* الرياض - معاذ بن محمد الجعوان:
تعقد مساء اليوم بمدينة بويزي بولاية أيداهو الأمريكية الجلسة الأولى لمحاكمة المهندس سامي الحصين ، حيث ستكون الجلسات الأولى للمدعي العام لعرض القضية والاتهامات. بعدها سيقدم محامي الدفاع عن سامي دفاعه عن القضية التي ستكون جلساتها بشكل شبه يومي إلى حين انتهائها.
يعد الحصين احد ضحايا تخبطات الإدارة الأمريكية بعد أحداث 11 سبتمبر الشهيرة بعد أن أكد الجميع براءته من كل التهم التي وجهت إليه وبشهادة أكثر من 100 شخص احتشدوا بقاعة المؤتمرات بكلية الحقوق بجامعة إيداهو لحشد الدعم لقضيته.
فقد أكد جون ديكنسون المشرف على رسالة الدكتوراه بقسم علوم الحاسب الآلي بجامعة إيداهو أن استجواب سامي واعتقاله بعد ذلك لا يستندان إلى أي أساس. وأضاف : رغم ادعاء مكتب التحقيقات بأن تهمة التزوير في بيانات تأشيرة الدخول ما هي إلاَّ غيض من فيض وأن هناك أدلة واضحة ضد سامي. إلاَّ أن تلك الأدلة لم تظهر حتى الآن.
أما مونيكا شورتمان الأستاذ في كلية الحقوق بجامعة إيداهو ومحامية زوجة سامي فتؤكد أن الحكومة الفدرالية قد لجأت إلى أساليب قذرة للإضرار بالحقوق المدنية الخاصة بكل من سامي وزوجته. وان عملية ترحيل زوجته غير شرعية.
من جهة أخرى يؤكد محامي الحصيّن السيد ديفيد نيفيني براءة سامي من كل التهم الأساسية لأنه - على حد قوله - غير مذنب لعدم ارتكابه أي جريمة من تلك الجرائم.
ويضيف السيد ديفيد: إن ما يدعو للحرج والقلق تماما أن نلحظ هنا أن الحكومة قد انتظرت مدة تقارب أحد عشر شهراً للتقدم بالاتهام الجديد بالرغم من أن الاتهام قد قدم على أساس معلومات تملكها الحكومة منذ وقت ، وطوال هذه الفترة ظل السيد الحصيّن في الحبس. ومن الواضح أن الحكومة بتقديمها الاتهام الجديد قبل أحد عشر يوما فقط من التاريخ المحدد للمحاكمة كانت تخطط لإجبار السيد الحصيّن على التقدم بطلبات تأجيل إضافية لعملية ومراحل محاكمته حتى يكون جاهزاً للدفاع عن التهم.
إن هذه المناورة المؤسفة من قبل الحكومة للتأثير في العدالة أمر غير سليم على الإطلاق. ويضيف : كما أن تهمة الدعم المادي أيضا غير صحيحة. وقد أسست التهمة على المساعدة المزعومة للسيد الحصيّن لمواقع إنترنت معينة تعنى بالأخبار والنشرات ، وكذلك عضويته في مجموعة التخاطب عبر الإنترنت (إنترنت تشات قروب). وقد زعم وفق التهمة المقدمة بأنه ضمن آلاف المقالات والمشاركات في تلك المواقع التي ليس لمعظمها علاقة بالإرهاب بأن خمسة أو ستة منها تعتقد الحكومة أنها تشكل فكراً إيجابياً تجاه الأعمال الإرهابية. بعض التقارير المشار إليها عبارة عن فتاوى من رجال دين إسلاميين. وبعضها وجهات نظر من أشخاص غير معروفين في مواقع إنترنت. ويحب التذكير هنا إلى أن هذه الأفكار تخص أشخاصاً آخرين ولا تخص الحصيّن كما أن سامي لا يؤمن بما يسمى بالإرهاب ، ولم يقدم دعما للإرهاب ، بل على العكس فقد كان السيد الحصيّن طوال فترة شبابه ممن يساند السلام والتفاهم بين الناس ويعتقد أن من الخطأ الكبير حل الخلافات بين الناس باللجوء إلى العنف.
إضافة إلى ذلك يكفل القانون الأمريكي لكل شخص حرية التعبير حتى وان كان مخالفا في ذلك لرأي الدولة . وفي الحقيقة يعتبر هذا مبدأ ثابتاً في القانون الأمريكي لا يختلف فيه اثنان ، وقد تم تضمينه في التعديل الأول من الدستور الأمريكي.
إن محاولات الحكومة لتثبيت التهمة وتجريم السيد الحصيّن بأعمال يدعى انه قام بها أمر يخالف الدستور ويناقض أحكامه. هذه التصريحات وغيرها من شهادات زملاء سامي وجيرانه الأمريكان خير شاهد على براءته من كل التهم المنسوبة إليه.
