* عمان الجزيرة - خاص :
توقع اقتصاديون أردنيون ان تساهم الاجراءات التي اتخذتها الحكومة بتنفيذ حزمة رفع الأسعار للمشتقات النفطية وزيادة النسب الضريبية للضريبة العامة على المبيعات بتراجع للطلب الكلي في الاسواق المحلية بالاضافة إلى ارتفاع في مستويات تكاليف المعيشة نتيجة تراجع القدرة الشرائية للمواطن مما يعكس انخفاضا في معدلات دخول الافراد على الرغم من الزيادة التي أدخلت على الرواتب الشهرية للموظفين.
وقلل محللون من الاثر المباشر للزيادة في رواتب الموظفين والتي تراوحت بين (5- 10) دنانير شهريا أي بنسبة تراوحت بين 2% - 5% من الدخول الشهرية، بينما تراوحت الزيادة في الأسعار بين 5ر8% - 10% مع الاشارة إلى ان دخول الافراد تعاني اصلا من تآكل متراكم منذ سنوات عديدة وباتجاه معاكس لارتفاع تكاليف المعيشة دون ان يطرأ عليها أي تعويض لمواجهة ارتفاع الأسعار مما ساهم ذلك في اضعاف القدرة الشرائية للمواطن. كما توقع اقتصاديون ان يرتفع الرقم القياسي لتكاليف المعيشة أي نسبة التضخم من 3% خلال العام الماضي إلى نسبة 6% للعام الحالي.
وتوقع المحلل الاقتصادي الدكتور هاني الخليلي في حديث ل(الجزيرة) ان تشهد الحركة التجارية في الاسواق المحلية تراجعا وهبوطا في النشاط التجاري إلى ان يستوعب المواطن الاثر الذي احدثته حزمة رفع الأسعار وزيادة ضريبة المبيعات والتي جاءت متزامنة في وقت واحد مما ادى إلى حالة من الاحباط لدى افراد المواطنين مشيرا إلى انه مما زاد الامر صعوبة استغلال فئة من التجار برفع اسعار العديد من السلع متخذين من القرار الحكومي غطاء لذلك.
ودعا الدكتور الخليلي هذه الفئة من التجار ان يعكسوا الزيادة الحقيقية للسلع التي تناولها القرار الحكومي في هذا الصدد كما شدد على ضرورة احكام الرقابة الحكومية على الأسعار وبحيث لا يترك المستهلك تحت رحمة آلية السوق ضمن غطاء العرض والطلب، كما توقع ان يستوعب المواطنون هذه الزيادة في حال تطبيقها بصورة واقعية وحقيقية وبشيء من العدالة، لكن ذلك قد يستغرق وقتا.
وتوقع الدكتور الخليلي ان يكون الاثر المباشر لهذه الزيادة في الأسعار وخلال الفترة الانتقالية الحالية نتيجة الاثر السلبي التي سوف تعكسه هذه الزيادة في الأسعار على حالة السوق التجاري المحلي وتراجع الطلب وانخفاض القدرة الشرائية للمواطنين، ودعا إلى ضرورة اللجوء والتركيز على جذب الاستثمارات الخارجية وتشجيع الاستثمارات المحلية وتحريك الفعاليات الاقتصادية وحفز الطلب الكلي بدلا من اللجوء لرفع الأسعار وزيادة العبء الضريبي والتي قد تعطي نتائج ومؤشرات اقتصادية سلبية، لافتا إلى ان الحل الامثل لرفع مستويات الدخل والتصدي لمشكلتي الفقر والبطالة يكمن بجذب المزيد من الاستثمارات وتحقيق معدلات نمو اقتصادي مرتفعة.
