هناك نوع من الغموض يسيطر على العلاقة المتوترة التي تقوم بين وسائل الإعلام والمؤسسات الرسمية، فالجميع يعرف بأن الإعلام المحلي ظل لأجيال طويلة يقوم بدور وكالة إعلانات، أو مكتب علاقات عامة، يروج للمنشأة الحكومية بشكل أو آخر وبحسب حجم المؤسسة ونفوذ الوزير!!
لكن اليوم عندما ارتفع السقف الذي تتحرك من خلاله الطروحات الإعلامية، ما برحت الكثير من الجهات تطالب الصحافة تحديداً بأن تقوم بنفس الأدوار السابقة التي تعتمد على نمطية في الطروحات تختصر البعد الإعلامي في نطاق (وكالة إعلانات).
وتشكو العديد من الزميلات العاملات في مجال الصحافة من هذه النقطة تحديداً، فدورهن يختصر في المناسبات والاحتفالات على الجوانب الترويجية الدعائية (حتى ان بعض الزميلات العاملات بالصحافة أصبحن يكتفين من العمل الصحفي بملف إعلامي يسلم لهن أول المناسبة ويغادرن المكان دون تفعيل لأدواتهن الراصدة الإعلامية بشكلها المطلوب) وتلغى الجوانب والأدوار الأخرى للصحافة من كونها العين الأمينة الراصدة لأداء مؤسسات المجتمع بختلف اتجاهاتها. فالجدران ما برحت سميكة ويعجز ضوء الشمس عن اختراقها وما زالت طبيعة الحذر والريبة تسيطر على العلاقة بين الطرفين.
وأعتقد بأن الشفافية والصدق والموضوعية هي ليست هدية منزلة من السماء ستحل بلمسة سحرية جميع مشاكلنا وقضايانا، الشفافية لها وجهها الآخر وضريبتها وأثمانها وطبيعة عملها.... فهي الترياق الذي لا بد أن نتحمل مراراته وقسوته، التي يجب أن نعيها ونبدأ في التخلص من نظرتنا التقليدية للصحافة كونها مؤسسة علاقات عامة أو وكالة دعاية وإعلان.
الصحافة هو صوت مستقل حر يجب أن يمارس مهامه بكل استقلال وحرية (المقال السابق: مهدي مع التحية إلى هيئة الصحفيين، مشاركة بسيطة في ضوضائهم العارمة).
|