مواقف وطنية مشرفة
المهندس سامي بن عمر الحصيّن كان له مواقف وطنية وإسلامية كثيرة أثناء دراسته في الولايات المتحدة الأمريكية. حيث شارك في نشاطات مختلفة في سبيل تصحيح المفاهيم الخاطئة عن الإسلام وكذلك عرض الوجه المشرق لوطنه الحبيب (المملكة العربية السعودية). فعندما التحق سامي بجامعة إيداهو لم يكن هناك في منظمات طلاب الجامعة أي تواجد سعودي, فسعى سامي بالتعاون مع الملحقية الثقافية السعودية بواشنطن إلى إنشاء منظمة الطلاب السعوديين بجامعة إيداهو، وقد ترأسها في الفترة من 2000 - 2001م كانت المنظمة وسيلة للمشاركة في مناشط الجامعة وعرض ما يمكن عرضه عن المملكة من خلال كل نشاط تقدمه الجامعة للطلاب والزوار.
وكانت أحداث 11 سبتمبر هي المحك الذي أظهر وطنية الطلاب السعوديين، فترأسهم سامي الحصيّن في وقت اشد ما يكون على الطلبة السعوديين، وبتوفيق من الله ثم برئاسة سامي ومجهود زملائه تم إنشاء معرض خاص داخل الحرم الجامعي وعلى شرف محافظ مدينة موسكو بولاية إيداهو عن المملكة العربية السعودية، وذلك بعد أحداث سبتمبر بأسبوع واحد فقط ليعرض الوجه الحقيقي عن المملكة وليس كما صوره الإعلام الأمريكي، وقد قامت السفارة السعودية بدعمه دعماً كاملاً من جميع الأوجه، مما ساعد على نجاحه وفاعليته.
بعد هذا المعرض توجه الإعلام في ولاية أيداهو إلى سامي حيث أجريت معه عدة مقابلات نبذ فيها سامي استخدام العنف ودافع عن بلاده المملكة وعن الإسلام ، وأوضح مفاهيم الدين الإسلامي الصحيحة المتسامحة ومفهوم الجهاد كما حدده الإسلام مستنداً في ذلك إلى أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ومنهجه وسيرة الصحابة الكرام ؛ مما نال استحسان المجتمع في موسكو وكذلك المجتمع الإسلامي.
لم يكن المسلمون فقط من شكر سامي على مجهوده بل شهد بذلك العديد من القيادات العلمية الأمريكية مثل الدكتورة ديبرا (عضو هيئة التدريس بقسم الحاسب في أيداهو) أثناء محاكمته الأولية، أبدت شكرها لعبارات سامي التي أرسلها إليها بعد أحداث سبتمبر وتعاطفه مع المجتمع الأمريكي وعلى تبرعه بالدم لضحايا أحداث سبتمبر.
بالإضافة إلى الدكتور جون ديكنسن (المشرف على رسالة الدكتوراه) الذي سافر هو والدكتورة ديبرا إلى عاصمة الولاية لحضور جلسة محاكمة سامي ومساندته والشهادة له.
و(الجزيرة) تنفرد بنشر خلاصة قضية سامي الحصيّن المثارة حوله زوراً وبهتاناً. تم إلقاء القبض عليه بتاريخ 25-12-1423هـ الذي يوافقه 26-2-2003م وأودع سجن (أيد كانتي جيل)، وفي هذا السجن كانت يتمتع بقدر من الحرية، ورفعت الحكومة الأمريكية قضية ضده أمام المحكمة الفدرالية، وقد تضمنت لائحة الادعاء توجيه إحدى عشرة تهمة إليه، سبع تهم تتعلق بدعوى مخالفة مواد في نظام الإقامة واربع تهم بدعوى مخالفات تتعلق بالإدلاء بمعلومات غير صحيحة ، وكل هذه التهم الإحدى عشرة تدور حول أنه قام بالإضافة إلى الدراسة بممارسة نشاطات أخرى ولم يوجه إليه أي اتهام بأن أي نشاط منها هو في ذاته مخالف للقانون.
- نظرت المحكمة الفدرالية قضيته بتاريخ 11-3-2003م ، وبعد جلستي نظر اصدر القاضي أمراً بإطلاق سراحه بدون كفالة مما يدل على قناعة المحكمة بسلامة موقفه، وعدم وجود ما يبرر إيقافه، لكن ممثل الحكومة الأمريكية قدم معارضة من إدارة الهجرة، فلم ينفذ أمر القاضي وحدد موعد للنظر في معارضة إدارة الهجرة يوم 20-3- 2003م.
- بتاريخ 24-3-2003م نقل من سجن (أيدا كانتي جيل) إلى سجن (كانيون كانتي جيل) وتميز هذا السجن الأخير بقيود مشددة عليه، حيث لا يخرج من الحبس الانفرادي في زنزانة صغيرة إلا ساعة في اليوم عدا يومي السبت والاربعاء فلا يخرج أبداً.
