أزمة أخلاق، وحينما قرأت هذا العنوان المثقل بملامح الشجن تحركت داخلي خيوط الهواجس، ونحن نصنع كثيراً من المصطلحات العائمة لنعلق عليها ضعفنا وانهزامنا الداخلي أمام أية مشكلة يواجهها المجتمع، ومن ثم اعتدنا أن نلوك تلك المفردات الصاخبة ونرفع أصواتنا معلنين بأن لدينا أزمة.. امتلأت جيوبنا بألفاظ الأزمة:( أزمة فكر) ( أزمة ثقافة) (أزمة أخلاق) ترى هل قدر لهذا العصر أن يكون مكبلاً بالأزمات.. ومقيداً بالدوائر الضيقة.. المعبأة بالفراغ.. أحس أننا دائماً نبحث عن شماعة جاهزة أو حجة معلبة نبرر بها أخطاءنا وتقصيرنا عبر ممارسة سلبية لا تعكس أي سلوك بنائي يحاول تصحيح الاتجاهات وتوجيه الممارسات ورعاية الوعي. والنهوض بمستوى الأداء.. وتعديل الأخطاء.كنا نسمع عن وجود أزمات معينة في مجتمعات أخرى مثل:( أزمة وقود) و (أزمة مياه) و (أزمة شعير أو قمح) لكن أن يكون لدينا (أزمة أخلاق) أو ثقافة فأعتقد أنه نوع من العزف المشروخ على وتر الأزمات.. التي عصفت بخصوصيتنا.. وأذابت عطاءنا.. وحقيقة لابد أن نكون على قدر من الوعي والإدراك والفهم لنتمكن من تعزيز السلوكيات الإيجابية في المجتمع وتفعيل الرؤى النافعة والارتقاء بعطائنا وترسيخ انتمائنا الديني وتنمية شعورنا الوطني.. لابد أن نكون على قدر من المسؤولية والجدية لنكون أعضاء منتجين ومواطنين فاعلين قادرين على استيعاب أبعاد المرحلة الراهنة ورصد مستجداتها وقراءة معطياتها، فالوطن ينتظر هذا الامتزاج الجميل بين العطاء والانتماء. وعقيدتنا السمحة رسمت منهجاً مضيئاً يحتفي بالقيم ويزهو بالمبادئ.لقد سئمنا اسطوانات الندب والتباكي وشبعنا من صخب النقد ورمي المجتمع بالتهم والقصور، ومحاولة التهرب من المسؤولية.. وركوب موجة الاتكالية والاسترخاء..إن المجتمع مطالب بتفصيل قيم الانتماء والتواصل مع مفردات الإخلاص والأمانة والالتزام وغرسها في نفوس أبنائه.. والمواطن لابد أن يستشعر دوره الوطني ويحس بمسئولياته الاجتماعية ويزرع بذور التربية الصالحة لدى أسرته.. وفي مجتمعه.. في سلك تنويري ليس من العدل والإنصاف أن نعلق أخطاءنا على شماعة الأعذار المترهلة بمبرراتنا الواهية.. يجب أن نكون بحجم المسئولية وبمستوى الثقة في ممارسة انتمائنا وفي القيام بأعمالنا من خلال تفكير إيجابي عميق يقدم الأنموذج المنشود للمسلم الحق والمواطن الصالح المنتج الذي يشتعل حماساً ويتوقد عطاءً وإحساساً.. وبذلاً في جميع أموره..وتظل تساؤلات الموقف الحاد هل نستطيع أن نتجاوز هذا الإطار الضيق المحاصر بأقوالنا السلبية والمعبأ بمصطلحات الأزمات لنعيد اكتشاف أنفسنا من جديد وتشكيل ملامح انتماء مفيد متميز فمتى نصحح تفكيرنا ونسمو بانتمائنا ونرتقي بعطائنا.. ونتحرر من قيود السلبية الجافة التي عطلت قدراتنا؟
محمد بن عبدالعزيز الموسى/بريدة |