إلى ذلك توقع الاقتصادي الدكتور منير حمارنة ان يرتفع معدل التضخم لهذا العام بنسبة تقارب ال (6%) في ظل موجة ارتفاع الأسعار وتزايد معدل العبء الضريبي مشيرا إلى ان حزمة الاجراءات الاخيرة من شأنها ان تؤدي إلى تراجع في الطلب الكلي وضعف في القدرة الشرائية للمواطن، إلى جانب ارتفاع تكاليف الانتاج المحلي مشيرا إلى ان ذلك يعطي مؤشرات محتملة للانتقال إلى حالة من الكساد الاقتصادي لافتا إلى ان حزمة الاجراءات هذه ستؤدي ايضا إلى تراجع المستوى المعيشي للمواطن في ظل تزايد نسبة التضخم بصورة تفوق نسبة النمو الاقتصادي السنوي مما يعني تآكل متوسط دخل الفرد الذي يعاني بالأصل من سوء في التوزيع وبما يزيد من حدة المشاكل الاجتماعية وفي مقدمتها ارتفاع نسبتي الفقر والبطالة.
ومن جهته قلل المحلل المالي اياد شعبان من التأثير المباشر للزيادة في رواتب الموظفين في ظل تزايد الأسعار والنسب الضريبية وتوقع ان تتأثر الدورة الاقتصادية سلبيا نتيجة حزمة الاجراءات المتخذة وبما يؤثر سلبا على كلفة الصناعات المحلية وتكاليف الانتاج بشكل عام مما سيلقي ذلك بظلال ثقيلة على المستهلك نفسه مشيرا إلى ان مستويات الأسعار كانت اصلا تعاني من ارتفاع ملحوظ بسبب ارتفاع اسعار صرف اليورو والعملات الرئيسية الاخرى والتي انعكست بصورة مباشرة على ارتفاع فاتورة الاستيراد من الخارج ومن ثم جاءت الاجراءات الاخيرة لتزيد من تفاقم الوضع بالنسبة لمستويات الأسعار وبما يثقل كاهل المستهلك.
وانتقد المحلل المالي شعبان بعض الفئات من التجار الذين استغلوا هذا الوضع كذريعة لرفع اسعار الكثير من السلع والمواد الغذائية التي لم تطلها الاجراءات الحكومية وطالب بتشديد الرقابة الحكومية في هذا المجال كما طالب مؤسسات القطاع الخاص ان تحذو حذو الاجراء الحكومي بزيادة رواتب العاملين في القطاع الخاص لمواجهة موجة الغلاء في تكاليف المعيشة.
ومن جانبه اعتبر الخبير الاقتصادي طلال حلواني ان القرار الحكومي برفع الأسعار والنسب الضريبية قرار غير مرّحب به على مستوى المواطنين واعتبر توقيت تنفيذ القرار بأنه غير مناسب، موضحا انه يتعين اولا ان يتم استكمال اعادة هيكلة الاقتصاد المحلي واستكمال حزمة التشريعات المتعلقة بتشجيع الاستثمارات المحلية وجذب الاستثمارات الخارجية وتحقيق معدلات نمو اقتصادي تفوق في معدلها نسب النمو السكاني ونسب التضخم والحد من مشكلتي البطالة والفقر ومن ثم يأتي القرار الحكومي برفع الأسعار حين يكون المواطن قادرا على استيعابها وتحملها.
واشار الخبير الاقتصادي الحلواني إلى ان تطبيق حزمة اجراءات رفع الأسعار وزيادة الضريبة جاءت ضمن مفهوم الجباية اكثر منه كمفهوم التصحيح الاقتصادي الذي يجب ان يرتكز اصلا على جذب الاستثمارات الخارجية وتشجيع الاستثمارات المحلية واستكمال تحديث القوانين الاقتصادية الاخرى كقانون الشركات والقوانين الضريبية.
ولفت الحلواني إلى ان رفع اسعار المشتقات النفطية ومواد النفط سينعكس سلبا على كلفة الانتاج المحلي ليشمل كافة المجالات الصناعية والنشاطات الاقتصادية وقطاع الخدمات التي تعتمد في التشغيل على المواد النفطية إلى جانب انعكاسها على المواطن نفسه
|