وبتاريخ 1-4-2003م بعد مراجعات أعيد إلى مكان احتجازه السابق، وتنفس شيئاً من الراحة، ولكن بتاريخ 3-4-2003 أعيد إلى سجن (كانيون كانتي جيل) وهذا الإجراء يمكن تصنيفه ضمن سلسلة إجراءات لإثارة أعصابه ولا يزال في هذا السجن حتى تاريخه. لكن بعد طول إقامة، ومراجعات عدة سمح له بالخروج يومياً، لمدة ساعة فقط لقضاء كل التزاماته، وخففت بعض القيود المفروضة عليه، علماً انه لا يستقبل زائريه إلا من خلال نافذة زجاجية لا تتجاوز مساحتها ( 30في 30سم) ووسيلة الاتصال هي الهاتف، ولا تزيد مدة الزيارة بأي حال من الأحوال عن ساعة واحدة فقط وبحد أعلى مرتين في الأسبوع.
- سبق أن حدد موعد لجلسة محكمة الهجرة يوم 20-3-2003م، ثم تم تأجيلها بطلب من ممثل الحكومة إلى يوم 1-4-2003م وبعد افتتاح الجلسة طلب ممثل الحكومة تأجيلها إلى يوم 25-4- 2003م فوافقت المحكمة.
- ما حدث يوم 25-4-2003م أثناء جلسة محكمة الهجرة، المعقودة لسامي، فك الله أسره، أمور ملفتة للنظر وتتلخص في الآتي:
(أ) صرف الموضوع، عن جلسة للنظر في إطلاق سراحه إلى أمور لا علاقة لها بما حددت الجلسة من أجله مثل الادعاء أن إقامته غير نظامية.
(ب) ما تعرضت له زوجته من سحب جوازها وأولادها، ومطالبتها بالمغادرة هي وأولادها، وإشعار سامي أثناء الجلسة باحتجازها لتسفيرها، مما ترتب عليه عدم قدرته على مواصلة الجلسة.
(ج) تأجيل موعد الجلسة القادمة أربعين يوماً، مما ترتب عليه إطالة بقائه في السجن.
- وقد تحدد يوم 4-6-2003م موعداً لجلسة النظر فيما ادعته إدارة الهجرة وإمعاناً من إدارة الهجرة في مضايقته، تردد الموقف بين تأجيل الجلسة وتنفيذها، وأخيراً عقدت الجلسة في الموعد المشار إليه، وصرف الأمر عن النظر في أمر تنفيذ الحكم الصادر بإطلاقه (حتى ولو بكفالة) إلى إصرار إدارة الهجرة على الحكم بعدم نظامية إقامته وترحيله، مع إبقائه في السجن حتى انتهاء القضية الثانية من قبل المحكمة الفدرالية والتي لم يحدد موعد لجلستها في ذلك الوقت وهو ما تم فعلاً.
- حدد موعد لمحاكمة زوجته من أجل تسفيرها يوم 17-4-1424هـ الموافق 17-6-2003م. وعقدت الجلسة، وأجل البت إلى موعد آخر، في شهر رمضان المبارك عام 1424هـ وقد عقدت الجلسة في موعدها المحدد، وتقرر مغادرتها وأولادها خلال 120 يوماً من تاريخ عقد الجلسة.
والدافع لهذا الموقف (غير الإنساني) من قبل الحكومة الأمريكية، هو الضغط النفسي على سامي وتضايق السلطات الأمريكية، من نشاط زوجته، وما نتج عن نشاطها ووجودها وأطفالها من تعاطف الشعب الأمريكي، وقد عادت زوجته وأولاده فعلا في مستهل شهر ذي الحجة لعام 1424هـ وحرم من زيارتهم له كما حرموا هم.
وبعد: فليس أغرب من هذه الإجراءات إلا الطريقة التي تم بها القبض عليه إذ شارك فيها مائة وعشرون جندياً أحاطوا بالمنزل الذي يسكنه وظلوا محيطين به من بعد منتصف الليل حتى الساعة الثامنة صباحاً، ثم نظمت حملة إعلامية مكثفة امتازت بحجمها وزخمها (علماً أن القبض عليه تم الساعة الرابعة قبل الفجر).
وان الغموض الشديد يحيط بهذا التصرف والهدف الحقيقي منه غير واضح ولا سيما بعد أن يلاحظ أن التهم الموجهة إلى سامي يمكن أن توجه إلى أي طالب أجنبي جاد دوّن في طلب إقامة في الولايات المتحدة الأمريكية أنه يقيم بغرض الدراسة.
إذ إن أي طالب جاد وغير خامل لابد من أن يكون له مع دراسته نشاطات جانبية رياضية أو اجتماعية أو خيرية تطوعية، والنشاطات التي نسبت لسامي لا تخرج عن هذا النوع من المناشط.
ا _ وقد حددت جلسة المحكمة الفدرالية يوم 28-11-1424هـ، الذي يوافق (20 يناير 2004م) وقبل موعد الجلسة بأقل من عشرة أيام، تقدم الإدعاء مدعيًا انه يدعم الإرهاب، الأمر الذي أدى إلى تأجيل موعد الجلسة إلى يوم الثلاثاء 23 - صفر - 1425هـ الذي يوافق 13- 4-2004م.
علماً بأن سامي تعرض لمضايقات ومحاولات الحصول منه على اعتراف بأمور لا علاقة له بها.
من هنا يتبين سلامة موقف المهندس الحصيّن وبراءته وعدم قيام أي دليل يبرر أي إجراء اتخذ من قبل السلطات الأمريكية .
|