أشتهي مع كوب الشَّاي في هذه الأمسية الموغلة في التَّأمل أن أقرأ قصة،
قال: الشِّتاء عاد...
قلت: عاد الشِّتاء، فجاءت الأمطار، وكذا تأتي مع الأمطار شهوة البوح، والتَّأمل، والالتهام...
التهام بالقراءة في أودية، وغابات، وأيكات، وأدغال الحروف، تلك التي تتوارف، وتتكاثف... وأين القصة التي تحملنا إلى طرق سحائب الآمال، والرَّحيل إلى الأحلام، والعودة بالبياض رداءً نوشِّي به دكن الذي يكون، أين بلاسم الجروح، وحوافز النَّوح، وصهيل الكرِّ في آماد الفرِّ...
وأشتهي مع كوب الشَّاي في هذا اللَّيل السَّادر في صمته وحكمته، المتناهي في حديثه وملاحمه...قراءة قصة والإيغال في المجهول
قال: جاءت العواصف،...
قلت: ومع العواصف، تتقلَّب السَّواكن...، وكذا تأتي مع العواصف المكاشفات، كلُّ مخبوءٍ يُخرج أنفه كي يقول هاأنذا...
وخروج المخبوء عن سراديب الخفاء، والسُّكوت، والتَّراكم... تذكيرٌ لبوح الذي لا يبوح، و... لحظات أبحث فيها عن قصة في كتاب، اشتهي رائحة الورق المحبَّر بصفرة اليأس أو جوريّ الأمل، أو طيْفي الأحلام، أو تلك الانكسارة في ترابية اليأس، أو دفء حنطيَّة الرَّغيف، أو سطوة لسع الشَّيْ، أو بياض الأمل، أو وخز الحزن، أو.... وأجساد تتحرَّك فوق فسحة الفسحات أو ضيق المنعرجات، تحمل فوق ظهورها تراكمات الشِّتاء بما جاء، وتراكمات الصَّيف بما ذهب، أو تراكمات النَّهار بما طوى، أو تراكمات اللَّيل بما بسط... والنَّسمة الباردة تستفزُّ جنون التَّأمل في هدوء اللَّحظة وهي تسكن في حضور النِّيام...
النَّاس والأشياء ينامون... والأشياء والنَّاس يقظون...
ثمَّة نبض يرتهج في الصُّدور النَّائمة أعينُ أصحابها، وثمَّة دبيب لهذه الأشياء...
وكوب الشَّاي وحده ما يعكس وجه السُّؤال...
والكتاب بين يديَّ...
وأعزم أن أدع التَّأمل... وأوغل في سراديب الحروف...
والشِّتاء عاد... كان يردِّد... ومعه جاءت الأمطار...
وثمَّة انتظار لعاصفة الغروب.
|