عندما نتحدث عن مجتمع ما فلا بد لنا أن نعي أهمية الترابط والتكامل بين مؤسسات المجتمع المدنية وغير المدنية لتحقيق الاستقرار الحياتي بمجالاته المختلفة لأبناء هذا المجتمع، وعندما تبدأ شرارة الأحداث الشاذة عن الطبيعة المقبولة يبدأ الجميع في السؤال عن ماهية المسئول أو المسئولين عن هذه الأحداث وحدود المسئولية التي تقع على عاتق كل طرف من الأطراف؟ ونحن في هذا المجتمع الذي اعتاد الحياة المستقرة لا بد لنا أيضاً أن نتساءل عن الأدوار التي كان من الواجب عملها لتلافي المسببات الرئيسية التي دفعت ببعض أبنائنا للعمل في إطار لا يتناسب والإطار المجتمعي الذي تقره مكونات المجتمع المختلفة.
فمن اللازم علينا أن نبحث في طبيعة الدور إلى تقوم به المؤسسات التربوية لنتعرف على الأسباب التي جعلت لبعض هذه المؤسسات دوراً لتلقي المعلومة المجردة من الحس التربوي حتى صارت المخرجات لا تحمل من منطلقات ومرتكزات المجتمع السعودي سوى القليل الذي لا يكفي لحماية هذه المخرجات من الموجات الشرسة التي تستهدف النيل من أمن واستقرار المجتمع السعودي.
ومن اللازم أيضاً مناقشة دور الأسرة التي يقع على عاتقها مسئولية تزويد الفرد السعودي بأخلاقيات وسلوكيات تتفق مع المنطلقات الرئيسية للمجتمع لنتعرف على الأسباب التي حدت من دور هذه الأسرة حتى صارت في بعض صورها مجرد مقر للمبيت الليلي ليس له من طعم الأسرة سوى الرابط الجغرافي.
لقد كان الرادع الاجتماعي في فترات مضت يمثل أهم الحواجز التي تحول دون ارتكاب الجريمة ودون الاقتراب من الأعمال المشينة التي لا يقرها المجتمع المحيط ولكن مع انحسار دور الأسرة لم يعد لهذا الرادع دوراً مؤثراً في مجال المحافظة على مقومات الاستقرار المجتمعي المختلفة. وعندما نناقش مسئولية المؤسسات المجتمعية فلن يغيب عن أذهاننا طرح السؤال المهم الذي يتعلق بانحسار دور المسجد في حياة الفرد السعودي بعد أن كان في السابق يمثل المنارة التي يتلقى منها هذا الفرد كل المثل الدينية والاجتماعية وبعد أن كان في السابق يمثل الرابط الأهم بين أفراد المجتمع المحيط.
لقد اختلفت أدوار هذه المؤسسات ومعه اختلفت معطيات الاستقرار المجتمعي وهذا يكفي لإقناع الجميع بضرورة مراجعة واقعنا وواقع تلك المؤسسات حتى نصير لي مستقبل لا نعاني فيه من اختلالات أمنية وفكرية واجتماعية ولا نحتاج معه إلى تكثيف الجهود لمحاربة النتائج والتداعيات السلبية التي تترتب على عدم قيام تلك المؤسسات بدورها الشرعي والمجتمعي.
إشارة: استشعاراً لأهمية مثل هذه العلاقة بين المؤسسات المجتمعية والأمنية، تنظم كلية الملك فهد الأمنية في هذه الأيام ندوة علمية متخصصة تتناول واقع هذه المؤسسات والرؤى المستقبلية حول ما يجب ان تكون عليه وكل ما نتمناه هو أن تفلح الجهود العلمية في إقناع صانع القرار من خلال التوصيات العلمية والعملية التي تتجاوز حدود التنظير إلى ملامسة الواقع بشفافية ومنطقية علمية عالية.
|