لا يستطيع إنسانٌ (عاقلٌ) على وجه البسيطة أن يعصب عينيه ويصم أذنيه كي لا يرى ويسمع ما يجري على أرض العراق الآن..
آلة عسكرية جبارة تبطش - بقلب بارد - بالمقاومة العراقية - الإرهابية في نظرهم - لأنها تدافع عن الأرض والعرض، وحق الإنسان في الحرية، وحق الوطن في السيادة، لهذا تُعمل قوات التحالف القتل والحرق فيهم، وفي المدنيين جميعاً، بطائرات عملاقة، وأسلحة فتاكة، وحتى كتابة هذا المقال كان عمرو موسى، يؤيده رئيس مجلس عشائر العراق مظهر الخربيط يؤكدان أن الأحداث الأخيرة (والخطيرة) خلّفت أكثر من 500 قتيل على الجانب العراقي، وأضاف الخربيط أن هذا الرقم هو حصيلة القتل في مدينة واحدة، ولعله كان يعني الفلوجة.
ضمن هذا العدد 157 امرأة، وأسرة واحدة من 25 فرداً! أصابتهم طائرات الأباتشي والأف 16 التي أغارت على بيوت المدنيين وكأنها تهاجم أهدافاً عسكرية! وهذه مجرد عينات مفزعة (إنسانياً) لما تقوم به جحافل القوات، في الفلوجة - خاصة - وفي غيرها من مدن العراق ضد أهل العراق جميعاً، لا تستثني منهم شيخاً ولا امرأة ولا حتى طفلاً، ولا يهمها إلا أن تنتقم لأربعة أمريكيين مثّل بهم بعض الشباب العراقيين المحبط المقهور مما يجري على أرضه.. وعاد المشهد العراقي إلى السواد أكثر وأكثر، حيث ظهرت المقابر الجماعية كتلك التي دفن فيها الرئيس العراقي الديكتاتور المخلوع ضحاياه، ولكنها هذه المرة صناعة أمريكية، ممهورة بخاتم الديموقراطية وحقوق الإنسان.. على فوهة دبابة!!
وعلى جانب آخر في العراق تدور معركة بين مليشيات الزعيم الشيعي مقتدى الصدر (جيش المهدي)، وبين قوات التحالف التي تسعى لتقديم الصدر إلى المحاكمة بتهمة قتل (الخوئي).
وقد وصل الأمر حد تبادل السيطرة على بعض المواقع، واحتلال الإدارات الرسمية بين الجانبين، بالإضافة طبعاً إلى عدد من ضحايا المواجهات، ووسط خفوت صوت الطلقات وارتفاعه تجري مفاوضات على جانبي الساحة، والمسيحيون في العراق يدعون للسلام في صلاة عيد الفصح!
هل يذكركم المشهد المأساوي الحزين لبطش القوة في أرض الرافدين، بمشهد آخر مماثل ليس ببعيد حيث البطش الصهيوني الإسرائيلي على المدنيين العُزل من الفلسطينيين؟! هل نحن في حاجة بعد الآن إلى إعادة اكتشاف أن نجمة داود المضافة إلى العلم الأمريكي، هي التي تحكم النجوم الأمريكية الخمسين في ذاك العلم؟!
الغريب في الموضوع أن الضمير العالمي المتمثّل في المنظمات الدولية: الأمم المتحدة ومجلس الأمن وغيرها، والإقليمية: الاتحاد الأوروبي وغيره، وهو يرى تلك المباراة غير المتكافئة بين قوى متحالفة دخيلة، وأبناء بلد محطم، هذا الضمير لايزال - مع شديد الأسف - مرفوعاً من الخدمة وحين ترد الحرارة إلى بعض أكوام السكون فيه، يعلن الأمين العام للجامعة العربية وضع ملف العراق (الخطير والجديد) على أجندة القمة!
من أجل أربعة أمريكان يُقتل المئات، والآلاف يصابون، وتدمر البيوت، فكم يساوي الإنسان العربي أو إن صحّ السؤال كم يساوي الأمريكي من هؤلاء العرب؟! أخذاً في الاعتبار أن اليابان تجري مباحثات مكثفة من خارج العراق وداخلها من أجل تحرير ثلاث رهائن يابانيين، والشارع الياباني يتظاهر بسحب قواته من العراق، ورئيس الوزراء الإيطالي برلسكوني أحد أبطال الهجوم على الإسلام ثم الاعتذار، زار العراق سراً ليطمئن على قواته!!
أما أنتم يا أبناء العراق الشجعان فلكم الله هو خير ناصر وخير معين.
بقي أن تعرف دول التحالف في العراق أن الجزائر قدمت مليون شهيد للحفاظ على هويتها، وليبيا دفعت ثمناً باهظاً لاستقلالها عن إيطاليا، ودول المواجهة مع إسرائيل ضحت بمئات الآلاف من الشهداء، وأن الفلسطينيين لا يزالون يدفعون ثمن التحرير من دمائهم وأرزاقهم ولكنهم صامدون، وهذه مجرد أمثلة من حركة الكفاح الطويل للأمة العربية من أجل تحقيق استقلاها والسيادة على أرضها.. أما مصير الغزاة فاقرأوا التاريخ لعلكم تعدلون!
محطات قصيرة:
وزير الداخلية العراقي المستقيل - أو المُقال بمعنى أصح - نوري بدران يسأل بريمر: هل أنا قصرت في شيء لا سمح الله! وبريمر يرد: لا.. ولكن الديمقراطية (الأمريكية) تستوجب ألا يتولى الدفاع والأمن شخصان من الهوية نفسها.
المصدر: لقاء لبدران في فضائية عربية.
د. أشرف جلال بكلية الإعلام بجامعة القاهرة - بعد تحليل 364 أغنية فيديو كليب - يكتشف من خلال البحث الأكاديمي (انهيار) القيم العربية.
المصدر: صحيفة الوطن السعودية قبل البارحة.
|