كثيرا ما كنت أواجه مثل الكثير من الناس عند زيارة طبيب ما، ذلك الغموض في التعامل مع الدواء، وأقصد أن غالبية الأطباء الذين يعطون الوصفات الطبية لمرضاهم يحددون نوع الدواء المطلوب استخدامه ولا يحددون مدة استخدام ذلك الدواء، مما يجعل الكثير من المرضى يستمر في استخدامه لفترات طويلة رغم عدم الحاجة لذلك!!
قليلاً ما سمعت عن طبيب أكد على مريضه الذي وصف له دواء يتضمن (مضاداً حيوياً) أن يلتزم بمواعيد الدواء حتى يعطي الدواء مفعوله وكأن المريض طبيب مثله!
بل لم أسمع أو أشاهد طبيباً خصص جزءاً من وقته في شرح أسلوب تناول الدواء أو أعراضه الجانبية، ولم أقابل يوماً طبيباً أوضح عند صرفه المضاد الحيوي أن فاعلية المضاد الحيوي تكاد تنعدم ولا تحقق أي نتائج عندما يتناول المريض معها مياهاً غازية أو علاجا مضادا للحموضة؛ لأنها مواد قلوية مؤثرة في المضاد الحيوي مما تفقده تأثيره! رغم أن الكثير من الناس اعتادوا على تناول تلك المشروبات يومياً!!
قليلاً ما شاهدت طبيباً يستمع إلى مريضه ويطلع على كافة جوانب المرض وتاريخه.. بل يتحدث مع المريض وهو يمسك القلم و(الروشتة) ويصف الدواء للمريض في مدة قد لا تزيد على ثلاث دقائق.. وحتى قبل أن يكمل المريض شرح حالته!!
العديد من الأطباء للأسف الشديد يبالغون في وصف المضادات الحيوية لمرضاهم المصابين بفيروس (الإنفلونزا) أو البرد دون حاجة، خاصة إذا ما علمنا أن الأمراض الفيروسية (كالإنفلونزا) لها دورة محددة ويموت الفيروس تلقائياً؛ فإن عالجته استمر أسبوعاً وإن لم تعالجه استمر سبعة أيام!!!
هذه المضادات تزداد خطورتها وخاصة على الأطفال!
العديد من الأطباء للأسف لا تتعدى معارفهم وخبراتهم ما سمعوه في قاعات المحاضرات في الجامعة وما سمعوه أو شاهدوه أثناء ممارستهم التدريبية العلمية في فترة الامتياز.. فلا يطلعون على الجديد في مجال الطب.. بل لا يستفيدون من التجارب الطبية الحديثة أو حتى تجارب من سبقوهم في هذا المجال.
إن أقسام الطوارئ في المستشفيات قد تكون مدرسة جاهزة ومستمرة لصقل تجارب الكثير من الأطباء العملية فالحالات العديدة التي تصل إلى أقسام الطوارئ تعطي الفرصة للكثير من الأطباء في اكتساب مزيد من التجربة والخبرة وبخاصة أطباء الجراحة والعظام والتجميل وغيرها من التخصصات إلا أن البعض ممن مروا بهذه الأقسام وتدربوا بها واكتسبوا الخبرة وأصبحوا أطباء مشهورين زاد لديهم الغرور مع ازدياد تجربتهم ونجاحهم وأصبح البعض منهم يتحدث مع أقرباء المريض من (طرف خشمه) وكأن البساطة والتواضع عيب مهني قد يقلل من الأهمية وأن الغموض هو الأسلوب الأفضل للتخلص من الأسئلة المتكررة من أسرة المريض!!
إن الطب من أهم المهن التي لا تزال الحاجة إليها قائمة وستبقى ما بقي الإنسان على هذه البسيطة، ورغم الأهمية الكبيرة لاكتساب التجارب الجديدة في هذا المجال إلا أن الأمانة والأخلاق في هذه المهنة بالذات من أهم الضروريات وهي تفوق أي متطلب آخر.
|